طابا »كامب ديفيد« الجدار العازل »صراع الدبلوماسية من مجلس الأمن إلي المحكمة الدولية« كتاب جديد للدكتور نبيل العربي الدبلوماسي المصري الاستثنائي،الذي شغل مواقع دبلوماسية بالغة الأهمية داخل مصر وخارجها، وكان مسئولاً عن أهم الملفات السياسية المصرية علي مدي نصف القرن الأخير. يقدم لنا في هذا الكتاب الحقيقة الكاملة عن مُجريات ملف المفاوضات المصرية - الإسرائيلية التي انتهت باسترجاع طابا واستكمال تحرير الأرض المصرية، لقد كان الدكتور نبيل العربي رئيس الوفد المصري في هذه المفاوضات التي اعتُبرت انتصارًا دبلوماسيًّا ساحقًا. يأخذنا المؤلف إلي جذور القضية منذ عام 67 ويكشف من موقعه المهم في أروقة الدبلوماسية المصرية والعالمية باعتباره من صُناع الحدث، عن أهم محطات الصراع العربي الإسرائيلي منذ ذلك الحين. من ناحية أخري، يُقدم الكتاب شهادة حية علي تاريخ الدبلوماسية المصرية بما يتمتع به المؤلف من مصداقية ومسئولية رَجُلٍ عَملَ رئيسًا لمجلس الأمن الدولي، وبضمير قاضٍ في محكمة العدل الدولية، وبوعي مثقف وأكاديمي نال الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة نيويورك تقول الدكتورة لطيفة سالم في تقديم الكتاب:إن ما كتبه نبيل العربي لا يدخل تحت المذكرات وإنما الذكريات التي تصاحبها رؤية تحليلية،فهو يقص علينا ما كان يحدث، وخاصة المتعلق بصعوبة التفاوض مع إسرائيل كأنه ينقل لنا صورا التقطها بالأمس القريب . ويقول الدكتور نبيل العربي في مقدمة كتابه: أن عرض قضية طابا يقتضي البدء بالتعرض لبعض خلفيات النزاع العربي الإسرائيلي ولذلك وجدت من الضروري أن أبدأ بحرب 1967 التي في نظري قلبت موازين القوي في الشرق الأوسط. في الحقيقة بدأ الدكتور نبيل العربي بسرد مبسط بأسلوب سلس يخلو من التطويل والاستطراد قصة حياته التعليمية والمهنية والأسرية بلمحات سريعة وعميقة جعلتنا نتوقف عند شخصية ذات قامة عالية وقيمة فكرية وثقافية وسياسية ودبلوماسية تتمتع بالهدوء العبقري الذي يكشف عن سر اختيار هذا الرجل في تقلد كل تلك المناصب السياسية الهامة في حياتنا السياسية. في الفصل الأول للكتاب يتناول الدكتور نبيل العربي الحرب التي قلبت موازين القوي في الشرق الأوسط ويقصد حرب 1967 ويشير الكاتب إلي أن السمة الغالبة للنزاع العربي الإسرائيلي كانت قبل حرب 67 نزاع علي الوجود ولكن بعد الحرب وبعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 242 لسنة 1967أصبح نزاعا علي حدود ويوضح الدكتور نبيل العربي الدوافع الحقيقية التي أدت إلي الحرب ثم موقف الدول العربية والأممالمتحدة حيال ما حدث من الجانب الإسرائيلي وما حدث في مصر من تداعيات لهذه الحرب التي سيقت إليها مصر باعتبارها الشقيقة الكبري في المنطقة والمسئولة عن امن واستقرار أي دولة عربية وتساءلت وسائل الإعلام العربية كيف تسمح الشقيقة الكبري والدولة العظمي في المنطقة أن ترتكب إسرائيل الهجوم الوحشي علي قرية السموع الأردنية وترتع كما تشاء في الشرق الأوسط كما تردد أن مصر تحتمي وراء ستار القوات الدولية مما سبب حرجا شديدا لمصر وللرئيس جمال عبد الناصر شخصيا ويقول د.