مجلس الوزراء: عملية تطوير منطقة السيدة عائشة تجعلها منطقة سياحية جاذبة    120% نموا فى واردات مصر من السيارات الصينية خلال الربع الأول من 2025    النائب عصام هلال: كلمة الرئيس السيسي بقمة بغداد حملت رسائل مهمة تؤكد ضرورة توحيد الصفوف    السودان يتهم الإمارات بطرد واحتجاز دبلوماسيين بالمخالفة ل اتفاقيات فيينا    جماهير مان سيتي تتوافد على ملعب ويمبلي قبل نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي.. صور    كرة السلة.. الأهلي يهزم الزمالك ويتقدم في سلسلة نصف النهائي    الأرصاد: انكسار الموجة شديدة الحرارة بدءا من الأحد    كشف ملابسات غرق طفل في نهر النيل بالحوامدية    تليفزيون اليوم السابع في جولة ليلية بالمسجد النبوي.. مباشر    سوء الأحوال الجوية في دمياط.. إصابة سيدة جراء سقوط لافتة إعلانية    إلهام شاهين: عادل إمام قدمني ومنحني فرصة عمري.. ولن أنسى فضله    الجناح المصري في سوق مهرجان كان يفوز بجائزة أفضل جناح لعام 2025    خبير علاقات دولية: كلمة الرئيس السيسي تعكس قوة مصر ورؤيتها ما لا يراه الآخرون    زواج سري أم حب عابر؟.. جدل قديم يتجدد حول علاقة عبد الحليم حافظ وسعاد حسني    محمد رمضان يكشف عن صورة من كواليس فيلم أسد وعرضه بالسينمات قريبا    تشييع جثمان ابن شقيقة الفنان عبد الوهاب خليل بمقابر بيلا بكفر الشيخ    رئيس جامعة الأزهر يفسر آية «يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج»    داعية: وجوب تقسيم الميراث على وجه السرعة لهذا السبب    8 نصائح لا غنى عنها لمواجهة موجة الحر الشديدة الآن    هيئة الخدمات البيطرية تكشف حقيقة نفوق الطيور في مزارع الدواجن    إصابة 48 طالبة.. رئيس جامعة طنطا يطمئن على الحالة الصحية لطالبات «تربية رياضية»    ضحية الانتقام بكرداسة    القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى يشهد مناقشة البحث الرئيسى لهيئة البحوث العسكرية    "قومي المرأة" يختتم مشروع "معالجة الدوافع الاقتصادية للهجرة غير الشرعية"    «ميعرفش يعمل اللي بعمله».. ماذا قال كريم الشناوي مخرج مسلسل لام شمسية عن محمد سامي؟ (فيديو)    كواليس جلسة الرمادي مع لاعبي الزمالك قبل مواجهة بتروجيت    احتفالاً باليوم العالمي للمتاحف.. المنيا تحتضن الملتقى العلمي الخامس لتعزيز الوعي الثقافي والتاريخي (صور)    مستشار رئيس الوزراء العراقي: قمة بغداد تؤكد أهمية التضامن العربي في مواجهة الأزمات الإقليمية    3 أمناء مساعدين بالجبهة الوطنية.. زكى والصريطي للفنون وضيف الله للتنظيم    موعد فتح حجز تذاكر قطارات عيد الأضحى 2025    الزمالك يتحرك لحل أزمة مستحقات ميشالاك قبل عقوبة "فيفا"    فابريجاس: تحدثت مع أندية أخرى.. وهذا قراري بشأن مستقبلي    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع مجلس الدراسات العليا الشهري "أون لاين"    قائد تشيلسي: مصير المشاركة في دوري أبطال أوروبا بأيدينا    الضفة.. الاحتلال الإسرائيلي يصيب مسنا فلسطينيا قرب مخيم جنين    "وقاية النباتات" ينظم برنامجا تدريبيا لتعزيز الممارسات