تنسيق الجامعات 2025..فتح تقليل الاغتراب لطلاب الشهادات الفنية    مدبولي يستعرض مع وزير المالية ملامح الحزمة الثانية من «التسهيلات الضريبية»    كلمة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أعمال القمة العربية الإسلامية الطارئة    العالم يترقب عودة دوري أبطال أوروبا.. معلومات وتفاصيل    محترفو الفراعنة × أسبوع| فوز قاتل لصلاح.. غياب منعم ومرموش.. خسارة ثنائي الجزيرة.. وغضب من مصطفى    الأهلي يبحث عن مهاجم أجنبي.. و«الحملاوي» يعود للصورة    تموين الجيزة: تحصيل 14.8 مليون جنيه غرامات من أصحاب المخابز    آسر ياسين ودينا الشربيني يقدمان "اشهد يا ليل" في رمضان 2026    حكم الخلوة الشرعية عبر الإنترنت بين الزوجين بعد عقد القران    «باطلة من أساسها».. خالد الجندي يرد على شبهة «فترة ال 183 سنة المفقودة» في نقل الحديث (فيديو)    أبوريدة نائبًا أول لرئيس الاتحاد العربي لكرة القدم    «اضطراب القلق الاجتماعي».. كيف تعرف أنك مصاب وكيف تتعامل مع المناسبات دون توتر؟    الداخلية توضح حقيقة فيديو قديم لتجاوز سلوكي منسوب لفرد شرطة بالقاهرة    اختل توازنه.. مصرع سباك سقط من علو في العمرانية    مصدر أمني ينفي ادعاء شخص بتسبب مركز شرطة في وفاة شقيقه    وزير الري يفتتح فعاليات اليوم الثانى من "معرض صحارى"    الصين تهدد باتخاذ إجراءات مضادة بعد دعوة ترامب لفرض رسوم على بكين    المتحف القبطي يحتفل بعيد النيروز بمعرض "النخلة حكاية تراث"    حكم قضاء الصلوات الفائتة .. «الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية» يجيب    بكين تحقق مع نيفيديا وسط تصاعد التوتر التكنولوجي مع واشنطن    نجاح جراحة قلب مفتوح معقدة بمستشفيات قنا الجامعية لإنقاذ حياة مريضة    تقديم الخدمات الطبية ل1266 مواطناً ضمن القافلة المجانية بقرية طاهر في كفر الشيخ    بتكلفة 15 مليون جنيه.. افتتاح توسعات طبية بمستشفى فيديمين المركزي في الفيوم    أرباح شركة دومتي تتراجع بنسبة 94% خلال النصف الأول من عام 2025    الدكتور هشام عبد العزيز: الرجولة مسؤولية وشهامة ونفع عام وليست مجرد ذكورة    الاحتلال يكثف إجراءاته بالضفة.. مئات الحواجز والبوابات الحديدية    تعليق مفاجئ من آمال ماهر على غناء حسن شاكوش لأغنيتها في ايه بينك وبينها    وزير الخارجية البولندي يوضح حقيقة الطائرات المسيّرة التي اخترقت أجواء بلاده    حاكم يوتا الأمريكية يكشف أسرارًا عن المتهم بقتل تشارلي كيرك.. ما هي؟    تحرير 126 مخالفة لمحال لم تلتزم بقرار مجلس الوزراء بالغلق لترشيد الكهرباء خلال 24 ساعة    رابط نتائج الثالث متوسط 2025 الدور الثاني في العراق    قرار وزاري بإصدار ضوابط وآليات إعتماد «الإستقالات» طبقًا لقانون العمل الجديد    الحكومة تستعد لطرح فرصًا استثمارية في قطاع إنشاء وتشغيل المستشفيات    ترامب يهدد بإعلان «حالة طوارئ وطنية» في واشنطن لهذا السبب    موعد إعلان الفائز بمسابقة أفضل ممارسات الحفاظ على التراث العمراني 2025    إسماعيل يس.. من المونولوج إلى قمة السينما    الفريق أسامة ربيع ينعى 4 مرشدين رحلوا خلال عام 2025    قيمة المصروفات الدراسية لجميع المراحل التعليمية بالمدارس الحكومية والتجريبية    نشر الوعي بالقانون الجديد وتعزيز بيئة آمنة.. أبرز أنشطة العمل بالمحافظات    إزالة 95 حالة تعدٍ على الأراضى الزراعية بسوهاج خلال حملات موسعة.. صور    ليه 3 ديفندر؟.. غضب فى الأهلي بسبب تشكيل النحاس أمام إنبي    نبيل الكوكي يعالج الأخطاء الدفاعية فى المصري بعد ثلاثية الزمالك    رضوى هاشم: اليوم المصرى للموسيقى يحتفى بإرث سيد درويش ب100 فعالية مختلفة    صوفيا فيرجارا تغيب عن تقديم حفل جوائز إيمي 2025.. ما السبب؟    