وللحرية الحمراء باب.. قالها شوقي، ونسي أن يضيف ولها شباك وكوة في السقف، وفضاء مفتوح علي زرقة لامتناهية تسبح فوق بحر أحمر، فمن ذا الذي يستطيع الصمت أمام هذا الدم كله..؟ سلام من صبا بردي، ومن ربي الزبداني حيث كان يصيف صديق شوقي وتلميذه محمد عبد الوهاب وملوك العاربة والمستعربة، وسلام من دوما وسقبا وحرستا وزملكا، وكل ريف دمشق حيث كان ذاك النهر يجري عذبا رقراقا، ويلوح عن قرب وعن بعد لنبع الفيجة، ثم يتهادي »واثق الخطوة يمشي ملكا« الي ان يروي مدينة تراجع أمام أسوارها الخارجية تيمورلنك، ويريد ان يذلها من داخل السور أسد من ورق. أسد علي وفي الحروب نعامة..، ولك ان تضيف أو زرافة أو وحيد قرن، أو خرتيت، فكله جائز في دنيا الشعر حيث يجوز للشعراء ما لا يجوز للقتلة والسفاحين لكن من ذا الذي يستطيع أن يفكر بالشعر والفلسفة والموسيقي وهو يري شبابا في عمر الورد يذبحون أمام الكاميرات كالنعاج في أضحي 1102، وتعلق رءوسهم علي أعواد في الرمال كما كان يفعل التتار بخصومهم في عصور نسبناها للظلام، والظلمة ما نحن فيه، فالوحش فينا، وفينا من لا يزال يستقطر بتنويم ضميره أقسي حالات الوحشية من ذلك الوحش. الدم يسيل، ومعه خسيس الكلمات والأفعال، والاسماء، ويقولون لك، قال الصالحي، وصرح الزيباري، وأعترض لافروف، من هو لافروف ليعترض علي إدانة الوحشية والوحوش هل هو ابن عم حمزة الخطيب أم خالة زينب الحمصي، أم جدة غياث مطر..؟ ثمانية أشهر والسوريون يعيشون علي هذا الايقاع، وكلما أقترب خلاصهم من سفاحهم تتبرع جهة ما في بكين أو موسكو أو كاراكاس أو طهران، أو بيروت لتعيق شمس حريتهم، وتدافع عن سفاحهم باسم استقرار المنطقة لمن هو قريب منها، وباسم الممانعة والصمود لمن يتفذلك أكثر من داخل الدائرة العربية. وفي هلوسات الدم والحرية دعونا نتفذلك مثلكم قليلا لنحصل علي المساواة في الفذلكة إن لم نحصل عليها في الحقوق والحياة، ودعونا هنا نسأل: ما علاقة الممانعة بالسياسة وهي لفظ من القاموس الجنسي يستخدم في المخادع وما دمتم سيستموه وأضفتموه للصمود، فاسمحوا لنا وباسم هذا الصمود أن نسألكم سؤالا آخر: لو خاض وحشكم حرب إستنزاف ضد إسرائيل بذات الشراسة التي يظهرها في حرب الثمانية أشهر ضد الشعب السوري أما كان الكيان الصهيوني قد أهتز أو حتي زال من الوجود..؟ في حضرة الدم لا يجوز الكذب ولا مكان للفذلكات، والسوريون المدنيون العزل الابرياء يذبحون يوميا، وهناك من لا يزال يجد في الدعوة لحماية المدنيين نقضا لوضوء العروبة، وتدخلا خارجيا، أما آن لهذه العروبة ان تحلل نفسها من الفساد وتبتعد ما استطاعت عن الإستبداد، وتحترم ولمرة واحدة الي الأبد خيارات البشر. أيتها البشرية جمعاء، وليست بشرية العروبة وحدها دعونا نخبركم نحن السوريون الموشكون علي الإنقراض وأنتم تتفرجون إننا لا نريد تعاطفا ولا شفقة، ولا مساعدة ولا رحمة فان بينكم من لو جاءتنا المساعدة من الله في عليائه