تقدم المستشار فؤاد راشد، الرئيس بمحكمة استئناف القاهرة، والذي تم ترحيله من قبل حكومة رأس الخيمة بدولة الإمارات بتهمة أنه ثوري، بمذكرة إلى وزير العدل المصري. وعرض راشد في مذكرته، أنه صدر قرار جمهوري بإعارته إلى حكومة رأس الخيمة اعتباراً من 12 يناير 2010، لمدة عام بناء علي طلب من حكومة رأس الخيمة، وتم تجديد الإعارة بقرارات جمهورية بناء على طلب الإمارة، وكان آخرها قد صدر عن المشير حسين طنطاوي، رئيس المجلس العسكري، الحاكم بعد الثورة، وبموجبه تم مد إعارتي إلي 12 يناير 2014. أضاف: "تلقاني المسئولون بالإمارة بروح طيبة من لحظة وصولي وظلت علاقتي بهم طيبة حتى لحظة رحيلي، وفوجئت في 10 ديسمبر من العام الماضي باتصال هاتفي من الشيخ أحمد الخاطري، رئيس دائرة محاكم رأس الخيمة ليبلغني بأسي أن هناك من أنهى إعارتي". تابع: "وقال لي الشيخ الخاطرى (لقد أنهوا إعارتك)، فرددت تلقائياً قائلاً: (عادي عادي)، والتقى بعد قليل الشيخ أحمد مع مجموعة من القضاة المصريين من بينهم السيد المستشار أحمد صابر زميلي في الدائرة، وعادوا ومعهم صورة من القرار الموجه من دائرة الخدمة المدنية إلى دائرة المحاكم. وقال، بدأ القرار بديباجة تقول (بناء علي توجيهات عليا وعلي موافقة صاحب السمو حاكم الإمارة)، وهي ديباجة تقطع بأنه قرار إنهاء إعارة صدر من رئاسة الدولة في أبو ظبي باعتبار أنه ليس في الإمارة من يسبق في الترتيب حاكمها وأن الحاكم وافق علي التوجيهات العليا، وعلى أي حال فقد صار ذلك أمراً شائعاً مسلماً به من الجميع بدءاً من سمو الشيخ سعود بن صقر حاكم الإمارة وانتهاء بالقضاة مصريين وإماراتيين.
تابع: "كان القرار مؤرخاً 10/ 12/ 2012، وفي اليوم التالي أخبرتني شخصية محترمة نافذة قائلة: "أستعفي من ذكر الاسم دفعاً للحرج" بأن قرار رحيلي وراءه أسباب تعود لمساهماتي وكتاباتي في شأن بلدي واستنكاري التفرقة بين القضاة الإمارتيين والعرب في الراتب، وقالت لي الشخصية نفسها أن كلمة (ثوري) مرفوضة في الإمارات حتى ولو كان مثلك لا ينتمي إلى أي فصيل سياسي. وأوضح المستشار فؤاد، أن كلا الأمرين صحيح بالفعل، سواء مساهماتي أو تنديدي بالتفرقة، وقد صار شائعاً بين الجميع مصريين وغير مصريين أنني رحلت لممارسة حقي في إبداء الرأي، ولما ذاع خبر القرار وراحت الانتقادات تتوالى بأن الأمر محرج للإمارة لأنه يتحدث عن قرار يمس صميم ما تستقل به أبوظبي باعتبار أن قضاء رأس الخيمة محلي يخص الإمارة وحدها ولا صلة به للدولة. وجرت محاولة ترميم لتلك الصورة فاجتمع مجلس القضاء الأعلى بالإمارة بعد ثمانية أيام أي بتاريخ 18/12/2012 وقرر انتهاء إعارتي اعتباراً من 12 يناير 2013 وتوجيه الشكر لي وصرف راتب أربعة شهور فوق مستحقاتي.
بدأت بعد ذلك إجراءات إنهاء إقامتي تمهيداً لصرف مستحقاتي ورحيلي وتولي الشيخ أحمد الخاطري بتوجيه نبيل من سمو الشيخ سعود بن صقر ترتيب كل أموري وقام الشيخ أحمد بنفسه بالتوجه إلى بعض الجهات وأنفق من ماله الخاص ما تعلق برسوم مالية لإنهاء بعض الإجراءات ورفض أن أسدده له. وقال: "أخذ أحد الموظفين جواز سفري لإنهاء الإقامة كالمعتاد، ولكنه عاد وقال لي أن إنهاء إقامتك يحتاج لإجراء غير مألوف وهو التقاط صور وأخذ بصمات للعينين، وأنه تم رفض إنهاء الإقامة إلا بعد هذا الإجراء". تابع: "تحدث معالي الشيخ أحمد الخاطري مع سمو الشيخ سعود عن الإجراء الاستثنائي فغضب وطلب إليه ألا يفاتحني في أمر اعتبره مهيناً وغير لائق في معاملتي ، وانتظرنا يومين حتى بدا أن الأمر قدر مقدور". ومر الشيخ أحمد علي بمسكني وصحبني الي الجوازات حيث وقفت لالتقاط بصمات لعيناي .. وكتب في المذكرة، ملاحظة: "بصمات العيون اجراء روتيني لكل الداخلين الي الدولة في المطار لكن لاتؤخذ بصمات العيون بشكل اداري داخل مصلحة الجوازات الا للخارجين علي القانون ممن يرحلون بلا عودة ولاتقبل الدولة دخولهم مرة أخري، باعتبار أن ذلك ضمان لعدم دخولهم متنكرين في أسماء أخري". وفي أحد الأيام طلبني هاتفيا من سألني هل أنا فؤاد راشد فقلت نعم قال متي ترحل قلت من أنت فقال انه من الأمن وأنه ليس ضابطا وهو مكلف بتتبعي حتي أرحل , فقلت له أن عملي لديهم لازال ممتدا حتي يوم 12 يناير وأنني أرحل الخميس 10 يناير فرد مطالبا اياي بسرعة الرحيل .
