الحديث عن خيانة امرأة.. لابد أن يكون البطل فيها رجلا! لكن الرجل الخائن يتسامح معه المجتمع.. ويغفر له.. ويغض البصر عنه.. و نفس المجتمع لا يغفر خيانة المرأة سواء ارتكبت الخيانة بإرادتها أو أجبرتها عليها الظروف.. فالناس يعتبرون أن مبررات الخيانة نوع آخر من.. الخيانة! وهذا المجتمع نفسه وفي الوقت الذى يطالب فيه للمرأة بأقصى العقاب وينعتها بأحط الصفات ويصب عليها اللعنات، لم يصف رجلا خائنا بأنه رجل ساقط! لست أدافع عن الخيانة! .. ولا عن الخائنات! لأننى امرأة ذاقت طعم الخيانة.. وكانت يوما بين أحضان رجل بينما هى فى عصمة رجل آخر.. بكيت ليلتها مثل معظم الخائنات اللاتى لا يوجعهن ضميرهن إلا بعد أن يقع المحظور ..إنها أصعب لحظة يمكن أن تمر على امرأة.. لحظة إتمام الجريمة التى يغتال فيها شرف الزوج.. تلك اللحظة التى يسقط فيها اسم الخائنة من قائمة الشرف!.. لكن ما هى اللحظة التى تستحق فيها المرأة وصف الخائنة؟!!.. هل هى اللحظة التى تفكر فيها فى الخيانة.. أم لحظة اتخاذ القرار.. ؟!.. أنا شخصيا لم أشعر بأنى خائنة إلا حينما أصبحت بين أحضان رجل لا تربطنى به صلة شرعية.. وقد شعر كل منا بدرجة الحرارة فى جسد الآخر. لقد هربت من بيت الزوجية.. دون أن تخطر لى الخيانة ببال.. صدقت الكابتن جلال ولم أتصور أن خداعه بى سيجعل منه أول رجل يدربنى على الخيانة ويغسل جسدى بعرقه! ذهبت معه الى شقته التى أوهمنى أنى سأعيش فيها بمفردى حتى يعود صديقه المنتج من سفره.. لكن جلال الذى طلب منى أن أناديه باسمه المجرد فى طريقنا إلى الشقة لم يبرحها بعد وصولنا .. وكان مستحيلا أن اطرده من بيته! نسيت أن أبلغك من هو الكابتن جلال ؟؟ هو بطل مصر السابق فى إحدى اللعبات العنيفة .. كان مرشحا لبطولة عالمية لولا انخراطه مع اصدقاء السوء فى ليالى الهوى والمخدرات التى انتهت بسحب اللقب منه وانزواء الأضواء عنه .. كان جيرانى فى الحى الشعبى الذى اسكنه يتباهون به حتى بعد فضيحته ! وكان هو حريصا على تقديم الخدمات لهم حتى يحتفظ بمكانته بينهم .. وساعدته الظروف بعد أن عمل مديرا لأعمال أحد الأثرياء الكبار الذى دخل مجال الانتاج السينمائى حديثا ! .. أما أنا فقد نشأت فى نفس الحى .. كنت اجمل بنات الحى واكثرهن تعاسة .. عشت سنوات فى جحيم زوجة أبى التى باعتنى فى النهاية لأحد عواجيز الحى .. زوجتنى له لأقوم بتمريضه وخدمته ! .. ويبدو أن العجوز اجتهد بكل قوة ليعيد شبابه ولو لليلة واحدة .. لكنه كان يفشل بجدارة فينهال علىّ ضربا ! .. سنوات عمرى كادت تضيع ففكرت فى الانتحار ثم تراجعت .. قررت أن أذهب لجلال هذا ليبحث لى عن عمل أتعيش منه وأوفر أيضا ايجار مسكن يأوينى بعد أن احصل على الطلاق !! .. ورحب بى جلال وقدمنى لرجل الاعمال الكبير الذى بالغ هو الآخر فى الترحيب بى ثم صاح فى وجهى يعيب عدم طموحى لأنى مؤهلة للنجومية !!! .. ووعدنى بأن يكون أول من يكتشفنى وطلب منى الا افكر فى الوظيفة أو السكن لأنها امور سيوفرها لى فور عودته من أوربا بعد اسبوعين ! .. عدت إلى بيت زوجى اطير من الفرحة طيرا وقد عادت لى ثقتى فى نفسى وبدأت احلم بالنجومية والبعد عن الفقر والذل ! .. ومع أول مشاجرة ضربنى فيها زوجى العجوز هربت من البيت واتصلت بالكابتن جلال فطلب أن اقابله فورا .. مسح دموعى ونهرنى لأنى طلبت منه أن يستأجر لى حجرة فى أى فندق .. وبكل مظاهر الشهامة صاح يؤكد لى أن شقته تحت امرى حتى يعود رجل الأعمال من سفره !! شكرته ومضيت معه ودموعى فوق خدى ! كان فى