الذكية في مكافحة الآفات    مصرع طفل غرقا فى نهر النيل بمنطقة الحوامدية    آخر تحديث للحصيلة.. إصابة 46 طالبة بإغماء في جامعة طنطا بسبب ارتفاع الحرارة -فيديو    هل يجوز توزيع العقيقة لحومًا بدلًا من إخراجها طعامًا؟.. أمين الفتوى يجيب    انطلاق الدورة 41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط في سبتمبر المقبل    صور| أكاديمية الشرطة تنظم ندوة "الترابط الأسري وتأثيره على الأمن المجتمعي"    بالأسماء، ارتفاع عدد المصابات بإغماء وإجهاد حراري بتربية رياضية طنطا ل 46    جامعة الفيوم تطلق الحدث الريادي الأول "ستار أب" لدعم رواد الأعمال والشباب الخريجين    نقيب الصحفيين يطلق حملة لتعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام    هل يجوز سفر المرأة للحج دون مَحْرَم.. الأزهر للفتوى يجيب    الأوقاف: الطبيب البيطري صاحب رسالة إنسانية.. ومن رحم الحيوان رحمه الرحمن    أمين «التعاون الإسلامي» يؤكد ضرورة بذل كل الجهود لاسترداد الفلسطينيين لحقوقهم    مخرجش من المنهج.. ردود أفعال طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بسوهاج بعد امتحان مادتي اللغة العربية والهندسة "فيديو"    وكيل الزراعة بالبحيرة يوجه بسرعة توزيع الأسمدة وإزالة التعديات على الأراضي الزراعية في حوش عيسى    أوكرانيا تعلن إسقاط 36 طائرة روسية مسيرة    رئيس الوزراء يتفقد أعمال التطوير في منطقة السيدة عائشة وطريق صلاح سالم    كلاكيت تالت مرة.. مصطفى محمد يرفض المثلية وينتظر العقوبة    قصر العيني يحتفل ب 80 عامًا على تأسيس قسم المسالك ويطلق برنامجًا لأطباء الامتياز    أسعار البيض اليوم السبت 17 مايو    موجة شديدة تضرب البلاد اليوم| وتوقعات بتخطي درجات الحرارة حاجز ال 40 مئوية    اللقب مصري.. نور الشربيني تتأهل لمواجهة هانيا الحمامي في نهائي بطولة العالم للاسكواش    الأجهزة الأمنية الليبية تحبط محاولة اقتحام متظاهرين لمبنى رئاسة الوزراء بطرابلس    «لو روحتوا أمريكا هينصفوا الأهلي».. عمرو أديب يوجه رسالة لمجلس الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.





قال مفتي الجمهورية د.علي جمعة في آخر حوار له اختص به "بوابة أخبار اليوم" قبل أن يغادر منصبه، أنه حافظ على استقلال المنصب ولم يصدر أية فتاوى استجابة لضغوط.
وأكد جمعة أنه أصدر فتوى بعدم جواز التوريث في مصر، في الوقت الذي كان النظام السابق مسيطرا على جميع مجريات الأمور في مصر.
وأكد المفتي ضرورة أن يتفق المصريون على كلمة سواء، حيث لا نجاة مما نحن فيه إلا بالتوحد، والاتفاق والبعد عن الخلاف والذي من شأنه يجعلنا نعبر إلى بر الأمان.
وقال إن المصريين عندما اتفقوا ونحوا الخلافات والقضايا الشخصية والمصالح الحزبية الضيقة جانبًا استطاعوا أن يزيلوا منظومة من الفساد والظلم والقهر، لذا أنا أدعوهم لأن يتوحدوا فيما بينهم وأن يجعلوا مصر هي المشترك ولا يعطوا الفرصة لأعدائها أن ينالوا منها وسط هذا الجو من الشاحن والتلاسن والشقاق، وأدعوهم أن ينشروا الحب فيما بينهم، وأن يكون الحب هذا الوطن العظيم.
