قطر لم تعد قزما .. هذا ما تراه صحيفة الشروق "القطرية" في مقالها الذي تم نشره بعنوان "قطر القزم الذي يريد أن يكون عملاقا". وبدأت الصحيفة مقالها بأنه بالفعل تحققت المقولة التي أطلقها الشيخ سعود بن عبد الرحمان رئيس اللجنة الأولمبية القطرية: "الرياضة قادرة أن تفعل أكثر من السياسة". وأشارت الصحيفة في تباهي بأنه لا يمكن اليوم لتجمّع رياضي في العالم أن يتم دون حضور قطر ولا لقرار هام أن يتخذ دون مساهمة هذه الإمارة الصغيرة... الكبيرة، متسائلة.. أليست هذه عين السياسة؟ وقالت الصحيفة أن الرياضة جاءت ضمن نفس السعي الذي بعث من أجله القادة القطريون قناتهم التلفزية "الجزيرة" والمتمثل في بناء "قوّة ناعمة" تخرج الإمارة من النسيان والتجاهل وتضمن لها حصانة معنوية وتمكّنها من اللعب مع الكبار على ساحة الأحداث العالمية. وعددت الصحيفة الانجازات التي حققتها قطر في المجال الرياضي قائلة: في أقل من عقدين من الزمن أصبحت الدوحة عاصمة العالم الرياضية انطلقت سنة 1993 بأول دورة للتنس، عقبتها البطولة للسيدات في نفس الاختصاص الرياضي التي أقر تنظيمها كل سنة منذ 2002، ثم دورة الدوحة للدراجات. وفي سنة 2006 استقبلت قطر الألعاب الآسيوية التي تعتبر ثالث أهم تظاهرة رياضية في العالم. وفي سنة 2010 آوت الدوحة في قبّة هائلة بُنيت بالمناسبة منافسات ألعاب القوى في القاعات، وستستقبل ذات القبة البطولة العالمية لكرة اليد سنة 2015... ومسك الختام لهذه العشرينية الرياضية العجيبة: كأس العالم لكرة القدم سنة 2022. وأرجعت صحيفة الشروق السبب في تحقيق تلك الانجازات إلي إرادة البروز مع المثابرة.. والبقية متروكة لدفتر الشيكات "على حد وصفها" . كما استعرضت الصحيفة الإمكانات التي تستطيع من خلالها غزو العالم رياضياً، من خلال نجاحاها في استضافة كأس العالم 2022، مشيرة إلي البدء في تنفيذ مشروع "ملاعب قابلة للتفكيك والنّقل"قائلة: ما إن فازت قطر بتنظيم كأس العالم حتى انطلقت الأشغال الفرعونية لبناء ما يحتاجه هذا الموعد الكوني من نزل وطرقات. تسعة ملاعب جديدة سيشرف على تشييدها أشهر المهندسين في العالم وستجمع كل المرافق التي يحتاجها مشجعو كرة القدم الذين سيتوافدون على البلاد من كل أنحاء العالم. المسؤولون في قطر أخذوا كل الانتظارات في الاعتبار وهيأوا أماكن خاصة للمشجعين المتعودين على احتساء المشروبات الكحولية حتى لا يصدم ذلك مواطني الإمارة المحافظين. وذكرت الصحيفة أن كلفة الملاعب التسعة ستصل الخمسة مليارات دولار لكن هذا ليس مهما إنما المهم هو أن هذه الملاعب قابلة للتفكيك عند انتهاء فعاليات كأس العالم وقد يقع التبرع بها لبعض البلدان الصديقة حيث تُنقل لها. القطريون لا يحبّون الفراغ الذي سوف يحل بالملاعب في غياب الجماهير التي لا يتجاوز عددها البضع مئات. "دفتر الشيكات يصنع المعجزات" هذا ما وصفته الصحيفة على الفضيحة التي تعرض لها بن همام: قائلة المال لا يشري كل شيء وقد يتسبب إذا ما ركب صهوة جواد النجاح المحموم في فضيحة. وهو ما حدث فعلا في مدينة زوريخ عند اختيار البلد المنظم لكأس العالم حيث فاحت رائحة الارتشاء من جانب رئيس الفيدرالية الآسيوية لكرة القدم القطري محمد بن همام واتهمه رئيس الجامعة الدولية جوزيف بلاتير بشراء ثلثي أصوات الأعضاء الناخبين بهدف الاستيلاء على كرسي رئاسة الجامعة العالمية لكرة القدم. للطموح حدود تجاوزتها قطر هذه المرة فخسرت مركزا جوهريا إذا ما اعتبرنا أن "الاعتراف الذي تحصل عليه في هيئة رياضية عالمية أفضل من الذي يأتيك من الأممالمتحدة" كما يقول ذلك الأمير حمد بن خليفة آل ثاني. وقللت الصحيفة من أهمية الفضيحة التي تعرض لها بن همام في التأثير على مسيرة قطر الرياضية سياسة "دفتر الشيكات"، وأرجعت ذلك إلي أن العبرة في الرياضة دائما بالنتائج. لذلك لا يهم أن يعرف الجميع أن زين الدين زيدان تقاضى مبلغا بخمسة عشر مليون دولار ثمن دعمه وتصويته لكن المهم هو أن قطر حصلت على تنظيم كأس العالم 2022 في انتظار أن تحصل على نفس النجاح لاستقبال الألعاب الأولمبية. صحيح أنها فشلت مرتين لكن الإرادة ما تزال تحدو القيادة والغاز لا يزال يدرّ المليارات. لكن قطر لا تكتفي بالتنظيم والاستقبال. فطموحها أكبر من ذلك وهي تريد أن تصعد إلى مراتب الدول الكبرى... رياضيا. وكانت الوسلة الثانية من وجهة نظر الصحيفة هي "قطر خطة لتجنيس الأبطال ولم تتوان في شراء جزء كامل من الفريق الوطني البلغاري لرفع الأثقال للمشاركة تحت الراية القطرية في الألعاب الأولمبية بمدينة سيدناي (أستراليا) سنة 2000. وفازت قطر بأول ميدالية اقتلعها رافع الأثقال أنجال بوبوف الذي سيصبح اسمه سيد سيف أسد. أما العداء سيف سعيد شاهين فهو في الأصل السباق الكيني ستيفن كيرونو صاحب الرقم العالمي في اختصاص 3000 متر حواجز الذي أهدى ميدالية ذهبية لقطر في بطولة العالم لألعاب القوى بباريس سنة 2003. وواصلت الإمارة تجنيس الأبطال من لاعبي كرة قدم برازيليين وعدائين أفارقة لكنها أجبرت على التخلي عن هذه السياسة بعد الإحراج المتزايد الذي سببته لها في الأوساط الرياضية والإعلامية. واختتمت الصحيفة مقالها بأن خبراء الرياضة يخشون من "القوة الرياضية" التي اكتسبتها قطر خوفا من "تسيس" الرياضة باسم الخصوصية الدينية. ويبرّر هؤلاء الخبراء خشيتهم من تغيير قواعد اللعبة بعد السماح للبطلات المتنافسات من البلدان الإسلامية بتغطية اليدين والرأس. وبتساؤل هؤلاء الخبراء في لهجة ماكرة: هل تكون قطر حصان طروادة للمحافظين من البلدان السلامية وفرض الفصل قريبا بين الجنسين في المنافسات الأولمبية المقبلة؟