لبيك اللهم لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك. شعار هذا اليوم ونشيد هذه الساحة وتردد هذا الركن لبيك اللهم لبيك. ومن أولي بالتلبية منك يا رب العالمين وقد خلقت الخلق بقدرتك، وأمددتهم بعبوديتك وأنعمت عليهم بربوبيتك فلا يقال لبيك إلا لك، تناجي الأوطان وأنت تدعو، فأنت أولي بلبيك وتفني الأهل وأنت تدعو، فلا يكون لبيك إلا لك، ويدعو المال والولد إلي أن يظل الإنسان حبيسهم.. ولكن لا يقال لبيك إلا لك. سبحانك ولا تقال إلا لك سبحانك يا رب وما اصدق لهجة عبادك جميعا حين يقولون لبيك اللهم لبيك. ولماذا لا نقول : لبيك يا رب وأنت لا شريك لك؟ ولماذا لا نقول: لبيك لك يا رب والحمد كله لك؟ الحمد بكل صوره بكل ألوانه حتي الثناء علي الأسباب .. حتي الشكر للوسائط والوسائل مرد الحمد فيها جميعا إليك يا رب يا رب نسألك كل شيء .. بقدرتك علي كل شيء اغفر لنا ولهؤلاء جميعا ولا تسألنا عن شيء ........ هذه السطور جاءت من بين سطور كتاب فضيلة الشيخ متولي الشعراوي "الحج الأكبر .. حكم .. أسرار .. عبادات " الذي تناول فيه أهمية الحج وكيف أن الله لم يكلفنا به ويتم أركان الإسلام به إلا لأنه أتم علينا من قبل ثم يشرح أركانه وفائدة كل ركن من تلك الأركان مع إظهار الروحانيات في هذه الأركان فأسلوب الشيخ الإمام لم يكن أسلوبا نظريا سرديا دراسيا مجردا من المشاعر والأحاسيس يجب ان يشعر بها كل مسلم تجاه ربه ودينه بل كان يسهب في إبداء وشرح تلك المشاعر الربانية الإنسانية وعلاقة المسلم بربه فيزيد من تعلق المسلم بدينه . ان أحاديث الإمام الشعراوي هي نفحات سماوية تطوف من خلالها النفس في رحاب الإيمان. وتصغي لتلك الأحاديث بأذن العقل، فتفهم مضمونها وتفقه مراميها التي بها تسمو إلي حيث تصفو القلوب. وأحاديثه ليست كغيرها من الأحاديث فهو عندما يحدثك عن الحج وعن معجزات الرسول وعن فقه الحلال والحرام... يطرق أبواباً لم يطرقها الكثيرون قبله في مجاله. فهو يتحدث عن الحج لا كمناسك فقط، بل إنه يجمع في حديثه بين الحج كمناسك وكعبادة روحية كي يكون بإمكان المؤمن جني ثمار الحج النفسية والروحية كما أرادها الله عزّ وجل لعباده. يقول فضيلة الشيخ الإمام محمد متولي الشعراوي: الحج هو ركن الختام للإسلام، واستكمال نعمة الله تعالي عن الإنسان، لأن هذا الركن يتطلب كثيراً من مقوماته، يتطلب عافية البدن للقدرة علي الحركة ومشقة السير ومتاعب السفر، ويتطلب راحلة، ويتطلب أن يترك الحاج لكل من يعوله في بلده قوته إلي أن يعود، فالذي يمكنه الله من كل ذلك يكون قد أتم عليه نعمة ربوبيته، لأن نعمة الربوبية سبقت نعمة الألوهية، فنعمة الربوبية عطاء من الله، والذي يعطيك لا يطلب منك أن تقول له: "لبيك" ولكن الذي يطلب منك هو الذي يتطلب أن تقول له: "لبيك" فالعطاء مناولة من أعلي لأدني، ولكن طلب الألوهية هو الذي يحتاج إلي مغالبة النفس في: أفعل كذا وهو لا يحب أن يفعل، ولا تفعل كذا وهو يحب أن يفعل. إذن.. فمرحلة التكليف في إفعل ولا تفعل هي التي تتطلب أن يقول العبد فيها: »لبيك يا ربي« أي: إجابة لدعائك لي. وأما عطاء الله له في النعمة فلا يتطلب منه أن يقول: »لبيك« والمؤمن حين يهتف بشعار الحج في قوله: »لبيك اللهم لبيك« يلاحظ أن يجيب الله، وإجابة الله إنما تتطلب أن يخرج الإنسان عن اختياره فيما يري أنه مريح له وأنه مسعد به، إلي اختيار الله تعالي له. والحق سبحانه وتعالي لم يكلف بافعل ولا وتفعل إلا بعد أن أدي عطاء ربوبية كاملة، خلقاً للإنسان من عدم، وإمداداً له من عدم، ومعونة له علي الحركة بطاقات وأجهزة وانفعالات، وكم من منفعل له انفعل معه. وفي هذا الكتاب نجد حديثا من القلب إلي القلب، وخواطر إيمانية صادقة حول الحج الأكبر لفضيلة الإمام الشعراوي الذي تناول فيه بالشرح والتوضيح أبعاد ومعاني كل ركن من أركان الحج مع تخصيص فصل كامل في نهاية صفحات الكتاب حول أسئلة في فضل حجة الجمعة، الحج عن الغير، طلب الموت في الحرمين، التقدم لأداء فريضة الحج، الطواف حول بيت الله، المقصود بقول حجوا قبل ألا تحجوا، ابتلاء هاجر، وشعيرة الحج، المقصود بالمزدلفة، سر تسمية عرفة، الحرمة في الحرام.