زيارة مليس زيناوي رئيس وزراء أثيوبيا يمكن ان تمثل بداية عهد جديد في العلاقات بين مصر وأثيوبيا بعد فترة جفاء ليست بالقصيرة هذا الجفاء أرجعته أثيوبيا الي تعالي النظام السابق وتشدده في حين تبرره مصر الي دائم تفكير اثيوبيا في الاستئثار بمياه النيل الأزرق ليكون سبب نهضة اثيوبيا وعدم المبالاة بما يمكن ان يلحق بالشعب المصري من ضرر ونأمل ان تكون هذه الزيارة بداية لذوبان لجبل كبير من الثلج في العلاقات المصرية الاثيوبية تكون وتصلب خلال السنوات العشر الماضية بداية التعاون ان نرفع شعار لا ضرر ولا ضرار في العلاقات وأننا لن نسمح بأن تكون المياه سببا في حروب بين البلدين الامر الثاني ان المياه وحدها لا يمكن ان تكون سببا في نهضة شاملة لأي بلد في العالم وإلا كانت كندا التي تمتلك خمس مياه العالم هي الدولة الأعظم ولكنها لم تعتمد علي المياه مطلقا في نهضتها بالاضافة الي ذلك فإن مقولة ان مياه اليوم هي بترول الغد لا يمكن ان نأخذها كقضية مسلمة فالمياه هي سر الوجود وبدونها يكون الفناء بينما عاش العالم قرونا عديدة قبل اكتشاف البترول محافظا علي تواجده وباحثا عن مصادر أخري للطاقة حتي تم اكتشاف المصادر النظيفة منها حاليا من الشمس والرياح وحرارة جوف الارض وغيرها. العلاقات الدائمة بين مصر واثيوبيا يمكن ان تكون في قمتها إذا آمنا بأن اثيوبيا لم تستمطر السحاب لتسقط الامطار الغزيرة علي أراضيها ولا نحن شققنا مجري النهر ليسير من اثيوبيا الي مصر عبر السودان ولكنه أبداع للرب في مساره ليكون سببا في تعاون ورخاء كلا البلدين وأن مصر لم تستغل مياه النهر في توليد طاقات كهربية كبيرة يمكن ان تصدرها الي 35 دولة أفريقية كما تخطط اثيوبيا. ومن الأمور المهمة التي ينبغي للجانب الاثيوبي الالمام بها ان سد النهضة وما سيتكون خلفه من البحيرة التي قد تتجاوز سعتها 56 مليار متر مكعب يمكن ان تكون وبالا غير مقبول علي شعب مصر وتعني ان اثيوبيا سوف تستأثر وحدها بمياه الفيضان التي نعتمد عليها وليس علي حصتنا من مياه النهر في زيادة المخزون المائي لبحيرة ناصر وانه في حال صرف المياه المقننة الي مصر طبقا للحسابات الاثيوبية فإن بحيرة ناصر لن تكون ذات جدوي ولن يسمح مخزون المياه بها بدوران التوربينات لتويد الكهرباء ونحن لا يمكن ان نقبل بأن تصل لنا مياه مقننة طبقا لحسابات دول المنابع فقط بعيدا عن صالح الشعب المصري الامر المهم في هذا الامر ان يكون هناك مجري جديد للنهر كرافد أو تفريعة تسير في مسار بعيد عن مسار سد النهضة وبحيرته المتكونة خلفه ليحمل مياه الفيضان والتي تصل الي ألف مليار متر مكعب كمتوسط عام تسقط علي اثيوبيا لا يصل منها إلي مصر والسودان أكثر من 48 مليار متر مكعب سنويا منها نحو 41٪ تأتي من مياه النيل الابيض بدوله الست بعيدا عن اثيوبيا وإذا كان الامر يرتبط بحتمية حصول اثيوبيا علي الطاقات النظيفة فموقعها المرتفع كهضبة ترتفع اكثر من الف متر عن سطح البحر تسمح بأن تولد الكهرباء من الرياح باقتصاديات لا تقل عن توليدها من المياه وكذا توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية ويمكن لمصر أن تساهم بخبرتها العريقة في كلا الأمرين وإذا كان الأمر يرتبط بمياه الشرب فيمكننا المساهمة في إقامة العديد من محطات مياه الشرب وحفر الآبار أسوة بما إنجزناه في أوغندا وتنزانيا وكينيا. مع كل تقديرنا لرئيس وزراء اثيوبيا كسياسي محنك فأملنا ان نناقش سبل التلاقي بين شعبينا ونبتعد عن نقاط الخلاف وان نبحث عن كيف يمكن ان تربح كل من مصر واثيوبيا من المياه الوفيرة للنيل الأزرق ونهر عطبرة وان نبحث عن كيفية النهوض باقتصادياتنا وتوفير الرفاهية لنا جميعا. استاذ بكلية الزراعة جامعة القاهرة