وجه مقاتلو المعارضة السورية المسلحة المحاصرون في بلدة القصير القريبة من الحدود اللبنانية نداء يائسا الخميس 30 مايو، لطلب تعزيزات وإمدادات طبية في الوقت الذي واصلت فيه قوات الرئيس بشار الأسد وحليفه حزب الله قصف خطوطهم الدفاعية. وإلي جانب الهجوم على القصير وضواحي دمشق التي تسيطر عليها المعارضة سعى الأسد إلى تحقيق تفوق دبلوماسي حيث سلط الضوء على تحالفاته الخارجية بالإعلان عن وصول صواريخ مضادة للطائرات من روسيا وقوات من حزب الله اللبناني كما أعلن عزمه حضور مؤتمر للسلام يعقد في جنيف مع معارضيه المنقسمين. وفشلت محاولة لحل الخلافات بين جناحي المعارضة السورية الإسلاميين والليبراليين -بمنح الليبراليين المزيد من المقاعد في الائتلاف الوطني السوري المعارض الذي تريد دول غربية وعربية أن يشكل الحكومة الانتقالية- في إصلاح الشقاق مع الجماعات المقاتلة داخل سوريا التي طالبت بمنحها نصف مقاعد الائتلاف لتتساوى مع مقاعد المعارضة في الخارج. وتراجعت آمال المعارضة المسلحة ذات الأغلبية السنية في الإطاحة بالأسد عسكريا وقد تصاب بانتكاسة قوية إذا خسرت القصير التي تقع على خطوط إمداداتهم من لبنان وتعوق جهود الحكومة للحفاظ على الاتصال بين العاصمة دمشق ومقعل الأقلية العلوية على ساحل البحر المتوسط. ووجه مقاتلو المعارضة داخل القصير -التي كان يقطنها نحو 30 ألف نسمة- نداءا على شبكات التواصل الاجتماعي لحلفائهم وطالبوهم بالسعي لكسر الحصار على البلدة وقالوا إن القصير قد تمحى من الخريطة وان مئات المصابين مهددون بالموت إذا لم يتلقوا المساعدة. وقال مالك عمار الناشط في البلدة لرويترز عبر الانترنت ان نحو 100 من بين 700 مصاب يحتاجون إلى الأكسجين وقال "البلدة محاصرة ولا سبيل لإدخال المساعدات الطبية." وقال عن بقية كتائب المعارضة المسلحة "ما نريد أن يفعلوه هو الزحف إلى أطراف المدينة ومهاجمة نقاط التفتيش حتى تفتح أمامنا طرق الدخول والخروج منها." وحذر قادة معارضون في بيان من العواقب الوخيمة إذا لم تصل المساعدات للمسلحين الذين يخوضون حرب شوارع منذ أكثر من أسبوع أمام قوة مسلحة بالدبابات وراجمات الصواريخ وعلى رأسها مقاتلون من حزب الله اكتسبوا خبرات واسعة بالقتال من مواجهاتهم مع إسرائيل. وقالوا في بيان "إن لم تتحرك كافة الجبهات وتشتعل ضد هذا الإجرام الذي يقوم به حزب الله وكلابه والجيش الأسدي الخائن الذي يدعي الممانع فسوف نقول كان هناك مدينة تدعى القصير." وتسقط القذائف على البلدة بمعدلات سريعة ويبدو ان المهاجمين يتقدمون بسرعة أكبر بعد سيطرتهم على قاعدة جوية قريبة. كما اصدر مقاتلو المعارضة المحاصرون في ضواحي شرق دمشق المعروفة باسم الغوطة الشرقية نداء على موقع فيسبوك يطلبون المساعدة. وجاء في بيان صادر عن اتحاد المكاتب الإعلامية في الغوطة الشرقية نشر على فيسبوك أن النظام السوري "اليوم يحشد قواته على طريق مطار دمشق الدولي ومن الجهة الشرقيةوالغربية للغوطة الشرقية استعدادا لارتكاب المزيد من المجازر." وحمل البيان المجالس العسكرية وقادة الألوية ِوالكتائب في دمشق وريفها والمعارضة في الخارج وعلى رأسها الائتلاف الوطني كامل المسؤولية عن أي خسائر ستحدث. وقضى أعضاء الائتلاف سبعة أيام في محادثات في اسطنبول استهدفت تشكيل جبهة موحدة في محادثات السلام التي تحاول واشنطن وموسكو عقدها في جنيف. وعلى الرغم من عرض الإسلاميين السنة الذين يهيمنون على الائتلاف منح كتلة ليبرالية مقاعد إضافية فقد استمرت الخلافات مما أثار غضب تركيا ودول الخليج العربية والدبلوماسيين الغربيين الذي ينتظرون أن يستغل الائتلاف مؤتمر السلام لتولي مسؤولية الحكم. وفي سوريا طالبت الهيئة التي تضم وحدات مقاتلة متعددة ومتنوعة بالحصول على نصف مقاعد الائتلاف في انعكاس لغياب الثقة المتبادلة بين المقاتلين والمعارضة في المنفى. وانتقدت روسيا -حليفة دمشق- مطالبة المعارضة بتنحي الأسد كشرط لحضور المحادثات التي ينوي مسئولون روس وأمريكيون عقدها يوم الأربعاء القادم. وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إن الائتلاف يعطي انطباعا بأنه "يبذل كل ما بوسعه لمنع بدء عملية سياسية... وللوصول إلى تدخل عسكري" في سوريا. وأضاف "نعتبر مثل هذا النهج غير مقبول" في إشارة إلى مطالبة المعارضة للغرب بإمدادها بالسلاح وهو ما دفع بريطانيا وفرنسا هذا الأسبوع على إنهاء حظر على السلاح كان الاتحاد الأوروبي قد فرضه على سوريا. وأعاقت المنافسة بين روسيا والقوى الغربية الجهود الدولية السابقة لإنهاء القتال لكن المخاوف من اتساع دائرة القتال - خاصة مع قصف إسرائيل لسوريا وإعلان حزب الله دخوله القتال إلى جانب قوات الأسد والأنباء عن استخدام أسلحة كيماوية في الصراع - دفعت واشنطن وموسكو إلى الإعلان عن دعوة مشتركة لعقد المؤتمر. وفي مقابلة تلفزيونية مسجلة لم تذع بعد نقلت صحيفة لبنانية عن الأسد قوله انه ينوي الذهاب إلى مؤتمر "جنيف 2" لكنه غير مقتنع بأنه سيؤدي إلى نتيجة مثمرة وتعهد بمواصلة القتال ضد الانتفاضة المستمرة منذ أكثر من عامين والتي قتل فيها أكثر من 80 ألف شخص. ومما يسلط الضوء على الموارد التي يمكنه الحصول عليها رغم العقوبات الغربية قال الأسد أن سوريا تسلمت من روسيا الدفعة الأولى من الصواريخ اس-300 المضادة للطائرات في إطار صفقة وقعت قبل الصراع وأثارت حفيظة إسرائيل. وقال مصدر مقرب من وزارة الدفاع الروسية إن المعدات نفسها لم تسلم بعد إلى سوريا التي تستضيف قاعدة بحرية روسية. لكن المصدر أضاف أن "أجزاء من التعاقد ربما تكون قد نفذت." وساهم حصول الأسد أيضا على أسلحة متطورة من إيران في استمرار تفوقه على المعارضة المسلحة. وتتردد الدول الغربية في تسليح المعارضة خشية سقوط الأسلحة في أيدي إسلاميين معادين للغرب يمكن استخدامها فيما بعد ضد مصالح غربية.