حتي اللحظة الاخيرة لم نكن علي يقين من أننا سوف نلتقي الرئيس التركي عبدالله جول.. فوقته كان مشغولا جدا خلال الفترة التي كان الوفد الصحفي المصري فيها في تركيا.. وحتي اللحظة الأخيرة و رغم تواجدنا بالقصر الرئاسي بطرابيا كان ممكن ألا يتم اللقاء نظرا لإرتباط الرئيس جول بحضور احتفال تركيا بيوم العدالة بأنقرة.. وقد هون علينا وقت الانتظار رغم ارتباطنا بموعد الطائرة المغادرة من أسطنبول إلي أنقرة في الثامنة مساء الثلاثاء الماضي دخولنا في حوار مع إرشاد هورموزلو كبير مستشاري رئيس الجمهورية التركية الذي كان يتلقي بين الحين والآخر إتصالات هاتفية لم نكن نفهما إذ أنها كانت تجري باللغة التركية ثم أخبرنا أن الرئيس عبد الله جول غادر أنقرة وأنه اقترح عليه أن يستقل طائرة هليكوبتر من مطار "اتاتورك" إلي قصر طرابيا تقديرا للوفد الصحفي المصري خلال حوارنا مع كبير المستشارين سمعنا أزيز الهليكوبتر أثناء هبوطها.. ولم تمر سوي 5 دقائق حتي كنا في لقاء الرئيس جول الذي اكد قولا وفعلا حرصه أشد الحرص علي لقاء الوفد المصري رغم إنشغال أجندة ارتباطاته. منذ اللحظة الأولي لجلوسنا علي طاولة اللقاء شعرنا بحفاوة الرئيس جول الذي اكد انه تربطه علاقة وثيقة مع مصر وأنه يدرك ويعي أن مصر بلد مهم وله دور كبير وفاعل بالمنطقة لذا فإنه حريص علي أن تكون العلاقات علي أعلي المستويات بين البلدين. بدأ الرئيس عبد الله جول حديثه إلي الصحفيين المصريين بالحديث عن المرحلة الإنتقالية التي تمر بها مصر وهو الانتقال الذي وصفه بأنه جاء مختلفا عما حدث ويحدث بالمنطقة. ورغم الموضوعات المتعددة والمتشعبة التي دارت في الحوار فإن أخبار اليوم عمدت علي التركيز علي الشأن المصري التركي.. الجهود التي تبذلها تركيا لمساعدة مصر علي عبور المرحلة الإنتقالية.. الخطوات التي يجب إتخاذها نحو تفعيل إتفاق التعاون الاستراتيجي بين البلدين.. الرسائل التي يوجهها الرئيس التركي إلي طبقة المثقفين والصفوة المصرية للمساعدة في تجاوز المرحلة الإنتقالية بسرعة.. لقاءاته مع كافة الأطياف السياسية عندما كان أول زعيم يزور مصر بعد الثورة تكريما لها.. وهل هناك دعم من تركيا كما يشاع للسلفيين أو الأخوان المسلمين.. وأخيرا كان الحديث عن موضوع إلغاء التأشيرة بين مصر و تركيا لإتاحة الفرصة لتواصل أكبر بين مواطني البلدين. حول الثورة المصرية قال الرئيس عبدالله جول بأن الشعب المصري حقق ثورة كبيرة وغير مسبوقة وأهم ما فيها أنها كانت ثورة سلمية علي النقيض تماما ممايحدث الان بالمنطقة العربية.. لذلك فنحن في تركيا حريصون تماما علي تقديم كل دعم ممكن من أجل ان تستكمل الثورة نجاحاتها.. وصدقوني أنه لا خيار أمامكم سوي النجاح لآن ما يحدث بمصر سيؤثر علي المنطقة بأسرها.. ونجاح النظام الجديد بمصر ليس أمرا مهما لمصر وحدها وأنما للعرب والمسلمين. وعن رؤيته لمستقبل الأوضاع بمصر بعد الثورة تمهل الرئيس عبد الله جول قليلا ثم قال انه يري أن مستقبل مصر يبشر بالخير وأن هناك كثيرين سيدعمون مصر.. وكل ما اتمناه ان تستمر حركة التغيير بشكل هادئ وعاقل بعيدا عن الإنفعالات.. وأكرر