أكد خبراء المال والاقتصاد أن مستقبل الاقتصاد المصري مظلم، بسبب تداعيات الأحداث الأخيرة، لكنهم أشاروا إلي ان هناك بصيصا من الأمل والنور في نهاية هذا النفق، حيث ستستقر الأوضاع الاقتصادية عندما يتم استكمال شكل الدولة بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ، ووضع دستور جديد للبلاد . تؤكد د.عالية المهدي أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن كل مؤشرات الاقتصاد المصري متدهورة في الوقت الحالي ، وعلي رأسها تراجع احتياطيات النقد الأجنبي لنحو 20 مليار دولار فقط ، بعد أن كان يزيد علي 34 مليارا منذ بضعة أشهر ، كما ارتفعت نسبة البطالة لنحو 12 ٪ بعد أن انضم للعاطلين نحو 1.2 مليون مواطن منهم 800 الف تخرجوا من الجامعات منذ أشهر ولم يجدوا عملا ، ونحو 500 ألف عامل بالقطاع الخاص فقدوا وظائفهم بسبب تراجع الانتاج واغلاق نحو ألف مصنع عقب الثورة ، بسبب تدهور الأوضاع الأمنية وعدم وجود تأمين كاف للمصانع . وأضافت د.عالية أن معدل التضخم سيبدأ في الارتفاع بسبب زيادة سعر صرف الدولار أمام الجنيه، كما ان هناك حالة من القلق من المضاربة علي سعر الجنيه والعملات الأجنبية في مصر ، وهو ما يعني تراجع القوة الشرائية للجنيه ، بخلاف هروب بعض الاستثمارات الأجنبية، كما انه من المتوقع عدم جذب استثمارات أجنبية جديدة خلال الأشهر الستة القادمة.. بخلاف تراجع معدلات التدفق السياحي لمصر ، والغاء العديد من الحجوزات رغم أننا مقبلون علي ذروة الموسم السياحي في فصل الشتاء. وقالت د.عالية إن الفترة الأخيرة لا تشهد اهتماما بالمرافق والنظافة العامة، وهو ما سيحتاج لنفقات كبيرة للاحلال والتجديد خلال الفترة القادمة ، وهو ما يتعذر توفيره حاليا لوجود صعوبات في عملية التمويل.. كما أن عملية تغيير الوزارة مقلقة لأنها ستأخذ فترة انتقالية يفهم خلالها الوزير الجديد وزارته لمدة شهر علي الأقل. ويتفق معها في الرأي د.حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد والرئيس الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الادارية مؤكدا خطورة تراجع احتياطي النقد الأجنبي بشكل كبير ، بالاضافة لوجود مخزون من السلع الاستراتيجية لا يكفي الا ثلاثة أشهر فقط ، وما يزيد من حدة الأزمة زيادة سعر الصرف الدولار ليتجاوز حاجز الستة جنيهات لأول مرة منذ 8 سنوات ، خاصة أن البنك المركزي لا يستطيع ضخ جزء من الاحتياطي في السوق للحد من زيادة سعر الدولار بسبب تراجع الاحتياطي . وأكد د. حمدي أن تراجع معدلات الانتاج واغلاق نحو ألف مصنع يؤدي لزيادة فاتورة الاستيراد ، بخلاف تسريح العاملين بالمصانع التي أغلقت لينضموا إلي طابور البطالة ، وهو ما سيؤدي لزيادة معدلات التضخم التي تصل لنحو 12٪ حاليا واذا استمرت الأوضاع الاقتصادية الحالية سيصل التضخم لنحو 20٪ خلال بضعة أشهر ، بالاضافة لتحقيق البورصة المصرية لخسائر بنحو 29 مليار جنيه خلال الثلاثة أيام التالية لاحداث التحرير .. وكل هذه العوامل ستؤدي لمزيد من تدهور الأوضاع الاقتصادية. وأكد د.حمدي أن الأوضاع الاقتصادية الحالية ستؤدي إلي قيام المؤسسات الدولية بتخفيض جديد للجدارة الائتمانية للاقتصاد والبنوك المصرية درجتين بعد أن تم تخفيضها درجة منذ بضعة أسابيع . وأكد د.حسين عيسي عميد كلية التجارة بجامعة عين شمس أن السيناريو المتوقع للاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة غير مبشر، لأن أحداث التحرير الأخيرة ستؤدي لمزيد من هروب الاستثمارات الأجنبية، حتي المستثمر المحلي سيحجم عن ضخ أموال جديدة . ويلفت د.حسين النظر إلي أهمية أن تتفهم الحكومة القادمة وتدرس المطالب الفئوية وأن تضع حلولا سريعة لها لايقاف نزيف الخسائر الاقتصادية بسبب تعطل الانتاج، مثلما حدث من خسائر يومية بعشرات الملايين من الجنيهات بسبب تعطيل العمل بمصنع موبكو بدمياط . ويتوقع د. حسين أن تلجأ الحكومة للمزيد من الاقتراض الخارجي والمحلي، مشيرا إلي خطورة زيادة الدين المحلي الذي يبلغ نحو ألف مليار جنيه حاليا، قائلا إن فوائد هذا الدين كبيرة ، خاصة أن البنوك المحلية رفعت سعر الفائدة لنحو 14٪ علي اذون وسندات الخزانة.. وهو ما سيضطر الحكومة للجوء للاقتراض من المنظمات الدولية. ويختتم عميد تجارة عين شمس كلامه بأن هناك ضوءا دائما في نهاية النفق المظلم، ويقول: مع استقرار الأوضاع واجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية ووضع دستور جديد للبلاد.. وكل هذه الاجراءات ستؤدي لاستكمال شكل الدولة المدنية الديموقراطية، ستدور عجلة الاقتصاد المصري، وسيعود المستثمر الأجنبي والمحلي لضخ استثمارات جديدة ، لأن المستثمر يحب أن يضخ استثماراته في بلد آمن ومستقر.. وسيؤدي ذلك لتحسن واستقرار الأوضاع الاقتصادية.