س: نريد من فضيلتكم إلقاء الضوء على بدايتكم العلمية والفقهية؟
ج: أبي- رحمة الله عليه- كانت لديه رغبة في أن ألتحق بالأزهر الشريف، لأنه كان محبًّا للعلم الشرعي، على عكس أمي- رحمها الله- التي كانت تتشوف أن تراني طبيبًا أو مهندسًا، وهي المهن التي كانت لامعة في ذلك الوقت، لكن الله تعالى قدَّر لي أن ألتحق بالتعليم العام أولاً، وفي هذه الفترة عكفت على كتاب الله تعالى فأتممت حفظ القرآن الكريم، وأتممت قراءة وحفظ كتب "الرحابية في الميراث"، و"الألفية"، وحفظ "متن أبي شجاع"، وحفظت "البيقونية في الحديث"، وحفظت "تحفة الأطفال"، وحفظت "الجزرية"، وهكذا، وقد اطلعت على مناهج الأزهر الشريف من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الرابع الثانوي، لقد كان لدي حب وشغف ورغبة كبيرة جدًّا للعلم الشرعي، وبدأت أتردد على المشايخ والعلماء، ومنهم الشيخ صالح الجعفري في الأزهر الشريف، والشيخ محمد الحافظ التيجاني، وعليهما أخذت علومًا كثيرة جدًّا، بعد هذه التهيئة الكبيرة وفي سنة 1973م دخلت الأزهر الشريف وعمري واحد وعشرين عامًا، وبدأت الاهتمام بدروس الأزهر وبعلوم الأزهر، وبمصاحبة شيوخ الأزهر المصاحبة التامة حتى حصلت على التخصص من جامعة الأزهر، وبعدها الماجستير والدكتوراه، ثم مدرسًا بجامعة الأزهر الشريف، وقد جمع الله تعالى لي بين دراستين من أولهما إلى آخرهما، وتخصصت في أصول الفقه لحبي الشديد له وتعلقي به، وصاحبت الكثير من المشايخ والعلماء مصاحبة تامة كظلهم لا أفارقهم يومًا، فقد تشبعت بالعقلية الأزهرية وبالنفسية الأزهرية وبالشخصية الأزهرية إلى درجة كبيرة جدًّا من الشِّبع، ولله الحمد والمنة.
س: فضيلة الدكتور علي جمعة.. الحقائق تؤكد أن دار الإفتاء في عهدكم شهدت تطورًا كبيرًا.. ما الذي كنت تتمنى تحقيقه ولم يسعفك الوقت أو الإمكانات أو الظروف السياسية لتحققه؟
ج: حرصت منذ توليت منصب الإفتاء على تحويل دار الإفتاء إلى مؤسسة عالمية تتجاوز المكان والزمان والأشخاص، لتعطي النموذج لكل مؤسسات الإفتاء في العالم، عن طريق الاستعانة بالعلم الحديث، من خلال استحداث الإدارات بها مثل إدارة الحساب الشرعي وإدارة التحكيم، وإدارة الإعلام، وإدارة التطوير البرمجي، وعقد بروتوكول مع المرصد، والاستعانة بهيئة المساحة، وغيرها، وحرصت على تربية وتأهيل الجيل الثاني والثالث في الدار إلى أن أصبح هناك جيل رابع، يتمثل في تبني الطلبة المتميزين من كلية الشريعة، ليكونوا قادرين على تولي المسؤولية عبر التاريخ. وحرصنا على الدور الاجتماعي للدار من خلال فض النزاعات فنحن لا نعرف من التعصب إلا ما كان تعصبًا للعلم والإصرار على التقدم، ونشر الحب والسلام بين الناس وعمارة الأرض وعبادة الله. ومن أجل أن نحفظ الكم العظيم من الفتاوى والتراث الفكري الذي خلفه علماء الدار على مدار تاريخها قمنا بعقد برتوكول تعاون بيننا وبين وزارة الثقافة يهدف إلى الحفاظ على وثائق دار الإفتاء من خلال ترميم هذه الوثائق بوضعها في دار الوثائق المصرية، بعد تصويرها أكثر من نسخة، أحدها في دار الإفتاء، والأخرى بالبنك المركزي، وثالثة في مؤسسة الأزهر.
الدار تعمل وفق عمل مؤسسي لا يعتمد على الأشخاص وهذا ما نجحنا فيه، وهو مبدأ المؤسسية، فالأشخاص تأتي وتذهب لكن المؤسسة تبقى ولذلك كان هذا حرصنا في الفترة الماضي وهو التركيز على فصل المؤسسة عن الأشخاص بحيث إذا رحل عنها الأشخاص يظل العمل فيها على أكمل وجه دون أن تتأثر في شيء، ونسأل الله تعالى التوفيق لمن يأتي ويكمل المسيرة.