أننا سندعم التغيير بمصر بكل قوة لإدراكنا التام بقيمة مصر والشعب المصري ولكن عليكم أن تنظروا إلي المستقبل من اجل مصر حرة ديمقراطية ومن أجل تنمية الاقتصاد الذي تعطلت حركته بعد الثورة.. ومن منطلق حبي لمصر أقول لكم بكل صدق: أعملوا للمستقبل ولا تظلوا أسري للماضي. عندما سألنا الرئيس جول عما دار في كواليس زيارته السريعة للقاهرة بعد الثورة ومدي صحة ما يشاع من أن تركيا تدعم وصول الاخوان المسلمين للسلطة قال الرئيس جول انه التقي بكثير من الساسة المصريين وأنه تحدث في جميع القضايا بشكل مفصل لأن استقرار مصر يمثل استقرارا للمنطقة بأسرها لذلك فإنه كان سعيدا وهو يري وزير الخارجية المصري يبادر بزيارة تركيا في أول زيارة له خارج البلاد بعد تشكيل الحكومة كما أنه يتابع بكل الرضي الزيارات المتبادلة بين المسئولين رفيعي المستوي من الجانبين وهي مؤشرات تؤكد التعاون والتشاور المستمر بين البلدين. أما عن الكلام الذي يثار من حين لآخر من أن تركيا تدعم وصول الأخوان المسلمين للحكم في مصر قال انه اجتمع بممثلين لكافة الأطياف السياسية ولم يلتق بمرشد الاخوان المسلمين وحده وكانت الرسالة للجميع واحدة: لقد انتهيتم من الجهاد الأصغر وعليكم استكمال المسيرة.. فتناقشت مع الجميع وشاركتهم الأفكار وركزت علي شئ مهم أردت أن ألفت الإنتباه إليه وهو ان الهدم من أسهل ما يكون ولكن البناء هو الصعب وهو الذي يحتاج إلي مزيد من الجهد والعرق حتي تسترد مصر عافيتها بسرعة. وحول آليات تفعيل إتفاق التعاون الاستراتيجي الموقع بالفعل بين مصر وتركيا قال الرئيس جول ان اجندة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان خلال زيارته القادمة لمصر متخمة بالموضوعات في شتي مجالات السياسة والاقتصاد وحتي في مجالات السياحة والثقافة.. وأننا مهتمون جدا بأن تاتي نتائج رئيس الوزراء لمصر فعالة حتي يجني الشعب المصري ثمار ثورته التي أبهرت العالم. أما عن الحوارات التي تدور بمصر حول الدستور الجديد وعما إذا كان بإمكان تركيا مساعدة مصر بهذا الشأن قال جول انه متفائل بما سيتضمنه الدستور المصري الجيد لأنه أول دستور يتم اعداده في مناخ حر ولا هدف له إلا خدمة الشعب المصري.. وقال انه واثق أن في مصر علماء ومثقفين وفقهاء قانونيين كثيرين يمكنهم أن يطرحوا أفكارهم التي تصب في خانة تقديم دستور محترم يعطي لكل مواطن مصري حقه.. وبالتأكيد فإن مصر ستستفيد لطبيعة الحال من تجارب الدول الأخري والمواثيق الدولية التي تحكم مثل هذه الأمور مع الأخذ في الاعتبار الواقع المصري وضرورة أن يأتي الدستور الجديد متوافقا مع هذا الواقع.. وأضاف الرئيس عبد الله جول ان هناك اسماء لامعة مصرية و فطاحل من المثقفين والعلماء والأساتذة الأجلاء في الداخل والخارج الذين يمكنهم أن يفيدوا كثيرا في إخراج دستور يتفق مع مكانة مصر وذلك لان ما يجري بمصر ويطرح فيها من اخبار يؤثر كل التأثير علي الدول المحيطة بمصر.. أما في حالة إذا أرادت مصر أن تستفيد من التجربة التركية في هذا الشأن فإن ذلك سيكون في إطار الإستفادة بخبرات الدول الأخري وتركيا جزء من هذه الدول.