أخشي ما أخشاه علي ثورة الشعب المصري من خطر الشقاق، وهو ما صار يتهددها، ويؤكد ذلك ما يسعي إليه كثيرون لتشرذم شباب الثورة، وبعثرة وحدتهم، وهو هدف عملت من أجله أجندات داخلية، وتدعمه أجندات خارجية، تسعي إليه من أجل تفريق الشعب، واختراق وحدة الصف المصري التي توهجت في انطلاق ثورته في 25 يناير، والتي أسقطت النظام السابق، في ثمانية عشر يوما، بعد أن جثم علي أنفاسنا، لينتهي حكم ثلاثين عاما من الفساد، ويكون الخلاص، وما كان، لولا البعد عن الشقاق. وصدق رسول الله »صلي الله عليه وسلم«، في حديثه الشريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان صلي الله عليه وسلم يدعو، فيقول: "اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق" (رواه أبو داود والنسائي) ونجد في حديث رسول الله »صلي الله عليه وسلم«، إشارة إلي أم الداء، التي هي آفة الأمم، والمدمرة لمسيرة تقدمها، وتشتيت لوحدة قوتها، وتمكين المتآمرين من تحقيق مآربهم، في ضياع الهدف. حقا، لقد عاني الشعب المصري قبل الثورة، من الشقاق، والنفاق، وسوء الأخلاق، وما أسوأها من صفات، سعي المفسدون في النظام المخلوع، لإرساءها، والإصرار علي وجودها.. ويجد المتدبر فيها أضلاعا ثلاثة لمثلث فساد الحكم، وهو ما يدعونا لدعوة شباب الثورة خاصة، والشعب بكل طوائفه وأطيافه عامة، للالتفاف حول حديث رسول الله »صلي الله عليه وسلم«، والاقتداء به، والإكثار من دعائه، والعمل علي تجنب الشقاق، والبعد عن النفاق، والعزوف عن سوء الأخلاق، حينها يكون النصر لثورة الأمة، ويكون سلاحها الواقي ضد من يريدها بسوء.. وتكون كل طوائف وأطياف الأمة يداً واحدة، وقتها يكون الإعلاء لوحدة الشباب والشعب والجيش. لقد أصبح جليا، أن قوتنا تكمن في البعد عن أسباب فساد النظام السابق، وتمسكنا بالعمل تحت راية مصلحة الوطن، وإعلاء شعار مصر أولا وأخيرا، لبناء مستقبل أفضل، تشرق معه شمس الحرية، وتكون العدالة الاجتماعية أساسا للحكم، ليعلو فيه صوت مصلحة المصريين، ويكون الخير لأبناء المحروسة. ولنتنبه جميعا للمؤامرات التي تحاك ضد أبناء هذا الوطن، ولنحذر من عبث الأجندات الخارجية، التي تمولها وتدعمها أياد تريد العبث بمقدرات الشعب المصري، وتريد له الشقاق، حتي تتمكن من تدمير مستقبله، والنيل من ثورته، وعرقلة المسيرة، والدخول بها إلي مستنقع الفرقة والشقاق، الذي يسوقها إلي غياهب أطماع المصالح الفئوية الخاصة، وصولا لمصالح الأشخاص في أنانية - ما ألعنها - والتي كانت وبالا علينا، وأفرزت رموز الفساد، الذين أشبعوا الرئيس المخلوع نفاقا، حتي فرعنوه، وزادوه طغيانا، حتي بات قانعا بأن الملك له دون غيره، لوريثه من بعده وأن شعب أرض الكنانة هم مماليكه، ولكن إرادة الشعب أبت، وكان الخلع، وثورة الشباب. ولنتمسك بدعاء رسول الله »صلي الله عليه وسلم« ولنعمل به، حفاظا علي مصرنا وثورتنا، ليكن لنا الغلبة في معركتنا التي هي أصعب من أعتي المعارك الحربية، فبناء مستقبل الشعوب، يحتاج إلي تكاتف سواعد الأمة مجتمعة، ولا يحتمل أي شقاق، حتي لو كان هينا.. أليس كذلك؟!