س: كثيرون بعدما تركوا المنصب أبدعوا وخدموا الدعوة أفضل، مثل الإمام الشعراوي.. ما رأيكم في هذا، وما الذي تخططون له مستقبلا؟
ج: عالم الدين لا يتوقف عطاؤه في خدمة دينه وأمته بعد أن يترك منصبه، ولا حتى بعد موته، فهو يترك علما ينتفع به الناس إلى يوم القيامة، وجهودنا لا تنقطع في خدمة الإسلام والأمة الإسلامية في الداخل والخارج ونصرة الدين ودعم المسلمين في كل مكان لأن هذه مسؤولية عظيمة اختص الله سبحانه وتعالى العلماء بها لا يمكن أن يتراجعوا عنها لأن هذه المسؤولية ليست مرتبطة بمكان ولا زمان ولا منصب، إنما هي رسالة يجب أن تؤدى.
س: هل نحن نعاني قلة في ثقافة الاختلاف بحيث أصبح يرمي بعضنا بعضًا بأبشع التهم لمجرد الاختلاف في أمور يجمع البعض على أنها اجتهادية؟
ج: الشريعة الإسلامية أجازت للمسلم في الأمور الاجتهادية أن يتبع فيها أيًّا من المذاهب ما دامت هذه الاجتهادات صدرت من علماء وفقهاء لهم حق الاجتهاد، واختلاف الفقهاء في المسائل غير القطعية التي يسوغ فيها الخلاف من رحمة الله بهذه الأمة، وهذا ليس جديدًا أو ابتداعًا لعصرنا، بل حدث بين الصحابة رضوان الله عليهم وبين التابعين من بعدهم ولم ينكر أحد على أحد. وعلماء الأمة على مر العصور نظروا إلى الاختلاف على أنه توسعة من الله ورحمة منه بعباده غير القادرين على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها بأنفسهم، وهذه النظرة قائمة على إدراك العلماء أن السعة في التشريع مقترنة باليسر وهما مقترنان بالرحمة، واليسر مقصد أساسي من مقاصد الشريعة الإسلامية، ولقد وضع العلماء مجموعة من الضوابط والشروط لكي ليكون هذا الاختلاف مقبولاً، أهمها ألا يؤدي الخلاف إلى مخالفة سنة ثابتة، وألا يؤدي إلى خرق الإجماع، وأن يكون الجمع بين المذاهب والأقوال فيه ممكنًا، وألا يوقع الخلاف في خلاف آخر. كما أن الفقه الإسلامي ليس فيه كهنوت يسمح لمن يشتغل به أن يكره الناس على رأيه، وفقهاء الأمة العظام كانوا يدركون ذلك ولم يحدث مطلقًا أن اعتبروا أنفسهم أصحاب الرأي الأوحد الصواب، فهذا هو الأحمد بن حنبل يقول: "لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه ويشتد عليهم" والإمام الشافعي: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، وبناءً عليه لا يصح وصف من يختلفون معنا في الرأي أو الاجتهاد بالخطأ أو الابتداع والفسق والضلال، فوصف المخالف بذلك فيه خطورة على وحدة الأمة وإتباع للأهواء التي تفرق ولا تجمع. وبالتالي لا يجوز للمسلم الإنكار على أخيه وإحداث الفرقة بين المسلمين في المسائل الفرعية الخلافية، لا سيما وأن هناك مَن قال بها من العلماء المعتبرين، وعلى المسلمين أن يجتمعوا على المتفق عليه ولا يفرقهم المختلف فيه.
س: هل ترى أن هناك محاولات للنيل من الأزهر ومن رموزه لإقصائه عن دوره في التفاعل مع قضايا الأمة؟
ج: الأزهر الشريف لها دور وطني لا ينكره أحد وله تاريخ ناصع في الدفاع عن الدين ونشر الوسطية والتسامح بين الجميع، علاوة على احتضان الفكر المنفتح، وعلماء الأزهر عبر تاريخهم الطويل وميراثهم العظيم كانوا ولا يزالون لهم دور فاعل في نشر ثقافة الإسلام السمح ووسطيته وفي حماية هوية مصر الدينية، فالأزهر وعلماؤه جزء لا يتجزأ من حركة المجتمع وغير منفصل عن مشاكل الأمة وواقعها، وما نشاهده اليوم خير دليل على تفاعل الأزهر مع هموم الوطن من خلال وثيقة الأزهر وأيضًا سعيه لتوحيد صف الوطن والقضاء على سياسة التهميش والتخوين، لكي تعبر الأمة إلى بر الأمان، فالأزهر باعتباره مرجعية كبيرة أصبح قادرًا على تقديم النصيحة العلمية واجتماعية وغيرها والتي تصل بنا إلى صحيح الإسلام، وحل مشكلات المسلمين، كما تجعله مرجعيته قادرًا على تقديم اقتراحات للدول والحكومات، ولتصحيح مناهج التعليم، أو الاشتراك في وضعها عندما تتعلق بالمسلمين، ونحو ذلك من الخدمات التي لها أثر في استقرار أوضاع المسلمين، وفي شيوع السلام الاجتماعي، وفي اندماج المسلم في مجتمعه، وفي مساعدته لأن يكون مواطنًا صالحًا نافعًا لأهله ووطنه، مشاركًا في بناء الحضارة الإنسانية. والأزهر لا يلتفت إلى الأصوات التي ترتفع من أجل الشعارات وتنتهج ثقافة الهدم لا البناء وهو ماض في طريقة لا يثنيه عنه تلك الأصوات التي تريد أن تنال منه ومن أبنائه.