سيأتينا ليقول أنظروا إنه تدخل خارجي ألم نقل لكم الخارج يساعد هؤلاء الخونة أصحاب الاجندات الخارجية. قلتم لنا وسمعنا عظم الله أجركم، فنحن ما هرمنا ولا تعبنا أو سئمنا فقط حلوا عنا بتحليلاتكم ومحلليكم، بمعلقيكم وفلاسفتكم بناشطيكم وعدم الناشطين بحقوقييكم ومن لا يعرف للحق معني الا اذا كان في صفه نعم حلوا عنا وأتركونا ندير معركتنا علي هوي شعبنا، فدمه الذي يسيل أنهارا وليس دم رجال المندوب السامي في الضاحية الجنوبية لبيروت ولا دم عصابات وكيل الفقيه في بغداد، بل ولا دم جيران حمدي قنديل مع حبنا لهم رغم سقطة جارهم. خسارة يا حمدي طلع قلمك من رصاص فعلا ولكنك تطلقه علي العدو الخطأ في التوقيت الخطأ، لكن بالله عليك، وكلامك لم يجف عن شاشات القذافي لا تتبرع لنا بالمزيد من الدروس في الكرامة والحرية، فأولياء الدم الذين يموتون يوميا في حماة ودير الزور وادلب ودرعا هم الإجدر بأن يحاضروا في قضايا الحريات والكرامة. هل لاحظت إني أهملت حمص في الجملة السابقة..؟ نعم يا من كنت صديقي كان إهمالا مقصودا فهذه المدينة تبعث أمة وحدها فقد ظننا كما ظننتم لحين من الدهر أنه ما من مدينة تتسربل بالصمود منذ طروادة في عهد الأساطير وعكا في زمن نابليون والا ستالينغراد في العصور الحديثة، ثم جاءت مصراته الليبية علي أيامنا، وقبل ان نقفل دفتر أمجاد المدن أطلت حمص التي تقصف بالطائرات والدبابات والمدافع منذ أسابيع وتقدم عشرات الشهداء يوميا، وما تزال تخرج بعد صلاة العشاء يوميا لتغني للحريةوبعد صلاة الفجر لتقول: حيي علي الكرامة أليست مدينة مثيرة للفخر بربك يا حمدي باشا؟ ولا نريد أن نزيدها علي من كنا نظنه رفيق درب علي طريق الحرية، فمصيبتنا ببعض جيراننا في لبنان أكثر فداحة، فهؤلاء الذين وقف معهم الشعب السوري في جميع محنهم وازماتهم، وتعاطف مع قضاياهم منذ دخول قوات الردع السورية الي لبنان، وتبني شعاراتهم في رفض نظام الوصاية يحنون - او يحن بعضهم - الي عهد الوصاية ويظهرون مع المخاوف المبررة نظريا وحدة لا نظير لها مع شعارات الطغيان واندماج لا مثيل له مع آليات القمع والاستبداد، وهم الذين صرعونا علي مدار التاريخ القريب والبعيد بالتباهي بالديمقراطية علي من حولهم من رعاع، فما بالنا اليوم لا نري علي شاشات الاعلام الرسمي السوري إلا المعلقين اللبنانيين الذين يوزعون عبارات »عشق بلا حدود« علي نظام يسفك دماء الأطفال، ولا يزرع في أي مكان تمر فيه دباباته الا الحقد والضغينة والكراهية. تدخل الثورة السورية شهرها التاسع من بين أحلام يقظة وهلوسات دم، والسوريون داخل سوريا وخارجها لا تطن بآذانهم غير تلك الصرخة البعيدة للقهر الانساني التي تنطلق من شوارع حمص »ما لنا غيرك يا الله« فينظرون الي السماء، وهم واثقون ان خصوم الحرية سينظرون للمساعدة الربانية حين تأتي علي أنها تدخل خارجي يثبت تعليقاتهم وتحليلاتهم، وينقض - كما حذروا - وضوء العروبة. مفكر سوري