لم تكن الثورة السورية ضد نظام الرئيس الحالي بشار الاسد وليدة اليوم، بل تمتد جذورها لعقود وعشرات السنين فلم ينس الشعب السوري انه بعد تولي الرئيس الراحل حافظ الاسد الحكم في البلاد عام 1971 عمل علي احكام قبضته بشدة علي كل مقاليد الحكم في البلاد، حيث تفرد حكم البعث بالسلطة وابعد تقريبا كل الاحزاب الاخري المنافسة وتم تهميشها هذا الحزب الذي حكم سوريا والعراق، فأوصل العراق الي الدمار والاحتلال واوصل سوريا الي العزلة والعقوبات. فرض الاسد قانون الطوارئ الذي كان بموجبه اعتقال اي شخص وفي اي وقت وقد القت حالة الطوارئ بظلالها علي الحياة العامة في سوريا وكان من نتائج تطبيقها قيام السلطة باصدار قوانين تخرج عن مفهوم الشرعية وتتنافي مع الدستور والقوانين المحلية والاتفاقيات الدولية والعهود الخاصة بحقوق الانسان كما تتعارض مع مصلحة المواطنين مما ادي لتصاعد نقمة المواطنين علي الحكم ودفع شريحة من التيار الاسلامي لحمل السلاح ولم يحاول النظام السوري ان يبحث عن اسباب هذا العنف والنقمة. بعد ان اقتنص الاسد الاب السلطة في سوريا غدر باقرب الرفاق ونحي من توجس منهم خيفة واصبحت اسرة الاسد تشكل خطرا علي الوحدة الوطنية رغم ما تشيعه بأنها حامية للاقليات الاثنية والمذهبية بينما في الحقيقة هدفها ضرب المكونات الوطنية ببعضها وكانت الطائفة العلوية اكثر المتضررين من هذه الحماية المزعومة، وقام بتصفية قادة ومثقفين ورفاق له من العلويين اما الطوائف والاقليات الاخري كالدروز مثلا، اعدم سليم حاطوم بتهمة الخيانة ومحاولة الانقلاب عليه هذا بالاضافة الي فتكه ببعض قيادات الطائفة الاسماعيلية والمرشدية وتهميشهم وكذلك ابناء الطائفة الكردية. لم ينس السوريون ان سقوط الجولان في ايدي اسرائيل كان في عهد آل الاسد وانها ظلت طوال 30 عاما لم تتحرك في اي محاولة لاسترداد هذا الجزء الغالي من الارض السورية ويلاحظ السوريون ايضا انه منذ وصول حافظ الاسد للسلطة لم يكشف ولم يعثر علي جاسوس واحد لاسرائيل في سوريا بينما كانوا يتساقطون في بلدان اخري عربية واحدا تلو الاخر. وما زاد الطين بلة هو توريث السلطة لابنه بشار الذي لم يشتد عوده بعد وكان صبيا وقد وصفه عمه الدكتور رفعت الاسد بالمعاق عقليا والذي ارسل بحجة الدراسة من اجل العلاج في لندن من شيزوفرينيا الفصام قال عمه كان الهدف معالجته من مرض وراثي كحال خاله محمد مخلوف الذي يعاني من اثار مرض التوحد الطفولي. يرجع الكاتب بيتر هارلينغ في صحيفة الواشنطن بوست ان سعي بشار الاسد المحموم للبقاء في السلطة مهما كلفه الامر بعد ان قتل جيشه حتي الان اكثر من 2200 شخص من ابناء سوريا سوف يحفر قبره بيديه فرغم ان حركة المظاهرات قوية وتزداد قوة، فانها لم تصل بعد الي الكتلة الحرجة التي تضع الامر علي طريق اللاعودة ولا يزال الخوف يساور كثيرا من السوريين حيال امكانية الانزلاق الي الفوضي وتفكك البلاد، ومع ذلك يتصرف النظام كما لو انه الد اعداء نفسه، حيث يعزل نفسه عن اعمدة الدعم المحورية له، قاعدته الاجتماعية بين الفقراء، والغالبية السورية الصامتة، بل وربما قواته الامنية ايضا. ويأمل النظام في الاعتماد علي الغالبية الصامتة وهم الاقليات خصوصا العلويين والمسيحيين الذين يساورهم القلق ازاء امكانية سيطرة الاسلاميين علي السلطة. وعلي امتداد الجزء الاكبر من الاحداث الاخيرة تورط النظام في حرب ضد الشريحة الاجتماعية المؤيدة له، فجدير بالذكر انه عندما تولي حافظ الاسد السلطة طرح حزبه، الذي تهيمن عليه الطائفة العلوية، باعتباره ممثلا عن الريف المهمل وفلاحيه والطبقة الفقيرة المطحونة، واليوم نسيت اسرة الاسد ما نادت من اجله، وقد ورثوا السلطة ولم يحاربوا من اجلهم ونشأوا داخل دمشق ليحاكوا اسلوب حياة الطبقة الراقية التي اختلطوا بها وقادوا عملية تحرير للاقتصاد علي حساب الاقاليم. وعلي الرغم من ان النظام السوري يؤكد انه يقوم بتصفية جماعات ارهابية ومجموعة من البلطجية تريد زعزعة استقرار وأمن البلاد، الا انه عند النظر الي بلطجية القوات الامنية العلوية والعنف الذي تمارسه في صورة اعتقالات واسعة وتعذيب وعقاب جماعي منذ اندلاع الثورة مطلع هذا الربيع نجد ان رد الفعل الشعبي ابدي درجة مذهلة من ضبط النفس. ويري كثير من المحللين والمراقبين أن السر الاكبر وراء انقلاب المجتمع الدولي والقوي الدولية علينظام الاسد هو تقربه من ايران فقد ذكرت تقارير امريكية واوروبية من خلال بعض الصور ان بعض الجنود والضباط السوريين الذين تم اعدامهم بعد انفصالهم وتمردهم علي القيادة بقتل المتظاهرين قد تم اعدامهم بعد ان استدعت القيادة السورية مجموعة من حزب الله وعناصر ايرانية لتنفيذ احكام الاعدام بحقهم وهو ما يزيد من خطورة ما يجري في سوريا ومدي التدخل الايراني الشيعي في البلاد الذي اثار خوف الكثير من القوي الدولية ويريدون الاطاحة بأحد اذرعة دولة الملالي في المنطقة.