من الأمور التي تؤخذ علينا الإسراف في الكلام فما تكاد أي مشكلة أو أزمة تظهر في الأفق حتي نتباري في الحديث عنها واقتراح الحلول لها فمثلا عندما لاحت في الافق أزمة القمح وزيادة العجز في الموازنة العامة تبين فجأة أننا جميعا خبراء في الاقتصاد وعندنا القدرة علي مواجهة هذه الأزمات التي عايشناها منذ شهور؟ فلماذا إذن ونحن كذلك ظلت تلك الأزمات بدون حل ومازالت مستمرة حتي الان! إن الظروف التي تمر بنا والمشاكل التي تؤرقنا تحتاج منا الاقتصاد في الكلام خاصة التصريحات الوردية وفي نفس الوقت التركيز علي إيجاد الحلول الحاسمة لهذه المشاكل في هدوء ودون تسرع أو عصبية أو تصريحات وردية فإن هذه التصريحات تشيع الأمل في نفوس المواطنين ولكن سرعان ما يتحول هذا الأمل الي إحباط عندما يكتشفون أن التصريحات ما هي إلا مجرد دخان في الهواء! ويا حبذا لو اقتصدنا في الكلام وأسرفنا في العمل وهذا ما تفعله الدول التي سبقتنا فإن أهم أسباب تقدمها هو معرفتها بقيمةالوقت والإنتاج أما عندنا وفي البلاد التي تسعي الي النمو فلا يزال تكدس الموظفين الذين لا يعملون هوالسمة الظاهرة في جهازها الحكومي، وهذا يحتم علينا ان نقلل بقدر الإمكان من الكلام والثرثرة والتصريحات التي لا فائدة منها ونتجه الي العمل والتركيز علي حل مشاكلنا وأزماتنا حتي لا نتخلف أكثر!! وقد يكون أحد الأسباب التي تجعلنا نكثر من الكلام، ونندفع في التصريحات هو أننا شعب عاطفي ننفعل بسرعة فإذا وجه صحفي سؤالا لمسئول كبير عن بعض القصور في وزارته أو عمله فإنه غالبا ما ينفعل ويطلق التصريحات العصبية دفاعا عن نفسه وقد تكون هذه التصريحات مبالغا فيها أو غير صحيحة ولكنه لا يهتم بذلك بقدر ما يهتم بإثبات براءته مما وجه إليه من نقد وهذا شائع في تصريحات كثيرة اعتدنا أن نقرأها في الصحف وقد تلفت نظرنا ولكننا لا نصدقها!! لقد آن الأوان لكي نترك مرحلة الاندفاع العاطفي وننتقل الي مرحلة الاعتماد علي العقل في وزن الأمور بعيدا عن الانفعال، هذا لو تحقق فإن التصريحات الكاذبة والجوفاء سوف تختفي لتحل محلها التصريحات الصادقة المسئولة مما يؤدي الي زيادة ثقة المواطنين في أولياء أمورهم، وشعورهم بالطمأنينة وهم ينظرون الي المستقبل.