أصبحت بارك جون هيه – الاثنين 25 فبراير- أول امرأة تصل إلى سدة الرئاسة بكوريا الجنوبية في تاريخ البلاد، تتويجا لحياة شهدت امتيازات ومأساة في الوقت نفسه. وخلافا لأسلافها، فان بارك تعرف جيدا البيت الأزرق، القصر الرئاسي في كوريا الجنوبية، لأنها عاشت فيه أيام طفولتها قبل أن تتولى بعد اغتيال والدتها، دور السيدة الأولى إلى جانب والدها "بارك شونج هى" الذي ترأس البلاد على مدى 18 عاما. وكانت بارك جون هيه في التاسعة من العمر حين وصل والدها إلى السلطة في 1961 اثر انقلاب عسكري، وحكم البلاد بيد من حديد إلى حين اغتياله في 1979 فيما لا يزال الإرث الذي تركه يثير انقساما في البلاد حيث يعتبره البعض مهندس المعجزة الاقتصادية الكورية الجنوبية بعد الحرب الكورية (1950-1953) فيما يرى البعض الأخر أنه قمع بدون هوادة الحريات العامة. وفى جهد للمصالحة، نددت بارك علنا بالقمع الذي حصل في الستينيات والسبعينيات، خلال حملتها الانتخابية قائلة "أعتبر أن من القيم الثابتة للديمقراطية أن الغاية لا يمكن أن تبرر الوسيلة في السياسة". وكانت بارك جون هيه تدرس في فرنسا عام 1974 حين استدعاها والدها بعد مقتل والدتها التي اغتيلت برصاص ناشط مؤيد للنظام الشيوعي الكوري الشمالي، وبعد خمس سنوات اغتيل والدها على أيدي رئيس جهاز الاستخبارات الكورية الجنوبية، وغادرت البيت الأزرق، وانسحبت من الحياة العامة ولم تعد إليها إلا في العام 1998 حين فازت بمقعد نيابي. وبارك "60 عاما" لم تتزوج وليس لديها أطفال، وهو الوضع الذي عرفت كيف تحوله إلى حجة انتخابية لدى شعب سئم فضائح الفساد التي أحاطت بأقرباء العديد من الرؤساء. وفى 2006 وخلال تجمع سياسي، هاجمها شخص بسكين متسببا بجرح في وجهها تطلب حوالي 60 غرزة. وقالت عشية الانتخابات "ليس لدى عائلة لأهتم بها أو أطفال لأنقل لهم إرث.. أنتم الشعب عائلتي وسعادتكم هى السبب الذي يبقيني في السياسة"، وأضافت "مثل أم تكرس حياتها لعائلتها، سأصبح الرئيسة التي تهتم بحياة كل فرد منكم" في تصريح موجه بشكل مباشر إلى قاعدتها الناخبة التي تعتبر الواجبات المنزلية والزوجية للمرأة أساسا للمجتمع الكوري الجنوبي. وفى المقابل، اعتبرها منتقدوها متعالية وباردة ويلقبونها ب"ملكة الجليد". ويشيد مؤيدوها بهدوئها وصفاتها القيادية ونضالها في بلد ذكوري ويسجل نسبة شيخوخة عالية حيث 1% فقط من النساء يشغلن مناصب في مجالس إدارة الشركات الكبرى. وسيترتب عليها خلال ولايتها الوحيدة من خمس سنوات معالجة عدد من الملفات الساخنة بينها كوريا الشمالية، كما سيكون عليها العمل لطمأنة الطبقة الوسطى القلقة إزاء الوضع الاقتصادى وعدم المساواة الاجتماعية. ويعتبر وصول امرأة إلى المناصب العليا محطة تاريخية بالنسبة لكوريا الجنوبية البلد الذي لا تزال النساء فيه بمنأى من السلطة السياسية والاقتصادية، إلا أن كيم أون جو مديرة مركز النساء الكوريات والسياسة قالت مؤخرا في حديث إن بارك امرأة قيادية "بالمعنى البيولوجي فقط"، موضحة أنه "خلال السنوات ال15 الأخيرة، قلما بذلت بارك جهودا لمساعدة النساء فى السياسة أو في أي مجال آخر بصفتها مسئولة سياسية"