كتب - إيهاب علي: بعد عقود من التعاون العسكري الوطيد بين الاتحاد الأوروبي والولاياتالمتحدةالأمريكية امتد منذ زمن الحرب العالمية الثانية، يبدو أن الخلافات السياسية والاقتصادية التي طرأت مؤخراً بين الطرفين خاصة مع انتخاب دونالد ترامب لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية أدت لشعور أوروبا بالقلق وبدأت تتعالي أصوات لرسم سياسة دفاعية أوروبية جديدة في ظل التحديات الحالية، كان آخرها اقتراح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتشكيل »جيش أوروبي حقيقي» يستطيع الدفاع عن أوروبا من تهديدات محتملة من الصين وروسيا وحتي أمريكا، وهو تصريح جعل ترامب يستشيط غضبا. في أغلب الأوقات يكون الاقتراح بتحسين قدرات أوروبا العسكرية قادماً من باريس أو برلين، لكن يبدو أن التوافق بين الدول السبع والعشرين حول هذه القضية أصبح ممكناً في ظل التطورات الإقليمية والدولية الأخيرة، لكن تظل نقطة الخلاف الأساسية هي الاستقلالية الاستراتيجية عن الولاياتالمتحدة وهي نقطة تقلق عددا من دول شمال أوروبا وأوروبا الوسطي وخاصة بولندا التي تتمتع بعلاقات خاصة جداً مع واشنطن، وهذه الدولة تحديداً تشتري كل سلاحها من أمريكا وليس من جيرانها وهو أمر يغضب جيرانها الأوروبيين في بعض الأحيان. من ناحية الناتو علق الأمين العام للحلف النرويجي يلس ستولتنبرج علي الجدل القائم قائلاً »إن مزيدا من الجهود الاوروبية في مسألة الدفاع المشترك امر جيد لكن هذا ليس معناه إنهاء التعاون بين دول شمال الأطلسي. أما في الداخل الفرنسي فقد عارض عدد من الشخصيات البارزة فكرة إنشاء »جيش أوروبي» يكون له قيادة مركزية تتخذ قرارات بالتدخل العسكري، منهم رئيس الأركان الفرنسي السابق الجنرال دي فيلييه، الذي قال »إذا كانت الفكرة هو دمج وحدات قتالية لتلقي أوامر من قيادة متمركزة في بروكسل فهذه الفكرة مستحيل القبول بها، وهذا الحلم سيتحول إلي كابوس». أما أرنو دينجون عضو حزب الجمهوريين ومسئول ملف العسكرية والأمن الوطني فقال إذا قمنا بصناعة جيش أوروبي مشترك، فسيكون في خدمة من؟ وتحت أي تسلسل قيادي وسياسي؟ ومن سيتحمل اتخاذ قرار بتعريض حياة الجنود للخطر؟» أما وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان فقد كان دائماً ضد هذه الفكرة وقال في ندوة عن الأمن القومي في 2016عندما كان وزيراً للدفاع »لا أري أي مصلحة لفرنسا في الارتباط بجيش أوروبي لا يملك اتخاذ قرار مستقل. أوروبا ليست في حاجة إلي جيش موحد وهمي، يعطي صورة غير حقيقية لوحدة غير مكتملة بين الدول الأوروبية. الأولي أن تنمي كل دولة علي حدة قدراتها الدفاعية وتقدم النموذج للدول الأخري».الجدير بالذكر أن ماكرون أول رئيس فرنسي يطرح فكرة »جيش أوروبي حقيقي» فالرؤساء السابقون كانوا يفضلون استخدام مصطلح »سياسة دفاعية مشتركة» مع الاهتمام خاصة بالتبادل البحثي المتعلق بالصناعات العسكرية.