قصة متلازمة أو أعراض "ستوكهولم" طفت علي السطح في السويد عام 1973 عندما قامت إحدى العصابات بالسطو على بنك واحتجزت الرهائن داخلة ل6 أيام متلاحقة ، وعندما فشلت كل محاولات الشرطة للتفاهم معهم لم يكن أمامهم سوء الهجوم على البنك لتحرير الأسرى.. لكن الأسرى أنفسهم فاجؤوا الجميع بالتصدي للشرطة وشهادتهم مع الخاطفين أمام المحكمة..مما شغل علماء النفس وجعلهم يبحثون في أسباب تعاطف الأسرى مع هؤلاء الإرهابيين.. ومن هنا عرف العالم..ماهية متلازمة ستوكهولم، ويعد تعريف هذا المرض علميا هو ،" مصطلح يطلق على الحالة النفسية التي تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من الأشكال، أو يظهر بعض علامات الولاء له مثل أن يتعاطف المخطوف مع المُختَطِف." واثبت العلماء بعد ذلك أن هذا يحدث بشكل خاص مع جميع أنواع الاعتداء البدني أو الجسدي..وانه عندما يحدث لا يكون أمام الضحية سوى حلين: أولهما أن المجني عليه لا يقبل شعور الإهانه والتعذيب الذي يتعرض له ويستمر مع التعايش معه، و ثانيهما أن يقبل فكرة أن الخاطف له اليد العليا وأنه قد سلبه حريته وإرادته وهو لا يستطيع فعل شيئا أمامه. "الحرية"..كلمة واسعة تحمل داخلها العديد من المعاني المطلقة، فلا يمكنك أن تطلب الحرية دون أن تعرف داخل نفسك الحرية من ماذا؟ لكن في نفس الوقت لا يمكنك أن تحيا صامتاَ وأنت تعتقد انه لا يوجد شيء يستحق الثورة من اجله حتى تضيع حريتك وسط الحياة، ثم تجد نفسك بلا حقوق، وبلا شيء يستحق المطالبة ..فإذا استمريت في التنازل والصمت ستعي بعد مرور وقت ليس بالكثير انك قد خضعت للصمت حتى توحدت معه ..وقد اتهم الكثير من الأدباء والمفكرين الشعب المصري بأعراض هذه المتلازمة أثناء ثورة 25 يناير. والمدخل في البداية وإن كان سياسيا فلا يمكن إنكار أن له بعدااجتماعيا كبيرا.. فقد تشترك المرأة في تقوية جلادها عندما تؤمن أنها "مكسورة الجناح"، وتشترك الفتاة في هضم حقوقها عندما تقول "هو ولد..من حقه فعل ما يريد دون أن يعترض أحد "، ويشترك الطفل عندما يقول "مازلت صغيرا"... إن كنت من ضمن هؤلاء، فليس عليك الاختباء.. لا تعتقد انك وحدك فقد نشرت ال "سي آي إية" وقت الثورة تقريرا يقول إن 40% من المصريين مصابين بمتلازمة ستوكهولم.. هل شعرت يوما أنك لا تستطيع فعل شيء أمام من فرض عليك إرادته، وهل قبلت وأنت تشعر أن ذلك هو القرار الصحيح..هل شعرت يوما انك من ضمن هؤلاء..وماذا تعرف عن هذه المتلازمة ؟ يقول سعيد – 27 عاما- لم أكن أعرف شيئا عن هذه المتلازمة.. وفي بعض الأحيان أتنازل عن حقوقي بالفعل عندما يكون الأمر متعلق بتأثير سلبي علىّ سواء في العمل أو في الحياة اليومية..وقد الجأ إلى حيل أخرى للمطالبة بحقوقي بعيدا عن المواجهة، لان المواجهة المباشرة أو طريقة مطالبة الحقوق إذا كانت عنيفة أو بلهجة حادة يمكن أن تؤدى إلى نتائج عكسية.. تؤكد إسراء – 25 عاما- أنها لا تعرف شيئا عن متلازمة ستوكهولم..وتوضح انه بالفعل تم فرض عدة آراء عليها في الحياة و اضطرت إلى قبولها لإرضاء الأشخاص الذين طلبوا منها هذا، لكن الأمر مادام في نطاق القرارات التي يمكن التغاضي عنها فلا يوجد مشكلة، أما عندما يكون الأمر متعلقا بقرارات كبيرة في الحياة كالزواج على سبيل المثال..فالأمر يتعلق بي وحدي ! وتوضح مي – 24 عاما- أيضا أنها لم تسمع من قبل عن شيء يسمى بمتلازمة ستوكهولم ..وتقول إنها اضطرت من قبل لقبول آراء أشخاص تبين في النهاية خطأها في الحياة ..ولم تشعر بالرضا وهي تنفذ آيا منها لكنها نفذتها مع الأسف ! يضيف احمد -28 عاما- أنه لا بد من التفريق بين الأشخاص الذين يملون عليك ما تفعل وما لا تفعل، فهناك أشخاص في الحياة لا يمكن أن تقول لهم "لا" وأشخاص توافق على ما يقولون باقتناع..واعتقد أن أعراض "ستوكهولم" حدثت معي بالفعل قبل ذلك ، وقد تم فرض بضعة آراء علىّ ومع الوقت قبلت بها وعرفت بصحتها.. وبعض الآراء الأخرى كانت خاطئة..وإن كان حدث ذلك في الماضي فلا يمكن أن يحدث الآن فأعتقد أني أصبحت استطيع التفريق بين الصواب والخطأ. ويفسر الاستشاري النفسي خالد خضر هذه الحالة بأن المجتمع المصري قد تعرض على مدار فترة طويلة جدا لحكم كان يحوله لمجرد "تابع" ، وتعود دائما على أن يكون الحاكم هو "الأب" الذي يأخذ جميع القرارات نيابة عن شعبة، مما اثر على كل قرارات المجتمع وجعله يصل إلى حالة "التذبذب" عندما جاءت له الفرصة ليأخذ القرار.. ويتابع خضر، إن الحرية هي في الحقيقة مسئولية ومن تعود على أن هناك أشخاصا بعينهم يأخذون القرارات بدلا منهم يخافون من المسئولية ويهربون منها إلى التبعية في كل المواقف التي تواجههم، حتى يصلون إلى مرحلة النضج الكافية التي تؤهلهم لاتخاذ القرارات الصحيحة.