الحقيقة ما كنت أود العودة للحديث مرة أخري عن الاستاذ الكبير هيكل ولكنني فوجئت بسيل من الاتصالات التليفونية من كافة فئات المجتمع المصري علي اختلاف ثقافاته اكثر من 99٪ مؤيدة لما جاء في مقالي الذي نشرته الاسبوع الماضي تحت عنوان »استاذ هيكل عفواً، كلمة حق يراد بها باطل« والحقيقة التي قررت علي اساسها العودة هي إتصالات من رجالات القوات المسلحة المصرية من هم مازالوا في الخدمة ومنهم خارجها الذين صنعوا تاريخ مصر في حرب اكتوبر 1973 المجيدة والذين حسب تعبير أحدهم بقيادة قوات المشاه المصرية »لقد أطفأت النار التي كانت بصدري منذ مائة يوم حين تحدث الاستاذ هيكل عن أداء القوات الجوية في حرب 1973 وأن الضربة الجوية الأولي كانت بمثابة تمثيلية . ونظراً لانني كنت أيضاُ احد المشاركين في حرب اكتوبر المجيدة عام 1973 بإحدي القواعد الجوية المتقدمة بمنطقة السويس بغرفة العمليات المشتركة بين قوات الدفاع الجوي والقوات الجوية ، فوجب أن أؤكد علي الحقائق الآتية التي أثار الاستاذ هيكل حولها جدلاً. فكيف يتصور أحد أن الرئيس السادات يستدعي الاستاذ هيكل لمنزله وفي حضور السيدة جيهان السادات ويناقش معهما الضربة الجوية وهل يكون عدد الطائرات التي ستقوم بالمهمة 12 طائرة أم 220 طائرة، في حين أن كبار القادة العسكريين لم يعلموا بمثل هذه التفاصيل إلا قبل الحرب بعدة ساعات؟!. وكيف يتصور أحد أن 220 طائرة مصرية تخرج من جميع القواعد الجوية المصرية لتعبر قناة السويس في لحظة واحدة لتفاجئ العدو في سيناء لتضرب مطار ومركز تشويش علي الاتصالات فقط كما ادعي الاستاذ . كيف يتصور أحد أن دور القوات الجوية اقتصر علي الضربة الجوية الاولي وهو السلاح الوحيد والدفاع الجوي الذين يعملون 24 ساعة متواصلة أثناء حالات الحرب والسلم . لقد أصدر الاستاذ هيكل العديد من الكتب التي تحدثت عن حرب اكتوبر المجيدة وللأسف الشديد أنه اشاد باداء القوات المسلحة المصرية والقوات الجوية بصفة خاصة وضربتها الجوية الاولي فلماذا ينكر ذلك الآن وهو يخاطب أجيالا ولدت بعد الحرب ولا تعرف إلا القليل عنها؟ هل يريد أن يفقدها الثقة في قواتها المسلحة؟! وهل نسي الاستاذ هيكل الكارثة التي حلت بمصر والأمة العربية بعد الهزيمة العسكرية المريرة لجميع الجيوش العربية في عام 1967 خلال اليوم الاول للمعركة بعد تدمير القوات الجوية المصرية وذراع مصر الطويلة لردع العدو علي الارض وانتكست علي اساسها جميع القوات « في حين أن مقالاته قبل الحرب يوم 2 يونيو بأهرام الجمعة بالذات أن القوات المصرية سوف تدك في أعماق العدو وتلقنه دروسا لم يتعلمها من قبل وأن النصر قاب قوسين أو أدني. وهل نسي الأستاذ هيكل كما ذكرني قادة القوات المسلحة مقاله الشهير قبل حرب اكتوبر عن تحصينات العدو الاسرائيلي في سيناء وخط بارليف الشهير والذي يحتاج لقنبلة ذرية لتدميره وأن المصريين سوف يفقدون اكثر من 50٪ من قواتهم في حالة عبور قناة السويس وكان هذا المقال محبطاً للقوات المصرية مما أضطر القادة العسكريين لمطالبة الرئيس السادات بإقالة هيكل من الأهرام ومنعه من الكتابة للآثار النفسية السيئة لهذا المقال علي القوات التي تستعد للعبور بعد أسابيع. لقد ذكرني أحد القادة وقال هل نسي الاستاذ السيمفونية الرائعة بين جميع قوات مصر العسكرية خاصة الجوية والدفاع الجوي في حماية سماء مصر من عبث اسرائيل والمعارك الجوية الشهيرة والهجمات الجوية علي مواقع العدو في الثغرة والتي حولتها الي جهنم الحمراء . أما ما حدث في القاعدة الجوية التي تشرفت أنا بالعمل بها اثناء حرب أكتوبر 1973 فانني أدين بحياتي لكل جندي وقائد وكانت هذه القاعدة نموذجا للعظمة العسكرية المصرية في الإنجاز العسكري بتدمير اكثر من 48 طائرة اسرائيلية. إنني بالرغم من تقديري واحترامي الكبير للاستاذ هيكل إلا أنني أطالبه بالصمت وكفي فالشارع المصري ملتهب من حواراته وكتاباته خاصة في الفترة الأخيرة والدولة تحتاج لكل يد تبني وتضمد الجراح فالمؤمرات علي مصر اكبر مما يتصور العابثون باقدار هذا الشعب .