أدهشتني هذه الخطابات البديعة التي بدت لي وأنا أقرأها كشريط سينمائي طويل ومشاهد لفيلم »أبيض وأسود »يكشف شدة افتقادنا لذلك الزمن وحالة »النوستالجيا» التي نشعر بها،هذه الجوابات التي كتبها المخرج محمد خان بخط يده الي صديقه مدير التصويرالسينمائي سعيد شيمي جاءت »كفلاش باك» لعلاقة صداقة كبيرة جمعتهما منذ طفولتهما بعد أن جمعت أسرتيهما علاقة الجيرة والتي توجها عشق كل منهما للسينما الذي وصل إلي حد الهوس بها حتي استطاعا تحقيقه متجاوزين كثيراً من العثرات والإحباطات. خطابات خان إلي سعيد شيمي صدرت قبل أيام في كتاب ضخم يتضمن فقط الجزء الأول منها بينما سيصدرالجزء الثاني في كتاب آخر وهي بالفعل تستحق أن يفرد لها جزءين ففيها كل عناصر التشويق،التي كتبها خان بأسلوب مثير يكشف عن ثقافة وفهم وخفة ظل وشغف بالأفلام ورؤية نقدية لكثيرمن الأفلام الأوروبية والأمريكية التي شاهدها خلال سنوات إقامته مع أسرته في لندن بعدما اضطر لمغادرة مصر إثر خسارة والده الباكستاني الأصل لتجارته في القاهرة،وهي تكشف في مواقف عديدة انتماء محمد خان الحقيقي لمصر كما في رفضه للرواية البريطانية»صرخة الحدأة»التي رأي فيها إساءة لبلاده،وفي افتقاده لها ولسندويتشات الفول التي يعشقها. وقبل أيام دعاني مدير التصوير السينمائي الكبير لحضور معرض »في حب سينما محمد خان» الذي أقيم بجاليري آدم حنين بدار الأوبرا ووقف سعيد شيمي وراء إقامته ليواكب الذكري الثانية لرحيل صديقه محمد خان »رحل في 26 يوليو2016 » وقد جمع فيه نحوسبعين صورة للمخرج الراحل أثناء تصويره أفلامه ال24 التي أحدثت تيارا مهما في السينما المصرية »هوتيار» الواقعية الجديدة». وكما يقول تشي جيفارا »لايقاس الوفاء بما تراه أمام عينيك ولكن بما يحدث في غيابك»،وقد غاب محمد خان وبقي وفاء صديقه سعيد شيمي الذي أهداه الكتاب قائلا »سحبت روحي معك وحتي نلتقي مرة أخري ».وقدم لنا كتابا ممتعا كاشفا ليس فقط لرحلة شابين تعلقا بالسينما وعشقاها وإنما درس بليغ لجيل تمسك بحلمه وأصر عليه حتي حققه. »إياك أن تخون حبك للسينما»، هكذا نصح خان صديقه في أحد خطاباته وهي نصيحة يجب أن يستفيد بها كل عاشق للسينما.