منافسة شرسة بين مان سيتي ويونايتد على ضم نجم الإنتر    ضبط ومصادرة 90 من المخالفات فى حملة لشرطة المرافق وحى غرب سوهاج    البنك الأهلي المصري يتعاون مع «أجروفود» لتمويل و تدريب المزارعين    ملك وملكة إسبانيا يبدآن غدا زيارة إلى مصر    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب سواحل كامتشاتكا الروسية    «لم يرحموا بكاء طفلتي».. القصة الكاملة لوفاة رضيعة الإسكندرية على ذراع والدتها بسبب منع الإجازة    "الأوقاف" تعلن عن أسماء المقبولين للدراسة بمراكز إعداد محفظي القرآن الكريم    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى الهرم دون إصابات    «التضامن»: صرف «تكافل وكرامة» عن شهر سبتمبر بقيمة تزيد على 4 مليارات جنيه اليوم    بسنت النبراوي: تركت مهنتي كمضيفة جوية بسبب ظروف صحية والتمثيل صعبة للغاية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : شكرا سيدى إبراهيم البحراوى    «بيفكر في بيزيرا».. رضا عبدالعال يهاجم زيزو    تسمم 4 أشقاء تناولوا "سف فئران" بالخطأ في البحيرة    لقاء الخميسي في الجيم ونوال الزغبي جريئة.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يغيب العدل
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 03 - 2012

ظهرت الطبعة الأولي من كتاب »سقوط الرأسمالية والشيوعية« عام 7891، بما يطرحه من توقع بسقوط الاتحاد السوفيتي قبل تفككه، لمؤلفه »رافي بترا«، رئيس قسم الاقتصاد بالجامعة الميثودية بتكساس، الذي منحه مجلس الشيوخ الايطالي عام 0991 وساماً تقديراً لصحة توقعه. عندما طرح المؤلف نبوءته، كان النظام الشيوعي، والنظام الرأسمالي يتبديان في ذروة سطوع ثقتهما المعلنة من وتحقيق أهدافهما وحمايتها وتنميتها، لكن اللافت أن الكاتب في تفسيره لنبوءته عن سقوط الشيوعية والرأسمالية، لم يستند فقط إلي مناقشة جوانبهما الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، وأيضاً لم يسهب كثيراً في تناوله لأثر العوامل المادية، وتعقد أزمات النظامين، بل راح يشخص وضعهما في ضوء تطبيق نظرية »الدورة الاجتماعية«، لأستاذه الفيلسوف والمناضل »ساركار«، والتي تتجاوز النظريات الخاضعة لمفهوم تفسير الطبقات، اعتماداً علي قاعدة الدخل والثروة.
إن نظرية »الدورة الاجتماعية« في تفسيرها العام للتاريخ الإنساني، تتأسس علي مفهوم قاعدته أن ثمة أربعة أنماط من الشخصيات في كل مجتمع وحضارة، يختلف كل نمط منها في عقليته عن غيره، وتشكل في مجموعها أربع جماعات، أو طبقات كبري، هي: المحاربون، المثقفون، الرأسماليون، العاملون. يضم نمط المحاربين، الجنود، رجال الشرطة والإطفاء والرياضيين الذي يمتلكون السمات العضلية للسيطرة، ويتسمون بالتوجه القصدي نحو الحياة، والمواجهة المباشرة في معاركهم، ويسعون إلي وضع بصمتهم علي التاريخ. أما نمط العاملين فيضم معظم أصحاب الحرف والمهن، الذين يشكلون القاعدة الأساسية لكل مجتمع، وعماد كل حضارة، ويحدد تعريفهم شرط اعتمادهم علي قواهم الجسدية، وقيامهم دون إكراه بالتعامل المباشر مع المادة بواسطة العمل والبيئة، لذا فإن البيئة المحيطة بالعاملين غير المؤهلين تهيمن علي عقليتهم، فينزعون إلي الركون والتكرار. يشكل المثقفون النمط الثالث الذي يضم الأطباء والمهندسين والمحامين والأساتذة والكُتاب والباحثين ورجال الدين.. وهم يعتمدون علي قدراتهم العقلية، ويتبدي خطابهم في تناول المشكلات متخماً بالتعقيدات والنظريات، والمعتقدات، قد يتطلع بعضهم إلي السلطة السياسية، لكن عندما يحكم المثقفون يكون ذلك