أحب كثيرا وأعشق تغطية القمم والمؤتمرات العالمية.. لما تتميز به من أجواء ومناخ يختلف تماما عن أي تغطيات صحفية أخري.. ففي زمن محدد بأيام قليلة يجتمع قادة ورؤساء الدول المشاركة تحت سقف واحد.. يتناقشون ويتحاورون - ويختلفون أيضاً - ويصدرون البيانات.. بينما نلهث نحن الصحفيين المشاركين.. من كل حدب وصوب.. بين القاعات والطرقات بحثا عن خبر أو انفراد يفوز به أحدنا.. ويفاجئ الجميع بنشره علي صفحات جريدته.. بينما نلتحم في عمل جماعي عندما تتعلق أعيننا وكل حواسنا ونحن نستمع إلي كلمات القادة والزعماء.. ونمضي أيام القمة بطولها وعرضها معا نأكل في قاعة واحدة.. ونكتب في مكان واحد.. ونتعارف وربما تربطنا صداقات بزملاء المهنة الوافدين من كل أصقاع الدنيا.. ثم ينفض المولد المكثف بعد ان يضفي تجربة ثرية عميقة علي أي صحفي مشارك.. وكان لي الحظ ان أقوم بالتغطية الصحفية لقمة فرنسا - إفريقيا التي استضافتها مدينة نيس الساحرة علي الريفييرا الفرنسية منذ أيام قليلة.. هذا المحفل الكبير الذي يعقد مرة كل عامين منذ عام 47 ويضم 25 دولة إفريقية مع فرنسا.. علي مدار يومين من العمل المكثف والجلسات والمناقشات والمشاورات واللقاءات الدائرة هنا وهناك.. وقد كان لحضور الرئيس حسني مبارك وقع غير عادي.. وترحيب كبير.. واستقبال حافل.. فهو القائد والزعيم.. للدولة الأكبر في إفريقيا.. وصاحب الحكمة والرؤية الثاقبة والدور المحوري حيال قضايانا في القارة السوداء.. فلم يكن غريبا أن يؤيد المشاركون في القمة الرسالة التي أطلقها الرئيس مبارك بضرورة تفعيل وتعزيز تواجد القارة الافريقية في النظام الدولي.. ودعوته الي وقفة جادة لمراجعة تطوير التعاون الفرنسي الافريقي حتي يرقي الي مستوي التعاون القائم بالفعل مع الصين والهند وتركيا.. ولم يكن غريبا أيضاً ان يجمع المشاركون علي استضافة مصر للقمة المقبلة.. مما جعل أجهزة الاعلام الفرنسية من اذاعة وتليفزيون تطاردنا نحن الصحفيين المصريين لاجراء الأحاديث والأدلاء بالتصريحات والتعليقات.. هذه الخصوصية المتفردة والحضور المؤثر والنجاح الكبير الذي أضفته مشاركة مصر والرئيس مبارك في قمة فرنسا - إفريقيا.. جعلني أشعر بالفخار والإعزاز بمصريتي.. فهذا هو دائما قدر القادة والزعماء الذين يصنعون التاريخ!!