قال مؤسس التيار الشعبي حمدين صباحي أن مصر في حالة قلق هائل، وأنها تشهد حالة تدافع بين قوي وأفكار ومصالح ومشروعات، وانه على ضوء هذا التدافع والصراع سيتحدد مصير مصر وثورتها، قائلا أن المشهد الحالي هو ثورة لم تكتمل، وانها تواصل سعيها الى الاكتمال. جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في الجلسة الثانية للندوة التي نظمتها جريدة (المصري اليوم) حول مستقبل مصر تحت عنوان (مصر إلى أين) وذلك في الذكرى العاشرة لإصدار الجريدة . وان الفرز فى مصر الان قائم على اساس قوى تسعى لاكتمال الثورة وقوى اخرى تناور بالثورة وترتد عنها ولا تريد اكمالها ، مشيرا لان هناك انقسام حاد وعميق بين القوى السياسية وايضا فى المجتمع رغم ان ثورة يناير ابرزت وحدة المصريين مع تنوعهم ومع ذلك فان السلطة قسمتهم ولم تعبر عن الثورة او تحقق اى من اهدافها او تقدم اى انجاز يطمئن المصريين ، فضلا عن مسئولية هذه السلطة عن اخفاقها فى تحقيق توحد وطنى حول مشروع حقيقى يعبر عن جموع المصريين . وأوضح صباحي ان النظام الحالى انتكس بالديمقراطية التى سعى لها المصريين بثورتهم ، مستعرضا على سبيل المثال جريمة الاعلان الدستورى ، وانتهاكات حقوق الانسان ، والعنف ضد المتظاهرين ، وعودة زوار الفجر ، واعتقال وسجن شباب الثورة ، والتعذيب للنشطاء ومن بينهم الشهيد محمد الجندى الذى قدم التحية لروحه فى ذكرى ميلاده اليوم .. فضلا عن تغول الاخوان فى السلطة وسعيهم للهيمنة والاستئثار بها والسيطرة على مؤسسات الدولة وجهازها الادارى واقصائهم لكل الشركاء فى الحركة الوطنية وفى ثورة يناير . واضاف ان نفس السياسات الاقتصادية والاجتماعية لنظام مبارك لا تزال قائمة فى سلطة الاخوان ، ولا يزال التحالف بين الثروة والسلطة ، ولا تزال اسس الاقتصاد الريعى لا المنتج هى التى تحكم ، وان كل ما جرى هو استبدال نخبة ورجال النظام الاقتصادى لمبارك بنخبة ورجال نظام الاخوان مع استمرار نفس السياسات ، مع غياب كامل لتقديم سياسات تقترب من تحقيق العدالة الاجتماعية التى كانت اهم شعارات الثورة . اما على صعيد السياسات الخارجية ، قال صباحى ان سياسات مرسى تسببت فى تزايد مخاطر الامن القومى والعربى وتفقد مصر فرصتها فى استادة دورها القائد فى امتها العربية وقارتها الافريقية ومحيطها الاقليمى والدولى ، واعادت انتاج التبعية لامريكا ولم تقدم اى سياسات تعبر عن الاستقلال الوطنى . وقال صباحى ان الموقف من جماعة الاخوان لا يقوم على تاريخهم ومواقفهم السابقة وانتمائهم الفكرى رغم استناد بعض الى ذلك ومنطقه ، وانما بالاساس لادائهم الفاشل والعاجز فى السلطة وتسببهم فى اجهاض احلام المصريين واختطافهم للثورة . ووجه حمدين التحية لحملة تمرد التى تحولت الى ظاهرة شعبية واسعة ، مؤكدا ان هذا تأكيد على حيوية الشعب المصرى وان طاقة الثورة لديه التى بدات فى 25 يناير لم تستنفذ وان المصريين سيكملون ثورتهم ويضعونها على المسار الصحيح لتحقيق كامل اهدافها ، مؤكدا ان احتشاد المصريين السلمى يوم 30 يونيو المقبل هو موجة ومرحلة جديدة تكمل ما بدأته ثورة يناير . وقال صباحى انه بحسب حجم انجاز الاحتشاد الشعبى فى موجة 30 يونيو وقدرته على تحقيق اهدافه سلميا سيتحدد بشكل كبير شكل ودور مصر فى المرحلة المقبلة ، مشيرا لأن الانقسام الحاد فى مصر الآن لا بد ان يحاط ببعض القيم الحاكمة ، من بينها ان الصراع ليس على الاسلام كدين ولا حتى مع كون هناك قوى تنتمى لفكرة الاسلام السياسى وانما بين الشعب وقواه الوطنية مع سلطة تنتكس ضد الثورة واهدافها ، وانه لا ينبغى ان يمتد هذا الصراع ليجمع قوى اسلامية اخرى مثل السلفيين الى جوار الاخوان كسلطة .. بالاضافة الى خطورة تحول هذا الخلاف والموقف الحاد من السلطة الى مشاعر كراهية رغم تفهم اسبابها ، وانه عندما تنجح الثورة فان ذلك لا يعنى اقصاء او اجتثاث الاخوان المسلمين وانما تقنين اوضاعهم وعملهم فى اطار الدولة الوطنية والنظام السياسى والدستورى الذى يحكم العملية السياسية ، مؤكدا ان الثورة اذا تحكمت وأدارت البلاد سيكون من اول واجباتها عقد مصالحة وطنية واسعة مع كل من لم يرتكب جرائم . وأكد صباحى ان العنف يودى بالثورة وبالتماسك الاجتماعى فى مصر ، وانه لا بد ان يكون هناك وضوحا وحسما فى رفض العنف ، وان هذا سيكون احد اسباب اجهاض الثورة وانفضاض الشعب عنها . وأختتم صباحي كلمته قائلا ان مصر الآن معرضة لتهديدات حقيقية فى امنها القومى ، بالنظر الى انقسام السودان الى دولتى شمال وجنوب ، وتحدى مياه النيل وسوء ادارة السلطة لهذه الازمة ، والوضع الخطر وغير المستقر فى ليبيا ، وما هو قائم من تآكل لسلطة الدولة المركزية فى سيناء ، وما يجرى فى سوريا من تهديد لوحدة سوريا دولة وشعب .. وأدان صباحى موقف مرسى الذى وصفه بانه صف نفسه كأنه طرف على اساس طائفى فى سوريا ، وان هذا الموقف الذى اتخذه مرسى فى خطابه امس يخدم بالاساس المصالح الامريكية والصهيونية وتصوراتهم للموقف فى سوريا ، مبديا دهشته من قدرة الرئيس المصرى على اغلاق سفارة سوريا والدعوة للجهاد فيها دون ان يكون قادرا على فعل مماثل تجاه سفارة العدو الصهيونى . وأكد صباحى ان يقينه الشخصى المؤكد هو ان مستقبل مصر القريب جدا هو اكتمال الثورة وفتح الباب لتحقيق مجتمع ديمقراطى نامى عادل مستقل . جدير بالذكر أن الجلسة دارها الكاتب الكبير محمد سلماوى رئيس اتحاد كتاب مصر ، وقدم صباحى التهنئة فى بداية كلمته لمؤسسة المصري اليوم فى ذكرى تأسيسها مؤكدا أنها قدمت نموذج مهني ووطني فى مجال الصحافة والتعبير عن الرأى ، معبرا عن دعواته بالشفاء والصحة لرئيس تحرير الجريدة ياسر رزق .