بداية لابد منها يشير إليها المهندس رسلان حيث قال: إن غالبية المستثمرين قد لا يهمهم حالياً الاستماع إلي آراء اقتصادية بقدر ما يهمهم الاطمئنان علي الوضع الأمني والسياسي الذي أصاب القطاع الاقتصادي بالركود والشلل علي حد قوله! وأضاف قائلاً إنه إلي حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية آخر العام الحالي لن تكون هناك قرارات اقتصادية جذرية لعلاج جميع المشاكل الاقتصادية التي نتجت عن الفوضي الأمنية خاصة أننا في مرحلة جديدة من التغيير نخوضها لأول مرة في تاريخ مصر الحديث. ولكن يقول معتز رسلان لأن البورصة لها وضع استثنائي ولكونها مرآة الاقتصاد والترمومتر الذي يقيس درجة انتعاشه أو ركوده كان هذا اللقاء الذي يركز علي أوضاع سوق المال. وقال: إن القرارات التي تفاجئ المتعاملين يوماً بعد آخر والتحقيقات مع العديد من رجال الأعمال وتأثر العديد من الشركات بتورط مسئوليها في قضايا فساد، بخلاف عدم وضوح الرؤية حول المستقبل السياسي.. كلها عوامل كفيلة بأن يكسو اللون الأحمر شاشات التداول بالبورصة لأيام طويلة. ولكن رغم كل التحديات استطاعت مؤشرات البورصة امتصاص صدمات الثورة لتبدأ رحلة الصعود ويظهر اللون الأخضر علي الشاشات بعد أيام من الهبوط الحاد بما يؤكد أن البورصة المصرية قادرة علي عبور أعتي الأزمات والنجاح في أصعب الامتحانات.. والمهم هنا دعم البورصة باستمرار لإعادة الثقة للمستثمرين المصريين خاصة الصغار منهم.. وبالطبع المستثمرون الأجانب.. صغاراً كانوا أو كبارا! فتح المهندس معتز رسلان شهية »البورصجية«.. كل يطرح رؤيته وفقاً للنظارة التي يرتديها ووفقاً للمنصب الذي يتولاه. رئيس البورصة محمد عبدالسلام كان متفائلاً إلي أبعد الحدود رغم اعترافه بالعديد من التحديات والمشاكل التي تعوق إعادة الثقة للمستثمرين وإن كانت قد بدأت تعود شيئاً فشيئاً.. بعد فترة توقف للبورصة استمرت 55 يوماً بسبب إغلاق البنوك. أسباب عديدة وراء تفاؤل محمد عبدالسلام يلخصها في »مصر بعد 52 يناير« وما حدث ويحدث وما سوف يحدث. هناك توجه نحو مجتمع مدني ديمقراطي يحارب الفساد مما يؤثر إيجابياً علي مناخ الأعمال، وهناك إزالة للمخاطر السياسية وقضية التوريث التي شكلت عدم استقرار سياسي لمصر في فترة ما قبل الثورة، وهناك التزام حكومي بالاقتصاد الحر وهناك دعم قوي من المجتمع الدولي لمصر، وهناك سعي حكومي لتطبيق برامج المشاركة بينها والقطاع الخاص في مجالات البنية الأساسية حيث تسعي وزارة المالية لطرح مناقصات 51 مشروعاً استثمارياً في يوليو القادم قيمتها 001 مليار جنيه، وهناك خطة تنمية تخصص 332 مليار جنيه في العام المالي القادم. كلها مؤشرات إيجابية تبعث علي التفاؤل.. وأهم من ذلك كله كما قال رئيس البورصة إن المخاطر السائدة قبل الثورة كانت أعلي مما هي عليه حالياً. مشيراً إلي أن الجميع كان لا يعرف أي شيء عن مستقبل مصر، وماذا لو مات الرئيس فجأة!! أما اليوم