لم يمت من له صديق مثل سعيد شيمي، هكذا حدثت نفسي وأنا أطالع الجزء الثاني من خطابات المخرج الراحل محمد خان الي صديقه مدير التصوير السينمائي سعيد شيمي التي صدرت مؤخرا عن دار الكرمة ونال العمل في جزئه الأول جائزة أفضل كتاب في الفنون بِمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام. منذ صدر الجزء الأول في الصيف الماضي بعنوان »مشوار حياة» لم يهدأ سعيد شيمي حتي قدم لنا الجزء الثاني تحت عنوان »انتصار للسينما» لتكشف لنا هذه الخطابات جانبا خافيا من رحلة محمد خان وتلقي الضوء علي ملامح مهمة في شخصيته بكل أحلامه وطموحاته واحباطاته ولحظات جنونه وعشقه الذي وصل الي حد الهوس بالسينما، وفي هذا الجزء يبدأ الاقتراب من رحلة تحقيق الأحلام، فيستولي عليك الكتاب ويصحبك الي زمن مضي، يستغرقك الحنين اليه بكل شخوصه وأحداثه، وكما يقول الناقد أحمد شوقي في مقدمة هذا الجزء »ان جانبا رئيسيا من مسيرة محمد خان السينمائية كاد يختفي الي الأبد برحيل صاحبه حتي جاء الصديق الأوفي سعيد شيمي ليفجر أكبر مفاجأة في الثقافة السينمائية بالكشف عن هذه المراسلات التي تعد حالة متكاملة الأركان لفهم محمد خان وجيله» لقد جمعت صداقة نادرة واستثنائية بين خان وشيمي منذ الطفولة بحكم الجيرة وسافر خان للدراسة في لندن وبقيت الخطابات - في ذلك الوقت - هي وسيلة التواصل الوحيدة بينهما، لم تكن خطابات عادية وانما أقرب لمذكرات بما تحويه من مواقف وأراء وأسرار وأحلام لشابين في مقتبل العمر وقعا في غرام السينما، يمنحنا سعيد شيمي شحنة من الأمل وهو يؤكد قيمة الوفاء بالفعل لا بالكلام، وفاءه لصديقه ووفاءه لمهنته وتلاميذه أيضا فلايتواني عن تقديم النصح ونقل خبراته العريضة سواء في محاضراته وورش العمل التي يقيمها لشباب السينمائيين أو من خلال الكتب التي يصدرها وتعد بمثابة مرجع هام لكل دارسي السينما وأحدثها »تلابيب الصورة» هذا المجلد الضخم الذي يدعمه باللقطات التي تؤيد وجهة نظره كأحد أشهر مديري التصوير السينمائي في مصر. تحية لسعيد شيمي الذي يؤكد مقولة أؤمن بها لجيفارا »أن الوفاء لايقاس بما تراه أمام عينيك وانما بما يحدث في غيابك».