يبدو أن أسماك "جاراروفا" الصغيرة ذات الألوان الحمراء والفضية الزاهية المبهجة قد قررت أن تجوب العالم أخيراً لتتولى بنفسها علاج مرضى الصدفية والإكزيما والكالو وتقرحات القدمين والجلد لدى البشر بدلا من مفاجات الأطباء المزعجة لمرضاهم عندما يفشلون في علاج مثل تلك الأمراض والأعراض بعد عدة جلسات علاجية مريرة يعاني خلالها المريض من الألم الشديد لأجهزة الكحت والنحت والصنفرة والحقيقة.. إن العلاج بالأسماك أصبح يأخذ طريقة الطبيعي نحو احتلال مكانة طبية رفيعة خاصة في عالم المنتجات الصحية والعلاجية على مستوى العالم ،وفي السطور القادمة مزيد من الإثارة والطرافة . وصدفة عجيبة وغريبة ومفاجئة تلك التي كشفت أهمية العلاج بأسماك الجاراروفا وبغيرها من الأسماك العلاجية عندما جرحت ساق رجل تركي عام 1917 فقام بإدلائها في نبع حار تبلغ درجة حرارته 34 درجة لتنظيف جرحه ،لكنه فوجئ بتجمع أسماك صغيرة الحجم لا يصل طولها لأكثر من عشرة سنتيمترات ،ذات فم هلالي الشكل حول قدمه المجروحة تلعقها وتقضم خلاياها الميتة بنهم وشغف، وهو ما شعر معه الرجل التركي براحة شديدة ودغدغة ممتعة في قدمه .. وكانت المفاجأة كبيرة عندما اكتشف فيما بعد أن هذه الأسماك من نوع جاراروفا العلاجية التي تتغذى على الخلايا الميته لجلد الإنسان والتي لا تقترب أبدا من أية خلايا سلمية له والتي تقوم أيضا بإفراز إنزيم جولتاثيون بروكسيديز المقوي لخلايا الجلد السليمة العامل على حمايتها من تأثير ما يعرف ب الجذور الحرة المقرحة للجلد والمهيجة له. وكانت تلك الصدفة المثيرة هي نقطة انطلاق المنتجعات التركية للاهتمام باكتشاف ظاهرة الأسماء العلاجية والبحث عن أنواعها المفيدة ومن ثم اكتشاف أسماك من نوع السمك الثرثار إلى جوار أسماك الجاراروفا وخلال العام 1963 كانت بلدة الكانجال التركية تستقبل آلاف المرضى للإستشفاء بالأسماك من أمراض عده كان أهمها الصدفية والإكزيما والروماتيزم والأضطرابات العصبية والنفسية والشلل وآلام الجسم المختلفة وخاصة الجلدية منها التى فشل الطب الإعتيادى فى علاجها.. ومن الطريف حقا أنه عندما انتقلت ظاهرة العلاج بالأسماك إلى أمريكا كان أول مافعله الكوافير الأمريكي " جون هو " في صالونه الخاص قيامه بالإستغناء عن أخصائية التجميل وإحلال أسماك للعلاج لتقوم بالمهمة مكانها خاصة وأنه اكتشف على حد قوله أن ماتفعله أسماك العلاج من تقليم الأظافر وتطهير التقرحات الجلدية والقضاء على الخلايا الميته هو أفضل مليون مرة بعيدا من يد أخصائية التجميل الممسكة بالمقصات والأمواس والأحجار الخفافة حتى ولو كانت معقمة . ومن أغرب خواص الأسماك المعالجة وخاصة أسماك الجارا روفا أنها لا تستخدم أسنانها لتطهير الجروح وعلاج التقرحات لأنها بلا أسنان فى الأصل إنما تقوم باستخدام شفتيها القويتين فى امتصاص وتنظيف المناطق المتضررة من الجلد برفق ولين ثم تفرز مادة الديترانول المطهرة من ذات الشفتين فوق الجلد فتعمل على إعادته إلى الملمس الناعم المريح وغالبا ماتستمر جلسات العلاج بالسمك الطبيب لفترة تتراوح بين 30 إلى 45 دقيقة يضع فيها المريض قدمية في حوض ممتلئ بأسماك صغيرة من هذا النوع لا يلبث بعدها إلى أن يشعر إلى جوار علاج قدميه وإزالة خلايا الجلد القديمة والميتة والتخلص من الوحمات بشكل طبيعي بالراحة النفسية والاسترخاء التام نظرا لما تسببه مداعبات الأسماك المعالجة من دغدغة طريفة ومبهجة ومشعرة بالسعادة والفرح في آن واحد.. ويرى الدكتور محمد عابد استشاري الأمراض الجلدية أن مايقوم به السمك الطبيب هو نتاج هذه الطبيعة الخلاقة التى أبدعها الخالق سبحانه وتعالى تلك الطبيعة التى تميز خلالها هذا النوع العجيب من الأسماك بحساسية بالغة فى التعامل مع خلايا الجلد الميته فمن المعروف أن سماكة البشرة الإنسانية لا تتعدى 0.2 مم وهو ماتدركة بفطرتها هذه الأسماك المعالجة فتقوم بإلتهام خلايا الجلد الميتة بشكل يسبب نوعا من النزيف الخفيف جدا والأحمرار الذى يتبعة إفرازات مطهرة وإنزيمات مرطبة وملطفة تستدمها خلايا الجلد السليمة من شفاة الأسماك المعالجة فيتم تصريف التقيحات والتقرحات ويعود الجلد إلى طبيعته الناضرة والحيوية والحقيقة إننا لا نزال فى حاجة ماسة لأكتشاف المزيد من أسرار الكائنات الحية من حولنا خاصة ماله علاقة بشفاء الأمراض والحد منها . وحول تقييمها لهذا الإسلوب العلاجى الجديد فى عالم الصحة والجمال تؤكد خبيرة التجميل اللبنانية أمال سليمان أننا فى هذه الظاهرة أمام أسلوب علاجى ممتع للغاية يخلو من آلام الجراحة ومشارط الأطبار لأنه يعتمد على كائن طبيعى خلاق وجميل وهو السمك الطبيب الذى يقوم بإستهداف تلقائى لخلايا الجلد الميتة فيلتهمها بشراهة بينما يتجنب إيذاء الخلايا الجلدية الحية وهو فى كل ذلك يتعامل مع القدمين أو أى جزء من أجزاء الجسم البشرى بوداعة وحنان يشعران الشخص المعالج بالسعادة والراحة النفسية .. وهناك جانب علاجى نفسى آخر يضاف إلى العلاج الأساسى الذى يقوم به السمك الطبيب وهو علاج مرض الصدفية الناتج عن خلل الجهاز المناعى للإنسان عجز الطب الحديث عن اكتشاف علاج له بالإضافة إلى اعادة الجلد إلى حيويته ومن ثم فأغلب المنتجعات الصحية الأن فى كل عواصم العالم فى واشنطن وباريس ولندن والقاهرة لا تخلو من أحواض خاصة بهذا النوع من الأسماك للإستشفاء الآمن والسريع من أمراض الجلد المختلفة هذا بالإضافة إلى مراكز التجميل المتخصصة التى تعتمد أيضا على هذا العلاج الطبيعى الذى يمثل متعة حقيقية لكل راغبة النضارة والصحة والجمال. تقرير من مجلة "خطوة" أحد مشروعات تخرج أكاديمية أخبار اليوم