فإن الأمور واضحة رغم عدم وجود مجلس شعب فالمخاطر تلاشت وبالتالي بدأت المؤسسات المالية الدولية تعود لمصر في ظل مناخ ديمقراطي ومحاربة للفساد وهو ما يعني تقليل تكلفة الأعمال التي تستنزف جانباً منها مظاهر الفساد الذي كان سائداً قبل الثورة، كما أن التزام الحكومة بالاقتصاد الحر خفف من حدة تساؤلات الأجانب وبحثاً عن إجابة لسؤال مهم: مصر رايحة فين؟! ورغم هذا وذاك كما قال محمد عبدالسلام فإن هناك مشاكل وتحديات، هناك انخفاض معدل النمو، وهناك صافي استثمار أجنبي مباشر يسجل تدفقا خارجيا بقيمة 002 مليون دولار خلال الربع الأول من العام الحالي مع انخفاض صافي الاحتياطيات الدولية بنسبة 42٪ منذ بداية العام لتصل إلي 2.72 مليار دولار في نهاية مايو الماضي مع ارتفاع عجز الموازنة إلي 3.9٪ من الناتج المحلي وارتفاع معدل التضخم إلي 7.11٪ خلال مايو وارتفاع معدلات البطالة إلي 9.11٪ خلال الربع الأول من 1102 وكذا تراجع السياحة بنحو 43٪ مع استمرار ارتفاع الدين العام المحلي. كلها تحديات يتم مواجهتها كما قال رئيس البورصة بدعم من المؤشرات الإيجابية والشفافية والإفصاح من جانب الشركات المقيدة أسهمها بالبورصة. ورغم حالة التفاؤل التي طرحها محمد عبدالسلام فإن كريم هلال رئيس شركة سي. آي. كابيتال كان له رأي آخر معرباً عن اعترافه بواقع جديد بعد الثورة.. واقع أفضل لكنه كما قال ليس كل شيء جميلا! فالمشوار في رأيه مازال طويلاً، وقال إن التركيز حالياً ينصب علي الممارسات السياسية وليس هناك اهتمام كاف بالأجندة الاقتصادية.. وأضاف: نحن مازلنا في سنة أولي ديمقراطية.. ولن تنمو تلك الديمقراطية في ظل »معدة خاوية«! وقال كريم هلال: إن الذي أخرج الناس إلي ميدان التحرير هو الأجندة الاقتصادية من بطالة وتضخم واختفاء العدالة الاجتماعية.. وأضاف متسائلاً عن أسباب اختفاء هيبة الدولة وكيفية تعطيل حركة القطارات أو منع محافظ من دخول مكتبه! هذا بالإضافة إلي عدم احترام العقود والاتفاقات بين الحكومة والمستثمرين الأجانب أو المصريين! كلها أمور تفقد الحكومة سمعتها وتفقد ثقة المستثمر في كل شيء! وإذا كان محمد عبدالسلام لم ير سوي نصف الكوب المليء ولم ينظر كريم هلال إلا لنصف الكوب الفارغ فإن هاني توفيق رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر لم ير الكوب من أساسه.. علي حد قوله! وهنا قاطعه رئيس البورصة بابتسامة مطالباً إياه بتغيير نظارته! وواصل هاني توفيق حديثه مشيراً إلي أن قرار فرض ضريبة علي أرباح البورصة كان خاطئاً، وكان الرجوع عن هذا القرار خطأ أيضاً! وأضاف أن التوقيت لم يكن مناسباً علي الإطلاق لطرح هذه الضريبة خاصة أن رئيس البورصة كان يقوم بجولات ترويجية لسوق المال. وقال إن التردد هو أسوأ شيء يمكن أن يواجه المستثمر.. فلو اتخذت الحكومة قراراً كان يجب عليها عدم إلغائه! ولهذا فإن قرار الضريبة كان له تأثير سيئ مشيراً إلي أن البورصة تأثرت بشدة