س: الأزهر ينوي إطلاق فضائية أزهرية وسطية، وفضيلتكم ستكون قائمًا عليها.. متى سترى النور، وما رؤية فضيلتكم لهذه القناة؟
ج: قناة الأزهر الشريف تأتي في محاولة للتصدي لقنوات التطرف الديني في عقر دارها على الفضائيات، وما تشيعه من فوضى وبلبلة، ضللت الناس بفتاوى مغلوطة، وصلت إلى حد تكفير الآخر، والقناة هدفهما نشر المنهج الوسطي والتقارب بين المذاهب، والقضاء على فوضى الفتاوى، فهي ستحمل منهج وفكر الأزهر الشريف وستخضع لإشراف علمائه. واللجنة المشكلة الخاصة بإنهاء ترتيبات إطلاق القناة تقوم بعملها وتجتمع بصفة دورية لإطلاق القناة الجديدة في أسرع وقت ممكن، كما أن أسلوب عمل القناة والقائمين عليها سيواكب المتغيرات في عالم الإعلام والتقنية الحديثة في الاتصالات مع الحفاظ على الهوية الإسلامية، ورسالتها التنويرية الدعوية المعتدلة؛ بل ستخاطب كل فئات المجتمع في مصر والعالم الإسلامي بأسلوب بسيط ومتطور.. وفي الوقت نفسه سيقع على عاتقها الرد على المسيئين للدين الإسلامي والمسلمين، وتصحيح صورة الإسلام في الغرب وتوضيح حقيقة الدين السمحة.
س: المكاسب أصبحت هي التي تحكم الإعلام لا القضايا ما تعليق فضيلتكم على ذلك؟
ج: هناك مدارس إعلامية للأسف تسير في طريق الإثارة لا الإنارة، وهذا النوع من الإعلام نرفضه تمامًا، وأقول لهم إن واجبهم الحضاري والديني هو التعمير لا التدمير، أي أن عليهم أن يقدموا الإنارة على الإثارة، وعليهم أن يشدوا الناس إليهم بعيدًا عن الكذب والتضليل وترديد الشائعات قبل التحقق منها، وهذا هو ما يحتاج إلى جهد لأن أي إبداع يحتاج إلى جهد، أما الإبداع من أن كل واحد ما يخطر بباله يقوله من غير مهنية وإتقان وتدريب وإنارة فهذا لا يرضي الله ولا رسوله ولا المؤمنين، فالإثارة قبل الإنارة يشكو منها الناس الآن، والتي تتمثل في الإثارة ضد كل شيء، وعلى الجميع أن يلتزم الصدق لأن هذا ما أمرنا به الإسلام وحضنا عليه لأن الكذب هو نوع من الإفساد في الأرض، ومن قبل طالبت بميثاق شرف إعلامي تبتعد فيه النخبة والمثقفون والمهتمون بالشأن العام عن تبادل الاتهامات دون سند أو دليل وإفساح المجال لأبناء الوطن للبناء والتنمية.