العربي: لا استبعد أن هذه الحملة كانت لها تداعيات مباشرة في إقدام مصر علي قرار سحب القوات الدولية في مايو 1967. ثم تناول د. العربي دور الأممالمتحدة في النزاع العربي الإسرائيلي والإطار القانوني والسياسي الذي كان سائدا عام 1967والذي بدأ عام 1947وصولا إلي أزمة السويس وحرب 1956العدوان الثلاثي علي مصر. مؤتمر السلام والانسحاب وفي الفصل الثاني من الكتاب تناول المؤلف مؤتمر السلام الذي عقد في جنيف تحت رئاسة فالدهايم لتسوية الأزمة بين العرب وإسرائيل وانسحاب الثانية من الأراضي العربية ولكن غياب سوريا عن حضور المؤتمر أدي إلي عدم التمكن من تنفيذ قرارات الانسحاب. ثم تناول الأحداث التي أعقبت مؤتمر السلام وما حدث في اجتماعات المجلس العسكري بعد حرب 1973 ومؤتمر نزع السلاح. وفي الفصل الثالث يروي حكاية عودته الي القاهرة بعد انتهاء عمله في جنيف ورحيل عبد الناصر وتولي الرئيس السادات الحكم وصولا إلي الفصل الرابع الذي تناول فيه مقدمات كامب ديفيد1977-1978 موضحا كل الملابسات التي سبقت زيارة الرئيس السادات إلي القدس وموقف الدول العربية منها ومحاولة استرداد سيناء وفي الفصل الخامس تطرق الكاتب الي مؤتمر كامب ديفيد بالتفصيل قائلا في بداية هذا الفصل: ان مؤتمر كامب ديفيد الذي عقد في الفترة من 4 الي 17 سبتمبر 1978اي منذ ثلاثين عاما لم يكن بالسوء الذي يصر عليه الذين يهاجمونه ومع ذلك لم تكن نتائجه ايجابية علي النحو الذي يطلقه المدافعون عنه،وتناول الدكتور العربي بالشرح والتوضيح كل معطيات الموقف العربي الإسرائيلي عند توقيع الاتفاقية التي علي ضوئها اتخذ الرئيس السادات قراره بزيارة القدس وكسر ما اسماه الحاجز النفسي بين إسرائيل والدول العربية وتوالي شرح وتوضيح ردود الأفعال العربية والإسرائيلية حول زيارة الرئيس المصري إلي القدس ويقول الدكتور العربي في سطور كتابه: يجب التفرقة بين وثيقة كامب ديفيد التي وقعت في سبتمبر 1978وبين معاهدة السلام التي وقعت في واشنطن في 26 مارس 1979. وثيقة كامب ديفيد تضمنت الانسحاب الإسرائيلي الشامل وممارسة مصر سيادتها كاملة علي سيناء بالإضافة إلي حرية الملاحة للسفن الإسرائيلية في القناة طبقا لاتفاقية القسطنطينية وفي خليج السويس والاستخدام المدني للمطارات التي تتركها إسرائيل في سيناء ولم تشمل الوثيقة أي إشارة إلي ما يطلق عليه " التطبيع " أو أي التزامات إضافية علي مصر اللهم إلا إشارة إلي إنهاء المقاطعة وأهمية استكشاف إمكانية تنمية اقتصادية .وفي نفس الوقت تضمنت الوثيقة بعض إشارات ايجابية لصالح فلسطين مثل الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة ولكنها أحجمت عن الإشارة إلي حق تقرير المصير وهو ما دفعني إلي رجاء الرئيس السادات بعدم التوقيع عليها وصورت الوثيقة وسيلة واحدة للمشاركة الفلسطينية عن طريق بعض الترتيبات التي أطلق عليها محادثات الحكم الذاتي التي لن تلتزم بها إسرائيل. ويأتي الفصل السادس والسابع يروي فيه الدكتور العربي تجربته الدبلوماسية في الهند وجنيف إلي أن يصل بنا إلي طابا والنزاع حولها 1983-1989وهي التي تتمثل في جولة جديدة من التفاوض مع إسرائيل إلي أن تحقق الانسحاب النهائي من الأراضي المصرية في مارس 1989 ويقول د. العربي ان الحكومة المصرية أدارت قضية طابا بأسلوب علمي متحضر علي أعلي مستوي مهني . وتناول الكتاب تاريخ نشأة النزاعات بين مصر وإسرائيل منذ عام 1957من واقع القرارات والمعاهدات الدولية. ثم انتقل بنا الدكتور العربي إلي نيويورك حيث عمل كمندوب دائم لمصر لدي الأممالمتحدة وكان العالم علي أعتاب ما عرف بحقبة ما بعد الحرب الباردة وانتخاب د. بطرس غالي سكرتيرا عاما للأمم المتحدة،ثم تطرق بالحديث حول تجربته في محكمة العدل الدولية في الفترة مابين 2001 إلي 2006 كقاض في محكمة العدل الدولية واستعرض في هذا الفصل المركز القانوني للمحكمة واختصاصها وسلطاتها وأسلوب العمل فيها، واختتم الكتاب بخاتمة تدور حول طبيعة النظام الدولي المعاصر والثانية تتعلق بخصائص العمل الدبلوماسي في عالم اليوم والثالثة حول أسلوب إدارة السياسة الخارجية لمصر كشاهد ومشارك في قضية طابا وفي سير قضايا دبلوماسية وأحداث مهمة في تاريخ مصر المعاصر.