مقهى الحرية ذلك المقهى الذي مازال يحتفظ بكثير من ملامح القاهرة الخديوية البداية كانت في عام 1936 حيث كان يوسف أفندي يعمل موظفا في شركة تقسيم الأراضي بالمعادي أما قريبه مرقص ميخائيل فكان يعمل محاسبا في شركة بيع أقمشة بالجملة يملكها الخواجة توليدا نو يهوى الأصل وكان أكثر ما يقلق يوسف ومرقص في ذلك الوقت هو قريب لهما يدعي نقولا عاطل وسبب للعائلة كثيرا من المشكلات والأزمات وبعد تفكير طويل استقرا على إقامة مشروع تجاري برأس مال بسيط يدفعانه هما ويقوم نقولا بإرادته. واستقر رأيهما على إنشاء مقهى واختارا محلا عنوانه 3 شارع مظلوم في باب اللوق وافتتحها فيه ذلك المقهى وأسمياه مقهى الحرية ،وكان رأس مال الشركة وقتها 350جنيها لم يسهم فيه نقولا سوى بالإدارة وبضعة جنيهات ، وبدأ العمل بالمقهى في يونيو1936. منطقة باب اللوق كانت خالية من السكان تقريبا في ذلك الوقت وميدانها كان يسمى ميدان الأزهار فيها إلا بعض الجنود الانجليز لذلك حقق المقهى خسائر فادحة في بداية افتتحاه نظرا لبعده عن العمران واستمرت هذه الحالة حتى عام 1942 ومع قيام الحرب العالمية الثانية ازداد وجود القوات الانجليزية في مصر. وكانوا يفضلون مقهى الحرية نظرا لعدم ارتفاع أسعاره وجودة مشروباته فشهد المقهى إقبالا كبيرا وتسبب تلك الشهرة الانجليزية في إقبال البشوات ورجال الشرطة والجيش والفن طريقهم لمقهى الحرية . مكان العمارة التي بها مقهى الحرية كان منزل للزعيم أحمد عرابي ومنها خرج ومعه مؤديه إلى قصر عابدين ضد الخديوي توفيق مطالبين بزيادة لأعداد الجنود وإقالة حكومة رياض باشا إلا أن بعد فشل الثورة العربية والقبض على عرابي ونفيه إلى سيلان تم هدم منزله وبناء عمارة جدية على الطراز الانجليزي وفي دور السفلي مقهى الحرية. وتميز المقهى بالعناية بأدواته ومظهر عمالة وكان ذلك سببا في شهرته خلال الأربعينيات وحتى الستينات فالأكواب والملاعق وأواني القهوة والشاي لم تكن تقل في نظافتها عن الأدوات المماثلة لها في القصور الملكية . كما أن مقهى الحرية كان قبلة للكثير من الفنانين والسياسيين منهم رشدي أباظة وأحمد رمزي وفطين عبد الوهاب وشكري سرحان وزكريا أحمد والموسيقار محمود الحفني والضباط الأحرار وبخاصة الرئيس الراحل أنور السادات والذي كان أكثر توددا إلى العمال في المقهى وقد ذكر محمد أحمد فرفلي باشا خلال مذكرته أن الضباط الأحرار اجتمعوا كثيرا في مقهى الحرية واتخذوا عدد من القرارت الهامة خلال اجتماعاتهم هناك. شاعر العامية الكبير بيرم التونسي كان أحد أشهر رواد المقهى في الثلاثيتات والأربعينات وارتبط به الكثيرون هناك من خلال صداقات ونقاشات حول السياسة والثقافة وإلقائه للشعر وكان يفضل الجلوس دائما خارج المقهى لهدوء هذا المكان من المقهى الذي يسمح له بالقراءة خاصة وأن ميدان الأزهار المقابل للمقهى لم تكن يمر به إلا القليل من المارة . ولا يتردد الآن على المقهى سوى القليل من المثقفين خاصة صباحاً ومعظمهم ارتبط بالمقهى منذ عقود أما شباب الأدباء فهم غالبية رواد المقهى ليلا واختفى الطابع الكلاسيكي الأستقراطي للمكان وأصبحت مظاهر الأبهة التي كان يتميز بها المقهى مجرد ذكري. تقرير من مجلة 360 الصورة الكاملة احدى مشروعات تخرج أكاديمية أخبار اليوم