ليس بسبب فرض الضريبة ولكن لأن الجميع قال إن البورصة سوف تقع نتيجة هذا القرار الذي تم التراجع عنه! والمطلوب في رأي هاني توفيق علاج المرض وليس علاج العرض مشيراً إلي أهمية رفع الأيدي عن حملة الأسهم. وقال إن البورصة تحتاج إلي رئيس متفرغ وليكن سمساراً يعرف أصول اللعبة. وبالطبع هذه النظرات المتفاوتة الرؤية وجدت من يعترض عليها ومن يتفق معها فالمتفائلون أكدوا أن الدنيا لم تظلم بهذا الشكل، وكما قال حسن حسين رئيس شركة إتش. إتش إن الفترة الانتقالية الحالية من المهم أن تمر بسلام وتعود الأوضاع إلي طبيعتها. أما د. مصطفي السعيد وزير الاقتصاد الأسبق فقد طرح رؤية واقعية إلي أبعد الحدود واضعاً النقاط فوق الحروف عندما أشار إلي أن الثورة كان لها ثمن اقتصادي تمثل في انخفاض السياحة والصادرات وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمار المباشر وغير المباشر، لكن الثورة رغم ذلك الثمن نجحت في تفادي مخاطر عديدة كان سيتعرض لها الاقتصاد المصري إذا استمر النظام السياسي السابق كما هو واستمرت السياسات الاقتصادية كما هي! وقال إن نظرة للاقتصاد المصري في أوائل يناير الماضي قبيل الثورة كانت تشير إلي عجز في الموازنة العامة يزداد بشكل كبير مع عجز في الميزان التجاري وميزان المدفوعات مع تضخم وبطالة وتفاوت وخلل شديدين في هيكل الأجور مع أنماط استهلاكية لا تتفق مع المرحلة التي يمر بها الاقتصاد مع عدالة منعدمة في توزيع الدخل.. ولكن قيام الثورة وضع حداً لهذه الأوضاع الخطيرة والخاطئة مع نظرة أخري متفائلة بمستقبل الاقتصاد المصري، فأيا كان من الذي سيتولي حكم مصر لن ينادي بغير اقتصاد السوق، وقال د. السعيد إن الديمقراطية أصبحت نموذجاً ومثالاً يصعب التنازل عنه فلا أحد يستطيع تطبيق نظام غير ديمقراطي أيا كانت الأغلبية السياسية، والمهم هو إنهاء المرحلة الانتقالية الحالية بأسرع ما يمكن خاصة ما يتعلق بقضايا الأمن ووقتها سوف تحل كل المشاكل. كلام د. مصطفي السعيد لاقي قبولاً كبيراً من الجميع، لكن البعض مازال يطرح تساؤلاته: ماذا عن حقيقة الخلاف بين رئيس البورصة ووزير المالية حول ضريبة الأرباح الرأسمالية. وهنا يرد محمد عبدالسلام: لا خلاف ولا يحزنون.. وكل الحكاية ان إدارة البورصة درست الضريبة المقترحة وأكدت أنها ستؤدي إلي آثار سلبية خاصة في التوقيت الحالي وقد استجاب وزير المالية لرأي البورصة. وقال محمد عبدالسلام إن ماليزيا طبقت تلك الضريبة عام 8002 وكانت النتيجة هروب المستثمرين ليتم إلغاؤها بعد 3 شهور. وأضاف أن البورصة المصرية التي قامت عام 3881 أي منذ 821 سنة لم يتم خلالها فرض مثل هذه الضريبة.. وتساءل: هل يعقل اختيار التوقيت الحالي وبعد 821 سنة لفرض ضريبة بهذا الشكل؟! نحن في مرحلة انتقالية صعبة، هذا بجانب التساؤل المنطقي: كيف يدفع مستثمر ضريبة علي أرباح سهم ما ولا أحد يشاركه الخسارة في سهم آخر؟! كلام معقول يا رئيس البورصة!