س: هناك زخم في الأحداث في مصر .. ما الذي يجب علينا فعله من أجل عبور هذه المرحلة بأمان؟
ج: عن طريق الاتفاق والبعد عن الخلاف والذي من شأنه يجعلنا نعبر إلى بر الأمان، المصريون عندما اتفقوا ونحوا الخلافات والقضايا الشخصية والمصالح الحزبية جانبًا استطاعوا أن يزيلوا منظومة من الفساد والظلم والقهر، أضف إلى ذلك أنهم عندما توحدوا واتفقوا أثبتوا للعالم أنهم قاموا بثورة من أعظم ثورات العالم وعلموا العالم كيف يكون الرقي والتحضر، لذا أنا أدعوهم لأن يتوحدوا فيما بينهم وأن يجعلوا مصر هي المشترك فيما بينهم، يعملوا من أجل نهضتها ورقيها، لا يعطوا الفرصة لأعدائها أن ينالوا منها وسط هذا الجو من الشاحن والتلاسن والشقاق، وأدعوهم أن ينشروا الحب فيما بينهم، وأن يكون الحب هذا الوطن العظيم.
س: لا يمكن أن يزاول الطب إلا طبيب معه ترخيص من نقابة الأطباء.. لكن الإفتاء صارت مباحة للجميع.. لذا يرى البعض ضرورة تشريع قانون يجعل الإفتاء عبر "وسائل الإعلام" مقصورًا على من يحمل ترخيصًا وأن يتولى الأزهر مهمة منح هذه التراخيص.. ما رأيكم؟
ج: لقد اهتم علماء الإسلام بعملية الإفتاء اهتمامًا عظيمًا، وجعلوها في مكانة عالية لعظمة دورها، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتولى هذا المنصب في حياته، باعتبار التبليغ عن الله، وقد تولى هذه الخلافة بعده أصحابه الكرام، ثم أهل العلم بعدهم، وعلى الرغم من ذلك فإن الساحة الدينية اليوم تعاني من فوضى في الفتاوى وفوضى في الخطاب الديني، نظرًا لتصدر غير المتخصصين للإفتاء، ونتيجة لتلك الفوضى التي حدثت في الفتاوى الدينية خصوصًا المنتشرة عبر الفضائيات والتي تصدر عن أناس غير مؤهلين للإفتاء من الأساس مما تسبب في حدوث بلبلة وتشكيك للناس في أمور دينهم ولابد من قصر الأمر على المتخصصين من العلماء، وتأهيل العلماء للإفتاء من خلال المعايير التي ينبغي أن تتوفر في من يتصدر لهذه المهمة العظيمة.
س: وهل فعلاً قامت دار الإفتاء بمثل هذا الدور من قبل؟
ج: نعم هذا الدور تقوم به دار الإفتاء المصرية من خلال خطوتين بغرض التصدي لفوضى الفتاوى، الخطوة الأولى احترازية وقائية وذلك من خلال نشر وزيادة الوعي بين الناس، وتتبع تلك الفتاوى الشاذة ورصدها، والخطوة الثانية خطوة إصلاحية علاجية من خلال التصدي للفتاوى الشاذة، وتصحيح المفاهيم وعلاج هذه الفتاوى لإزالة ما أحدثته من لبس وبلبلة. فالإفتاء صناعة لابد لها من أدوات ومهارة وعلم وممارسة من أجل ألا يقع المفتي في أخطاء من شأنها أن تحدث الفوضى في المجتمع، ولكي نتجنب تلك الفوضى لابد من أمرين الأول من خلال قانون يجرم هذه الفتاوى التي تصدر عن غير المتخصصين، والثاني يجب مراعاة شروط المفتي والمستفتي والفتوى عند الإجابة عن أية فتاوى تعرض علينا، إضافة إلى تفعيل الفتوى الجماعية من خلال تفعيل دور المجامع الفقهية نظرًا للتطور الحادث في المجتمع وفي القضايا التي تعرض على المفتين.