وقلت له أن اقامتي نفسها لازالت ممتدة الي 15 يناير 2013 , فقال ( أنت غير ) وكلمة غير تعني أن وضعي مختلف عن غيري , فقلت له أنا لم أجيء الي بلدكم لاجئا ولا طريدا بل أن بلدك هي من طلبتني وأني أنهي اجراءاتي وفور انهائها فأنا راحل وتلك أمنيتي دون طلب منكم .. توجهت الي الشيخ أحمد الخاطري غاضبا وقلت له لقد أهنت من قبل يوم بصمة العين وحكيت له ماحدث وقلت ان لحظة انفجاري لم تعد بعيدة , وقد غضب الرجل وقال تعال بنا الي سمو الشيخ سعود. توجهنا معا الي قصر الامارة والتقينا سمو الشيخ سعود , وقلت لسموه هل يليق وضعي أمام كاميرا لأخذ بصمة عيناي كما يفعل مع الخارجين علي القانون ؟ فقال في تلقائية ( أوفففففففف ) وقلت لسموه أنني رجل عزيز في أهلي عزيز علي بلدي ولايليق أن أعامل معاملة خارج علي القانون .
وأكمل الشيخ أحمد وروي قصة من اتصل وطلب الي سرعة الرحيل , وقد أبدي سمو الشيخ غضبه الشديد ووعد بالتصرف وانصرفنا .. في الطريق تلقي الشيخ أحمد اتصالا هاتفيا وبعد نهايته قال لي أن سمو الشيخ طلب أن يستقبلنا في قصر الامارة بعد صلاة العصر . في الموعد المحدد مر علي الشيخ أحمد وذهبنا معا الي قصر الامارة وأمضينا نحو خمس وأربعين دقيقة مع سمو الشيخ الذي تفضل – كريما – بالاعتذار لي , قال بالنص ( حقك علي نحن أهلك وأخطأنا في حقك ) ثم وعدني بالزيارة في مصر . بعد ذلك تتالت الاجراءات وطلب الي الشيخ أحمد بأسلوب كريم أن أعود الي بلدي دون تقيد بموعد انتهاء المدة المحددة في العقد وفعلا قمت بالحجز للسفر , كنت أعلم أن وجودي أمر ضاغط عليه وعلي الامارة خشية أن أتعرض لاجراء ما من قبل الدولة نفسها . كانت رغبة سمو الشيخ سعود وقد أبداها واضحة أن أسافر من مطار رأس الخيمة لأنني قلت أن الأمن في أي مطار آخر ربما تجاوز معي وأن رد فعلي ربما زاد الأمور تعقيدا , وتم الحجز فعلا علي طيران رأس الخيمة الي مطار القاهرة الدولي . قام الشيخ أحمد الخاطري – مشكورا – بعمل وليمة بدعوة رسمية موقعه منه ومختومة بخاتم دائرة المحاكم تكريما لي وجاء في الدعوة نصا أنها ( علي شرف المستشار فؤاد راشد ) . وقد وقف معي الشيخ أحمد وزملائي من القضاة المصريين موقفا بالغ الكرم وكانوا معي جميعا حتي قرب باب الطائرة , ولم يغادر الشيخ أحمد المطار الا بعد اقلاع الطائرة متجهة الي القاهرة . وقال فى مذكرته هناك عدد من الملاحظات اود أن أشير إليها وهى أولاً: أن قرار رحيلي جاء من سلطة الدولة وليس من الامارة التي أعرت اليها , وأن القرار يعود الي مارسة حقي في ابداء الرأي وهو ما أستأذنكم في طرحه علي كل المنظمات الدولية المعنية سواء بالشأن القضائي أو بالحق في حرية التعبير عن الرأي , كما جاء القرار في شكل مهين وقرأت اسمي ومعه عبارات من عينة ( يجري اشعار المذكور بكذا وكذا ) ّ. ثانياً: أن انهاء الاعارة تم بشكل استعلائي , وهو ماكان محل استنكار الجميع وقد نقل الي مباشرة عن سمو الشيخ سعود استنكاره لتلك الطريقة . ثالثاً: أن من المسلم من جميع المعنيين في الامارة أن سمو الشيخ سعود عارض في قرار رحيلي وأن القرار جاء فرضا من أبو ظبي وأن سموه يري أنه كانت هناك طرق أكرم من تلك الطريقة , ولما جلست الي سمو الشيخ سعود عبر لي بفطنة عن انعدام صلته بالقرار , حيث تحدث عن مناخ الثورات وحالة الاضطراب ومانحوها كتبرير للسياق الذي أنهيت فيه اعارتي . رابعاً: أن هناك فارق بين الكبر والكبرياء , وأن كبرياء القاضي وعزته وشموخه تأبي أن يعامل معاملة الخارجين علي القانون كماجري في أخذ بصمات عيناي وتولي جندي من الأمن أمر ملاحقتي حتي أرحل. وهاتفني السفير المصري في دولة الامارات الشقيقة وعلمت أن السفارة تتابع الأمر من بداياته وكنت فهمت أن خارجية الامارات أبلغت السفارة بما تعلق بي .