مازالت سيوة .. واحة الأسرار تلك الواحة الساحرة التي تقع غرب مدينة مرسي مطروح تكشف يوما بعد يوم عن سر جديد من أسرارها العديدة في كونها أجمل بقاع الكرة الأرضية. وتمتلك سيوة مقومات طبيعية فريدة تتمثل في رمالها الشافية من الأمراض وعيون المياه المنتشرة بأراضيها والمتدفقة من باطن الأرض والتي يعود تاريخها للعصور الرومانية القديمة مثل عين الشمس وعين فطناس وعين كليوباترا وغيرها وآثارها الخالدة كمعبد الوحي وآمون وقاعة تتويج الاسكندر الأكبر. وفي سيوة تجد البيوت لها شكل مختلف عن باقي البيوت بمختلف محافظات مصر حيث تجد بها المنازل المبنية من المونة السيوي وهي طبقة الكرشيف الممزوجة بالماء والملح ومسقوفة بجريد النخيل والتي تمنح سكانها برودة طبيعية خلال فصل الصيف ودفئا مماثلا خلال فصل الشتاء، ويعتبر ذلك سرا جديدا تبوح به الواحة الفريدة بعد بوحها بعدة أسرار متتالية من أهمها سر رماله الشافية من أمراض الروماتويد والروماتيزم والتهاب المفاصل والتي يقصدها السياح من مختلف أنحاء العالم في الفترة ما بين شهر يونيو وحتى سبتمبر من كل عام وسر آخر في صحرائها الذهبية الممتدة حتى بحر الرمال الأعظم والوديان المفتوحة التي تمنح الزائرين هواءا نقيا وتستغل في سياحة السفاري طوال العام. وتبوح الواحة الساحرة بسر جديد عن إمكانية استخدام جريد النخيل الذي تشتهر الواحة بإنتاجه كبديل لحديد التسليح حيث أثبتت التجارب قوة تحمل جريد النخيل لتصل إلى نسبة 85 % بالمقارنة بحديد التسليح التقليدي والذي يمكن تحمله بناية مكونة من طابقين أو ثلاث طوابق لكي تتناسب مع نمط الحياة الاقتصادية والاجتماعية داخل نطاق مدن ومراكز محافظة مطروح الثمانية. ويقول د.حسين عبده جاد أحد خبراء مركز بحوث الصحراء إنه إذا تم الاهتمام بمخلفات النخيل التي تشتهر بزراعته الواحة قد تصبح أكبر صناعة اجتماعية حيث يتم صناعة الأثاث داخل المنازل بأدوات بسيطة غير مكلفة ويمكن استغلالها محليا أو تصديرها للخارج مثل صناعة الكارينا الذي يستخدم في حشو الآثاث وإنتاج السماد العضوي إلى جانب استخدام نوى البلح كعلف للحيوانات بقيمته الغذائية العالية وانخفاض ثمنه مقارنة بالعلف التقليدي . وأضاف جاد أن ثروة النخيل في واحة سيوة تقدر بحوالي 500 ألف نخلة مثمرة وتنتج أكثر من 2 مليون جريدة نخيل سنويا مما يدعو للاهتمام بالمنتجات الثانوية من النخيل مثل الجريد والسعف والنوى وهى المنتجات التي يمكن أن تقوم عليها صناعات كثيرة تساهم في رفع مستوى المعيشة بواحة سيوة . ولم يخف جاد مشاكل زراعة النخيل بالمحافظة من عدم اهتمام المزارع بما يسمى بصناعة النخلة حيث يقصر المزارع في عمليات تنقيح وتنقية النخلة مما يؤدى إلى إصابتها ببعض الأمراض كسوسة النخيل ودودة الثمار وغيرها من الآفات التي تعتمد وزارة الصحة في مكافحتها على استخدام المواد الكيماوية والتي تؤثر سلبا على المدى البعيد على صحة المواطن وبالتالي يؤدي إلى ضعف إنتاج النخلة . وعلى الرغم من وجود مركز للصناعات البيئية والحرفية بواحة سيوة منذ أكثر من ثماني سنوات بمنحة من وزارة التعاون الدولي إلا أن سوء الإدارة والإهمال من جانب المسئولين بالمحافظة حال دون تنفيذ مهمة الحفاظ على الصناعات الحرفية والبيئية مما يدعو إلى ضرورة الاهتمام من جانب المسئولين بالدولة في تبني فكرة إنشاء مصانع صغيرة تقوم بتصنيع الآثاث بمواصفات عالمية من جريد النخيل الذي تشتهر به الواحة الساحرة .