الطريق قد اشترى أشياء لم أركز فيها طويلا.. كنت شاردة فى مصيرى بعد رحلة الهروب من بيت زوجى العجوز.. كل الاحتمالات أمام عينى سوداء.. سوف يلحق بى العار.. قد يبلغ عنى زوجى الشرطة وأجد نفسى نزيلة سجن النساء الذى أسمع عنه فينقبض قلبى.. قد يتهور زوجى ويقتلنى.. أدركت أنه يجب أن أتعامل مع كل ليلة من ليالى الهروب وكأنها آخر ليلة فى عمرى! داخل الشقة عرفت أن بعض ما اشتراه جلال كان عشاء فاخرا.. وزجاجة خمر.. وبعض علب السجائر!.. جلس الى جوارى على مائدة العشاء.. شاهدت وأكلت أنواعا من الأسماك لم أرها ولم أتذوقها فى حياتى حتى هذه الليلة.. كنت أنتظر أن يتركنى ويذهب هو لينام فى أى مكان آخر .. لكنه فجأة خلع قميصه.. وسرقنى جسده من الهواجس التى كانت تطاردنى.. شغلنى شعر صدره الغزير عن أفكارى السوداء.. تأملته فى انبهار كإنسان جائع وجد نفسه فجأة أمام أحد المطاعم الكبرى.. بدأت انهار تدريجيا رغم كل محاولاتى للتظاهر بأنى عنيدة وصعبة المراس.. شدتنى عضلاته التى تبدو محفورة فى أماكن عديدة من جسده.. وقد صارحنى وصارحته فيما بعد بحقيقة مشاعرنا فى تلك اللحظة.. كنت مبهورة بشبابه.. وكان مبهورا بجمالى.. وكان كلانا مبهورا بصدر الآخر.. صدر البطل الذى سحر عينى.. وصدر الأنثى الذى سلبه إرادته!.. وراح يصب كئوس الخمر ويغرينى على تدخين السجائر.. نجح فى إقناعى بأن مستقبلى ونجوميتى فى السينما يتطلبان منى إجادة أشياء كثيرة كالرقص والتدخين وشرب الخمر والثورة على كل التقاليد الرجعية! لم أناقشه طويلا فالمرأة إذا رفعت راية الاستسلام.. لا تهتم بالمفاوضات!.. دارت رأسى بعد الكأس الثانية والسيجارة الثالثة.. فقدت اتزانى الجسمانى.. لكنى لم أفقد الوعى.. كنت أشعر بكل ما يدور حولى ومنى ومنه.. لكنى كالمسلوبة الإرادة أو المنومة مغناطيسيا.. حملنى كالريشة فوق ذراعيه.. دخل بى حجرته.. كان واضحا منذ النظرة الأولى أننى لم أكن أول امرأة تزورها.. كنت واثقة أن نساء كثيرات نزلن بهذه الأرض من قبلى.. ونساء كثيرات سوف ينزلن عليها من بعدى.. لكنى أحسست بشعور كاد ينغص على تلك اللحظة.. تصورت أننى سأكون الزوجة الوحيدة التى أتت إلى هنا لتخلع ثوب العفة.. كان يؤلمنى اعتقادى الراسخ بأن العاهرة أكثر شرفا من الخائنة.. فالعاهرة على إطلاق الوصف تعنى امرأة ساقطة.. أما الخائنة فهى حالة خاصة جدا من السقوط.. فالخائنة وصف لا يلحق إلا امرأة متزوجة! كان العناق بيننا طويلا.. ومثيرا.! ومشجعا على المزيد من التنازلات . الغريب أنه حتى تلك اللحظة لم أعتبر نفسى خائنة.. لا أدرى لماذا؟!.. والأغرب أننى حاولت المقاومة رغم أن قواته احتلت معظم جسدى .. تراجعت خطواتى فى شكل من أشكال الاحتجاج.. لكنه كان احتجاجا غير مؤثر مثل احتجاجات العرب فى المحافل الدولية!.. ولم تمر غير لحظات حتى وجدت نفسى أساعده فيما يريد .!. قبلاته كانت أشبه بالغارات التى تستسلم معها كل جيوب المقاومة .. المعركة لم تعد متكافئة إلى أن سقطت أغلى المدن وأكثرها بعدا ! لحظات لم أشعر بها إلا وأنا انتهى منها.. كانت وجبة فاخرة وجدها جائع فى طريقه.. لكنى أحسست بأنها وجبة مسمومة حينما بدأت فى هضمها!.. أعترف أننى وددت لو قتلت هذا الرجل حينما كنت أستعد للرحيل مع إشراقة النهار الأولى.. وددت لو أمحو هذا الرجل من الوجود بعد أن أطلق سراح أنوثتى من كل معاقلها.. ومنحها مفاتيح التمرد.. وحذرها من أن تتكاسل عن نيل حقوقها!.. ووددت لو أنهيت عمره وهو الذى بدأ معه عمرى كأنثى!.. تحسست الفراش