في خطوة جديدة للقوات المسلحة المصرية، وفي إضافة جديدة لمبادراتها، ونجاحاتها، تنضم مصر إلي خريطة المعارض العسكرية العالمية، إذ تقوم وزارة الدفاع بتنظيم أول معرض دولي للأسلحة والصناعات العسكرية، بعد غد، ولمدة ثلاثة أيام، في مركز مصر للمعارض الدولية، بالقاهرة الجديدة، تحت رعاية السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والقائد الأعلي للقوات المسلحة المصرية. والحقيقة أن القوات المسلحة المصرية، من وجهة نظري، قد تأخرت كثيراً في الاشتراك في ذلك المجال، حيث إن معظم الدول المتقدمة عسكرياً، والتي تُصنف مصر كإحداها، تقيم مثل تلك المعارض، خاصة عندما تمتلك مصانع حربية، وضالعة في مجال الصناعات العسكرية، وتحتاج إلي تسويق إنتاجها. ومن أشهر المعارض العسكرية، التي حفرت اسمها علي مستوي العالم، من حيث تاريخها الطويل وسمعتها الحسنة، معرض لوبورجيه في فرنسا، ومعرض فانبرا في إنجلترا، ولقد انضمت إليهم، مؤخراً، منذ عدة سنوات دولة الإمارات العربية المتحدة، وأصبح معرضها، في غضون سنوات قليلة، من أهم المعارض العسكرية في العالم. وتأتي أهمية هذه المعارض، من حيث عدة اعتبارات؛ أولها القيمة التاريخية، ومدي قدرة الدولة في الحفاظ علي هذه القيمة، واستمرار النجاح الذي حققته في الدورات السابقة. ويلي ذلك قرب الدولة، وموقعها، من أماكن تسويق الأسلحة والمعدات العسكرية، وهوما كان أحد أهم عناصر نجاح معرض دولة الإمارات، وإضافة قيمة كبيرة له، حيث تعد دول الخليج العربي من أكثر الدول التي تشتري الأسلحة في العالم، في الوقت الراهن. ومن محددات أهمية المعارض العسكرية، مكانة الدولة بين باقي الدول، من حيث القيمة والتصنيف العسكري في العالم؛ ومثال علي ذلك، فإن تركيا لم تقم إلا معرضاً عسكرياً واحداً، في تاريخها، في بداية التسعينيات، وكان الهدف من إقامته هوحصولها علي حق تصنيع الطائرة الأمريكية (F-16)، فكان ذلك المعرض هوالأول، والأخير، لها. ويأتي بعد ذلك قدرة الدولة علي تسويق المعرض لكبري الشركات العالمية، المصنعة للأسلحة والمعدات العسكرية، ذات القدرة علي عرض أسلحة ومنتجات عسكرية حقيقية، علي أرض المعرض، وليس صوراً أوماكيتات أوأفلاماً مصورة، وهوما يحدث فرقاً في تقييم المعارض، والمفاضلة بينها من حيث الجودة والمصداقية. ومن محددات نجاح مثل تلك المعارض، هوالقدرة علي تقديم بيانات عملية علي أرض الواقع، حيث يخصص أماكن لاختبار بعض الأسلحة علي الطبيعة، مثل أسلحة الرماية، أوحتي تنفيذ عمليات صيانة، أوتدريب باستخدام المعدات علي الطبيعة. كل تلك الأنشطة، من شأنها إضفاء قيمة علي المعرض العسكري، وسمعة طيبة له، وتأكيداً لنجاحه. وفي هذا العام، يحقق معرض EDE(، لمصر، عدة فوائد؛ أولها أنها ستكون فرصة عظيمة لمصر لعرض إنتاجها من الأسلحة والمعدات العسكرية التي تنتجها مصانعها الحربية، سواء التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، أوالتابعة للهيئة العربية للتصنيع، خاصة أن مبيعات هذه الأسلحة والمعدات، يحقق لهذه المصانع فرصة كبيرة لتطوير كفاءتها، وتحديث إنتاجها، بإضافة أنواع جديدة متطورة، مثلما يحدث للإنتاج العسكري في الولاياتالمتحدة. أما الفائدة الثانية، من إقامة ذلك المعرض في مصر، هواستفادة الضباط المصريين بالتعرف علي أحدث التكنولوجيا والنظم العالمية الجديدة، في مجال التسليح، بعدما كانت مصر تعتمد، من قبل، علي إرسال مجموعات صغيرة من الضباط لحضور هذه المعارض العالمية في الخارج، ولكن جاء الوقت ليتعرف الضباط، بمختلف رتبهم، علي الجديد في مجال التسليح في العالم، خاصة في التخصصات المختلفة مثل القوات الجوية، والدفاع الجوي، والبحرية، والدبابات، والمدفعية ووسائل الاستطلاع الحديثة، ووسائل الاتصالات. أما الاستفادة الثالثة من دخول مصر إلي عالم المعارض العسكرية العالمية، فهوما يضيفه ذلك إليها من مكانة كبيرة لدي شركات تصنيع المعدات العسكرية في العالم، بما يضيف إلي تقدم مركزها في التصنيفات العالمية للقدرات العسكرية في العالم. هذا فضلاً عن الفوائد الأخري التي تعود علي مصر، من وضعها علي الخريطة العالمية لسياحة المؤتمرات، بمشاركة وفود أكثر من 300 دولة، في ذلك المؤتمر، المقرر تكراره في ذلك الوقت من كل عام، وهوالتوقيت الذي أري أن القوات المسلحة المصرية قد وفقت، تماماً، في اختياره، قبل بداية العام الجديد، وهوتوقيت ظهور الأنواع الجديدة، والطرازات الحديثة من الأسلحة والمعدات، وقبل بدء العطلات الغربية للاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية. وهكذا فإننا نري أن القوات المسلحة المصرية تحرز كل يوم تقدما عظيماً، سواء في مكانتها وتصنيفها العسكري، إذ أصبحت في المركز الثاني عشر عالمياً، والأول عربياً وأفريقياً، وفقاً لأحدث تقرير صادر عن مؤسسة “Global Firepower”، "جلوبال فاير باور"، المعنية بتصنيف جيوش العالم. وكذلك بدخولها موسوعة المعارض العسكرية، والتي ستصبح هدفاً لزيارة العديد من المؤسسات العسكرية لمصر خلال الفترة القادمة. ولا شك أنه علي جانب آخر سوف يتم عرض المفاهيم القتالية العسكرية الجديدة، والتي تعتبر مصر أهم من حقق تغييرات جذرية فيها، بعد انتصار أكتوبر 73، في مختلف المجالات سواء البحرية، أوالجوية، أوالدفاع الجوي، أوالقوات البرية. واليوم ... نقدم كل التهاني للقوات المسلحة المصرية، علي هذا الإنجاز العالمي، متمنيين لها دوام النجاح والتوفيق، فيما فيه رفعة شأن وطننا الغالي مصر.