قال المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين د. محمد بديع إن فلسطين روح الأمة الإسلامية، وتحريرها والحفاظ عليها مسئولية كل مسلم. وأضاف "يجب على العالم الإسلامي والعالم العربي ومصر أن يفتدوا وطنهم "فلسطين" بأموالهم وأبنائهم وأرواحهم وكل ما يملكون.. الجود بالمال جود فيه مكرمة والجود بالنفس أقصي غاية الجود". واستكمل بديع قائلاً: فأما افتداء مصر لها؛ فلأنها حدها الشرقي المتاخم، واستقرارها وأمنها وأمانها، وسلمها وسلامها، لن يتحقق ما لم تأمن فلسطين وتسلم وتستقر، وقد مضى عليها قرن من الزمان لا يعرف أهلها الأمان، ولم يتحقق لجيرانها استقرار، وذلك منذ أن داعب الصهاينة حلمهم بأن يحتلوا فلسطين ويجعلوا منها وطنًا. وأضاف "وأما العالم العربي؛ فلأن فلسطين قلبه الخافق، وواسطة عقده، ومركز وحدته، وحلقة الوصل بين المغرب العربي الإسلامي في أفريقيا، والمشرق العربي الإسلامي في آسيا، والأمة العربية حريصة كل الحرص على هذه الوحدة كي لا تتمزق، وهذا العقد كي لا ينفرط، مهما كانت الظروف، ومهما كلفها ذلك من تضحيات". وأستطرد"أما العالم الإسلامي؛ فلأن فلسطين أولى القبلتين، ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبها المسجد الأقصى ثالث الحرمين والذي تشد إليه الرحال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم ، وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى". و أكمل "هذه الحقيقة يجب أن يضعها العالم كله والأمم المتحدة نصب أعينهم، فالسلم والأمن العالمي، ووقف نزيف الدماء في المنطقة مرهون بإدراك هذه الحقيقة، وبعبارة أخرى إن لم يرجع الحق إلى أصحابه، وتعود المقدسات إلى أهلها، ويكف الصهاينة عن اللعب بالنار بالتطاول على الأقصى وتدنيسه بالدخول إلى المسجد واللعب والغناء في فنائه . ،وفلسطين منذ أن فتحها الإسلام لم يعرف أهلها إلا السلم والسلام، وكانت العهدة العمرية دستورًا لأهلها، ونجتزئ منه هذه الفقرة التي تدل على حمايته لمن يعيشون في كنفه: "بِسْمِ اللهِ الرّحْمَنِ الرّحيمِ، هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان -وإيلياء هي القدس- أعطاهم أمانًا لأنفسهم وأموالهم، ولكنائسهم وصلبانهم، وسقيمها وبريئها وسائر ملتها". و أضاف "بخصوص سكنى اليهود لفلسطين فقد كان السلطان عبد الحميد، حاسما في رده على "تيودور هيرتزيل" حين قُدم له التماسًا بأن يتنازل لليهود عن فلسطين، لكي يؤسسوا فيها جمهورية يهودية، وله في نظير ذلك ما يطلب من مساعدات مالية، كانت الدولة التركية في أشد الحاجة إليها، ولكن السلطان عبد الحميد أخرسه، بهذا الرد الحاسم؛ إذ أرسل إليه يقول: "أنصح للدكتور هيرتزيل، بألا يتخذ خطوات أخرى في هذا الطريق، فإني لا أستطيع أن أتنازل عن قدم مربعة من هذه الأرض - أرض فلسطين -؛ لأنها ليست أرضي، وإنما أرض شعبي - شعبي الذي حارب في سبيل هذه الأرض، وروّاها بدمه - دع اليهود يحتفظون بملايينهم، فهم لن يصلوا إلى فلسطين إلا على أشلاء أجسامنا، بعد تمزيق أوصالها، إنني لا أستطيع أن أوافق على إجراء التجارب الجراحية، على أجسام أبناء شعبي الأحياء". وقد وضع شروطا حاسمة فيما يتعلق بهجرة اليهود إلى تركيا، أهمها: أن يوزعوا على جميع الولايات عدا فلسطين.، و ألا يزيد عدد المهاجرين إلى أية ولاية على خمسة أسر. وقد حاول "هيرتزيل" بالرغم من هذا كله أن يستعين بإنجلترا التي كانت قد احتلت مصر، على أن تساعده لدى الحكومة المصرية، على استعمار الأراضي الواقعة بين العريش وحدود فلسطين، ولكن "لورد كرومر" رفض باسم الحكومة المصرية، أن يسمح بهذا الاستعمار ؛ خوفا من ثورة الشعب المصري.