»محال« هي العمل الروائي الرابع لزيدان بعد ظل الأفعي، عزازيل، النبطي، وتستلهم الرواية تجربة الاعتقال في المعسكر الأمريكي الشهير »جوانتانامو« من خلال سيرة شاب عشريني يعيش في أسوان بعيداً عن أسرته المقيمة في أم درمان، وأثناء عمله في الإرشاد السياحي يقع في حب فتاة إسكندرية تعيش في حي كرموز الشعبي، عندما زارت الأقصروأسوان في رحلة جامعية، ثم تتطور أحداث الرواية بعد نكسة السياحة بمصر وبعد مذبحة الدير البحري بالأقصر، فيضطر الشاب إلي السفر لدولة بالخليج ومنها إلي ازوبكستان ثم أفغانستان، حيث اعتقله الجيش الأمريكي وسجنه في معتقل جوانتانامو.. وفي خلفية الأحداث تظهر شخصية أسامة بن لادن زعيم القاعدة ولكن بصورة غير التي اشتهر بها في الإعلام. تبدأ الرواية بالسطورالتي يقول فيها المؤلف : الحياةُ تُحيِّرنا، بأن تُبهرنا بالبرَّاقِ من ألوانها كي نرتادَ دروبها فرحاً وغفلةً، ثم تفجؤنا في الحنايا الصوادم أَمْ تُراها تحتالُ علينا، بأن تمنحنا أحياناً ما يُحاذي أحلامنا، ويفوق، فنُسرف في الطمأنينة ونختالُ بين الخيالات؟.. مَنْ يدري؟ لعل الحياةَ لا تكترثُ بنا أصلاً، فنُلاحقها نحن بصنوف الحِيَل حتي يغمرنا التعلُّقُ بالتمني، والتقلُّبُ في الترقُّب، والأملُ في اهتبالِ النوال. عسانا أن ننسي مع مَرِّ السنين، أننا في خاتمة التطواف مسلوبون لا محالة، ومحجوبون.. هذا الشابُّ عشريني العُمر، الرائقةُ سُمرته، المستكينُ في جلسته علي حافَّة البحيرة محجوبُ اللحظةِ عما ينتظره اليوم، وغداً، ولا يشغله الآن إلا اصطيادُ بضع سمكاتٍ تكفي للغداء، وقد لا تكفي. الأسماكُ رخيصةٌ في أسوان، لكن صيدها أرخصُ وأروحُ للصيادين الهواة من أمثاله بعد حينٍ سيأتيه الباص الذي ذهب إلي المطار قبل الفجر، لتوصيل فوج السائحين الأجانب الذين جاءوا قبل يومين، وبعد ساعتين، سوف يطيرون إلي القاهرة بطائرةٍ مخصوصة. لابد أنهم أغدقوا علي المندوب السياحي والمرشد الذي صحبهم، ولعلهم أسعدوا السائق ببعض الدولارات. سوف يأخذه سائقُ الباص من هنا إلي محطة القطار، ليبدأ رحلة عملٍ جديدة تضيف إلي رصيده المخبوء، مالاً جديداً. بدعوة خاصة من الروائي د. يوسف زيدان، جاء إلي الإسكندرية (سامي الحاج) المعتقل السابق في معسكر »جوانتانامو« الأمريكي في كوبا، حيث يقضي عدة أيام لمراجعة تفاصيل الأجزاء الأخيرة من رواية يوسف زيدان الجديدة (محال) التي تبدأ أحداثها في مصر، عام 1993 وتنتهي بتجربة الاعتقال في جوانتانامو بعد أحداث كثيرة وارتحالات يقوم بها بطل الرواية من مصر والسودان إلي الخليج والمدن الأوزبكية (طشقند، سمرقند، بخاري) ثم ينتهي به المطاف إلي المعتقل، بعد اختطافه من الحدود الباكستانية - الأفغانية.. وقضي سامي الحاج بالإسكندرية ثلاثة أيام، ناقش مع المؤلف ما تصوره الرواية من أجواء المعتقل الشهير الذي قضي فيه سبع سنوات، بعدما أخذه الأمريكيون من أفغانستان التي كان يعمل بها مصوِّراً تليفزيونياً لقناة الجزيرة. ويقول يوسف زيدان إن الفصل الأخير من الرواية، كان يمثل بالنسبة لي تحدِّياً من نوع خاص، لأنها المرة الأولي التي أكتب فيها عن مكان لم أعايشه (وتستحيل زيارته) لكن التطور العام لأحداث الرواية كان يقود البطل بالضرورة إلي ذلك المصير الفاجع، بعد وقائع كثيرة يتداخل فيها الواقع الفعلي بالخيال الروائي، وتتفاعل الشخصيات الروائية مع أشخاص حقيقيين من أمثال "أسامة بن لادن" الذي تقدمه الرواية علي نحو يخالف الصورة النمطية التي تم ترويجها.. ومن المتوقع أن يدفع يوسف زيدان بالرواية إلي المطبعة الأسبوع القادم، لتصدر عن دار الشروق في مطلع الشهر القادم.