بالتنسيق مع المحاربين. أما الرأسماليون فيشكلون النمط الرابع المكون من رجال الأعمال والتجار والمقاولين والمصرفيين.. بوصفهم الأكثر ميلاً إلي الامتلاك والاستحواذ والتجميع واكتناز الثروات، وهم يسيطرون علي المجموعات الثلاث بشراء خدماتهم، فيحصلون بأموالهم علي متع الحياة، وتحقيق السلطة والمكانة في المجتمع. ومن مسلمات الإنصاف ضرورة الانتباه إلي أن التقسيم الرباعي للمجتمع، يتأثر بالحراك الاجتماعي ما بين هذه المجموعات الأربع، إذ قد تتغير السمات العقلية للأفراد بالاكتساب في سياق تغير الزمن، سواء كان بواسطة جهد إرادي، أم بالانخراط في اتصال طويل مع الآخر، حيث السمات المسبقة لكل نمط من الأنماط الأربعة، لا يتحقق وجودها في أفراد أي نمط بالتناسل، بوصفها خواص وراثية، وذلك لأن جميع سمات الأنماط الأربعة، تتوافر لدي جميع البشر، لكن تبرز سمة واحدة لدي إنسان، تتميز علي غيرها، وتتغلب علي بقية السمات الأخري، فتوجه عقليته إلي هدف تلك السمة البارزة، وكذلك الحال علي مستوي الحضارات، حيث في كل عصر من عصور الحضارة، يتغلب نمط عقلي علي غيره، عندئذ تؤول إليه قيادة المجتمع، سواء كان نمط المحاربين، أم الرأسماليين أم غيرهما، ويسمي عصر المرحلة الحضارية باسم النمط الذي يهيمن علي النظام السياسي والاجتماعي، كل بدوره. والدلالة السياسية لذلك أنه لا يمكن لنمط واحد أن يمارس هيمنة وسلطة أبدية علي المجتمع، إذ تنتقل الهيمنة من نمط اجتماعي إلي آخر، ومن جماعة ذات بنية عقلية إلي أخري.
ولأن الشرط التاريخي والطبيعي لقانون الدورة الاجتماعية، يجد جذوره في التطور الإنساني الذي يتأسس علي أن تحولات التطور الإنساني، تستلزم تغييراً اجتماعياً موازياً، لذا فإن المؤلف في تشخيصه للاتحاد السوفيتي، كشف عن الأوضاع التي تحكم بالأفول علي ذلك النظام الحاكم، التي تبدت في تخبط المجتمع تحت حكم المرحلة النهائية المتدنية الفاسدة، من سيطرة عصر أشباه المحاربين، الذين يفرضون علي شعبهم السجن في إطار شبكة من التنظيمات، والعقائد الجامدة، ثم ممارستهم احتكاراً للسلطة يرتكز علي الكذب العقائدي، والتأطير السياسي المفرط للمواطنين، فشكل بذلك مركزية حادة للسلطان السياسي تقود إلي السقوط، لذا يؤكد المؤلف أن الثورة الاجتماعية قادمة، وسيرفض المجتمع العبودية المفروضة عليه من أشباه المحاربين، وسيتجه نحو مجتمع يقوده المثقفون، وهو أمر لا يمكن تفاديه.
يقر المؤلف أن الرأسمالية في مرحلة انحدار منذ الثلاثينيات، وأن مقاليد الأمور اليوم يقبض عليها الرأسماليون المستحوذون الزائفون، الذين اتخذ نفوذهم مساراً من الانحطاط، تعاظم وانفلت تداوله. ثم استدعي المؤلف قائمة مشحونة بأعراض ذلك الانحطاط المتفشي، مؤكداً أن المادية المفرطة، والنفاق الرأسمالي هما المسئولان عن كل تلك الأمراض الاجتماعية والسياسية، واستشراء الاختلالات، والتصدعات ما بين السياسة والاقتصاد والأخلاق، وسقوط المعايير المرجعية لضوابطها. ولأن عصر الرأسماليين المستحوذين، يبدأ عندما تستولي قوة المال علي مقاليد الأمور الاجتماعية والاقتصادية في مجتمع ما، وتقيم نظاماً سياسياً لا مركزياً، يصل إلي ذروته، عندئذ تغدو هيمنته مطلقة، لكن انحداره يبدأ لحظة أن يصبح الجهاز السياسي في أيدي رأسماليين مثقفين، لذا يؤكد المؤلف أن الأزمة تزداد خطورة، لكنها ستنتهي بتحريض الجماهير علي الثورة الاجتماعية القادمة، التي تخلع الرأسماليين المستحوذين عن عرشهم. تري أليس السبب في الحالتين واحداً، ويتبدي في استحواذ فئة علي الثروة، واحتكار السلطة، أي إنه عندما يغيب العدل لابد أن تسقط الأنظمة؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.