س: ما رأي فضيلة المفتي فيما يحدث الآن في مصر من جدل سياسي.. وهل من كلمة تريد أن توجهها إلى جموع المصريين؟
ج: أرى أن الشقاق والتناحر والانتصار للمصلحة الشخصية أو الحزبية أو خلافه هو ما يظهر على الساحة حاليًا ويغيب عنها مصلحة الوطن، هذا هو الداء، أما الدواء يكمن في الوحدة والاتفاق، وهي معاني عظيمة إذا فقدتها أمة ضاعت وانهارت، وإذا تمسكت بها قويت وعظمت واستقامت، فالجميع يدرك أهمية الوحدة ونبذ الخلافات في هذا الوقت على وجه الخصوص، لذا فأنا أدعو ألا يكون الاختلاف في الرأي سببًا لتباعد الأمة وتفرقها، ففي الوحدة ينتشر الأمن والأمان وتتوافر الحياة الاقتصادية السعيدة لأبناء الوطن. إن الحفاظ على هذه الوحدة من أوجب الواجبات الآن حتى تستطيع مصر عبور هذه المرحلة الصعبة، وأن مبدأ الاتفاق والوفاق ينبغي أن يكون الميزان الذي توزن به الأمور داخل هذا الوطن، كما أنه علينا أن نلتفت إلى التنمية والتي لابد أن تكون على وجهين، الوجه الأول مواجهة مشكلاتنا الكبرى وعلى رأسها البطالة والفقر المزمن، والقضاء على العشوائيات. والوجه الآخر يتعلق بالابتكار والإبداع والتجديد والتطوير.
س: ما المدى الذي كفله الإسلام للمرء في حق التعبير عن الرأي؟ وما رأيكم في الأحداث التي تحدث حاليًا في مصر؟
ج: إن التظاهر والاعتصام لهما شروط تطبق في جميع دول العالم وهما حق من حقوق الإنسان، بشرط عدم إيذاء الآخرين أو تعطيل مصالحهم، والأحاديث النبوية التي جاءت تحثنا على هذا الأمر كثيرة، والتي تحرم ذلك منها أن المحافظة على الطريق هي أدنى شُعب الإيمان، لذا على جموع المصريين أن يتكاتفوا من أجل أن تتخطى مصر المرحلة التي تمر بها حاليًا، وأقول لمن يقطع الطرق ويعطل مصالح البلاد والعباد اتقوا الله في أنفسكم وفي وطنكم، لأنكم تعرضون أنفسكم لغضب الله والناس، وهذا لا علاقة له بالحرية والديمقراطية أو حق التظاهر، لكن التعبير السلمي بالطرق المشروعة هو حق الجميع ولا أحد ينكره على الإطلاق.
س: تبذلون جهودًا كثيرة لتحسين صورة الإسلام في الخارج.. إلى أي مدى تستطيع دار الإفتاء والأزهر فتح حوارات حول المفاهيم الأساسية للإسلام والتي يثار حولها الكثير من البلبلة؟
ج: إننا في حاجة ملحة إلى أن ندفع بالاهتمام بموضوع تصحيح صورة الإسلام وتعزيز العلاقات مع الغرب بين شرائح ومكونات المجتمع الغربي خاصة الشباب ونستفيد من الجاليات الإسلامية والدارسين في الغرب الذين يمكن أن يلعبوا دوراً إيجابيًّا في دعم تحسين صورة الإسلام في الغرب، ويمكننا أن نخلق دوراً مستقبلياً في دعم هذا التوجه من قبل الجامعات في أوربا وأمريكا، وقد قامت دار الإفتاء بحملة للتعريف بالإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم، ولتصحيح الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام في الغرب، حيث كتبت عدة مقالات في كبريات الصحف والمجالات العالمية باللغة الإنجليزية مثل الواشنطن بوست واللوموند الفرنسية ورويترز وغيرها بالإضافة إنشاء موقع إلكتروني وطباعة عدد من الكتب باللغة الإنجليزية لمخاطبة الغرب والإجابة عن تساؤلاتهم والرد على شبهاتهم، كما قمنا بحملة ملصقات في مترو نيويورك، وكان من أواخر تلك المشاركات مشاركة مستشار مفتي الجمهورية د.إبراهيم نجم في أسبوع التوعية بالإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم في نيويورك، والذي شمل إلقاء عدد من المحاضرات عن الإسلام ونبي الرحمة في جامعات ومدارس وكنائس مدينة نيويورك، وذلك في إطار حملة دار الإفتاء للتعريف بالإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، ودائمًا ما أدعو الغرب إلى استقاء المعلومات عن الإسلام من أهل العلم الراسخين وهم علماء الأزهر الشريف، فالأزهر ودار الإفتاء مهمتهما التواصل مع العالم وبناء جسور التواصل والتفاهم المشترك دون أن يعني ذلك أن يعتنق غير المسلمين الإسلام، لأن الله قال في كتابه الكريم: {وَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ"، أما مهمة الأزهر ودار الإفتاء فهي الحوار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.