- إذا كانت استقالة الوزير ستكون علاجاً في إيقاف حوادث القطارات، فمن باب أولي أن يصدر فورًا قرار بالإقالة ولا ننتظر من الوزير تقديم الاستقالة. لكن المأساة أن نأخذ الوزير ضحية لأي كارثة ونحن نعلم أن الإطاحة به سواء بتقديم استقالته أو إقالته فهو قرار سياسي، لأن موقعه كسياسي يدعوه الي أن يدفع بموقعه ثمنًا لأي حادث حتي ولو كانت في يده مفاتيح إصلاح السكة الحديد، وبالفعل دفع الوزير الدكتور هشام عرفات بمنصبه الوزاري ثمنًا لحادث محطة مصر، ولم نسمع مسئولاً يؤكد لنا أن باستقالة الوزير سينصلح الحال وتتوقف حوادث القطارات، لأن المسئول يعرف أنها لن تتوقف والدليل أن ثلاثة وزراء نقل سابقين قدموا استقالاتهم ثمنًا لحوادث نقل مماثلة ولم تتوقف الحوادث بعد استقالة د.إبراهيم الدميري عندما اشتعلت النيران داخل عربة الدرجة الثالثة في قطار الصعيد عند العياط في عام 2002 وراح فيه 360 راكباً بخلاف المصابين، ثم لحق به الوزير المهندس محمد منصور عقب حادث اصطدام قطار في منطقة العياط أيضًا وراح فيه 15 راكبًا و25 مصابًا، وثالثهم الدكتور رشاد المتيني فقد استقال الرجل أيضًا عقب حادث منفلوط عندما اصطدم القطار بأتوبيس مدارس قتل 50 تلميذًا.. ثلاثة وزراء سابقون دفعوا بمناصبهم الوزارية ثمنًا لهذه الحوادث.. وهنا يأتي السؤال هل توقفت حوادث القطارات حتي نقبل استقالة هشام عرفات.. في حين أنه لم ولن يتغير الحال، لأن استقالة الوزير ليست هي العلاج في وقف نزيف الكوارث التي تحل بالسكة الحديد، فالحوادث تتزايد والإهمال لم يختف، والاستهتار بأرواح الركاب يكاد يكون سمة من سمات السكة الحديد.. ولا أعرف هل لأننا أهملنا تطوير العنصر البشري الذي يعمل في السكة الحديد وكان تركيزنا علي تحديث كتل الحديد من معدات وعربات وجرارات. - واضح جدًا أننا نتعامل مع تطوير السكة الحديد بتطوير المُعدة وليس بتطوير البشر، مع أن العنصر البشري هو الأهم.. هو المحرك للمُعدة، ويوم أن يكون "مونون" يعني مزاجه عال العال بقطعة حشيش أو فص أفيون يبقي عليه العوض، لابد أن تحدث كارثة، وتختلف كل كارثة عن الأخري حسب مرتكب الجريمة، لكن كارثة محطة مصر تحتاج الي دراسة متأنية من جهاز الأمن الوطني، لأن الركاب الذين راحوا في هذه الكارثة كانوا علي الرصيف وليسوا داخل عربات القطار، قد يكون وراء هذا الحادث مخطط خارجي، فكون أن يحدث بهذا الشكل ويختفي سائق الجرار لا أحد يدري عن سبب هروبه، هل اختفي خوفا أم فٌرض عليه موقف ويخاف أن يفصح عنه، كل هذه الخيوط من اختصاص الأجهزة الأمنية، أكيد الأجهزة درست حالة سائق الجرار التي ظهر بها، فشكله يوحي بأنه شخص غير طبيعي، لم تظهر عليه آثار الحزن والانزعاج بعد أن عرف بالأرواح التي راحت في هذه الواقعة، إما كان "مونون" فارتكب الحادث بغير إرادة، أو بتكليف خارجي، وفي جميع الاحوال لا أستطيع أن أشك في أمره ، ولا أستطيع أن أتهمه لأنه ليس تحت يدي دليل إدانة له، فقد تكون هذه طبيعته واعتبر السائق أن الذي حدث أمر عادي يحدث كل يوم مع زملاء له. - علي أي حال هذه ليست قضيتنا لأن جهاز الأمن الوطني سيقوم بدوره ويبحث عن الفاعل المجهول، والنيابة العامة ستقوم بتحليل الدم والبول وهو إجراء طبيعي يحدث مع أي سائق مركبة حتي ولو كان يقود سيارة ملاكي وارتكب حادثاً راحت فيه أرواح وليس جراراً، هذا التحليل للتأكد من عدم وجود مخدرات في الدم. - إن هذا الحادث كشف عن عدم وجود ثقافة عند المواطنين بالاسعافات الأولية، من يتابع كيف كان يجري الركاب بين بعضهم والنيران ملتفة حول أجسادهم بعد أن طالت ملابسهم، فكان الكثيرون يهربون خوفًا من أن تطولهم النيران.. مع أن الإسعافات الأولية في هذه الحالة تستوجب أن تلقي بالشخص المشتعل فيه النيران علي الأرض وتبرم جسده علي الارض أكثر من مرة فتنطفئ النيران، لكن تتركه يجري فيزداد اللهيب اشتعالاً إلي أن يسقط جثة متفحمة فهذه هي المأساة التي حدثت.