وودت لو أنى أحرقته حتى لا يظل شاهدا على أنى وجلال قتلنا زوجى العجوز فوقه ثلاث مرات فى ست ساعات!.. وددت لو كان بمقدورى أن اهدم الشقة والبيت الذى دخلته وأنا زوجة وصرت فيه جارية.. دخلته وفى حياتى رجل واحد ظالم وسوف أخرج منه وفى حياتى رجل آخر مخادع! نعم ذهبت بقدمى! وتورطت بإرادتى! لكن من حقى أن ألعن نفسى.. وأقيم فوق كل سرير فى العالم سرادق عزاء يواسينى فيها الناس على ما ضاع منى.. وعلى عقاب الآخرة الذى ينتظرنى !! كان جلال ذئبا صريحا.. لا يخفى فجوره ونذالته.... صارحنى انه أراد أن يكون له شرف البداية كأول رجل يغزو دولتى المليئة بالكنوز.. فهو يعرف أن صديقه المنتج سوف يقع فى غرامى لشوشته.. وربما يخاطفنى الأقوياء والأثرياء بعد أن أطلقت لنفسى العنان وهربت من بيت زوجى!.. كان يحدثنى بالوعد والوعيد.. هددنى بأن يدمرنى لو أنى لعبت بذيلى.. حكى لى عن كل نقاط ضعف صديقه المنتج.. فهو رجل أعمال طيب القلب بشكل غير مسبوق.. حسن النية بلا حدود.. يعشق النساء ويسيل لعابه أمام الجميلات، ومن أجل هذا استثمر بعض أمواله فى الوسط الفنى والإنتاج السينمائى.. لم يحقق نجاحا ملحوظا فى أفلامه.. لكنه ظفر ببعض الليالى التى كان يحلم بها! شدتنى هذه الأوصاف إلى شخصية المنتج الذى خانه صديقه لثقته فى طيبة قلبه!.. طلب منى جلال أن أظل عشيقته حتى بعد أن يقع صديقه الغائب فى غرامى أو حتى أتزوج منه !.. تظاهرت بالموافقة وإن لم أشعر بأى خوف من تهديداته. فالمرأة حينما تفقد شرفها تهون عليها كل الأشياء.. ولا تخشى من شئ! دبر لى جلال خطة محكمة للحصول على الطلاق من زوجى العجوز نفذتها بمهارة فائقة.. عدت إلى الحى الذى أسكنه.. توجهت الى كبير الحى وبكيت أمامه حتى تورمت عيناى.. استدعى حكماء المنطقة ثم أرسل الى زوجى للمثول فى مجلس العرب.. وقفت كالوحش المفترس حينما رأيت زوجى العجوز.. صرخت أمام كل الرجال أطلب الطلاق منه لأنى أحب رجلا آخر.. استفزت كلماتى زوجى فطلقنى على رؤوس الأشهاد.. أخفيت فرحتى العارمة عن الموجودين فى تلك اللحظة.. فرحت بمشاعر الحرية لأول مرة.. لم أكن سعيدة بالإنتقام من زوجى.. لكنى كنت سعيدة بأنى تخلصت من هذا الرجل الذى كان مجرد أن أتذكر اسمه يشعرنى بأننى خائنة!.. ولم يهزنى وأنا أغادر المكان ظافرة بحريتى سوى دموع زوجى التى لم أر فى حياتى أصدق منها! بدأت أتصرف كما يحلو لى ! كان يجب أن أخطط للخلاص من جلال ايضا ! المفاجأة التى لم أتوقعها أبدا و اكتشفتها بنفسى.. كانت مكالمات المنتج لجلال يسأل عنى ويطلب رؤيتى فور عودته.. وشعر جلال أن البساط سوف ينسحب من تحت قدميه .. فهو يريد الانتفاع والإرتزاق من صديقه الى الأبد.. ويريدنى – أيضا – من حريمه إلى الأبد! .. لكن من يهزم امرأة؟! قد تنهزم فى جولة.. وجولتين.. لكنها تفوز دائما فى النهاية.. إما بباقى الجولات.. أو بالضربة القاضية! نجحت فى خلع جلال من حياتى.. أوهمت المنتج السينمائى اننى مبهورة بشخصيته منذ الوهلة الاولى .. لكن بقائى فى شركته اصبح محفوفا بالمخاطر وربما قررت ترك المكان كله .. اهتز الرجل بشدة وسألنى عن السبب .. صارحته وأنا أبكى أن جلال كان يراودنى عن نفسى اثناء غيابه ويحاول فتح كل الأبواب الخلفية لينالنى! ..ثار الرجل وفقد صوابه.. كانت ثقته فى اتهامى لجلال بلا حدود.. طرد جلال شر طردة.. بل بدأ يخطط لإبلاغ بعض الجهات الأمنية عن بعض الجرائم التى يعرفها عنه!.. وهكذا انفردت بالسلطة وأمسكت بالفرصة الذهبية فى يدى.. وقررت أن أكون أو لا أكون!