رغم أشعة الشمس المحرقة في نهار رمضان، الا ان أصوات المعدات لم تتوقف وخلقت حماسا في نفوس العمال، ليشكلوا خلية نحل منتظمة لا تتوقف عن العمل داخل العاصمة الإدارية الجديدة.. ففي صباح كل يوم تدب الروح في العاصمة بانتشار العمال في كل مواقعها، تري في اعينهم نظرة التفاؤل بالمستقبل، ولم تكن مجرد حالة من السعادة فقط بل هناك نظرة فخر وإعزاز من كل عامل شارك في المشروع لانه يصنع حلما جديدا لمستقبل أفضل. عندما وطأت أقدامنا أرض المشروع شاهدنا العمال وهم يملؤهم الحماس لتحقيق حلمهم نحو مستقبل مشرق لأبنائهم يشع أملاً وإيماناً بأن الغد أفضل، تعمل أيديهم يوميا لبناء عاصمة جديدة ستغير وجه مصر في غضون شهور قليلة.. يشقون في الصخر مع إشراقة الشمس، ويسابقون الزمن ليحولوا حلما جديدا إلي حقيقة ملموسة في وقت قياسي. قبل اذان المغرب بساعة، شاهدنا العمال وهم يستعدون للافطار فمنهم من يقوم بفرش الحصائر التي تجمعهم كأسرة واحدة وتذكرهم بأسرهم الذين تركوهم في الشهر الكريم ليستكملوا بناء المستقبل، ومنهم من يجهز وجبة الافطار لزملائه. ومن أمام احدي العمارات بالحي السكني كان شعبان حنفي عامل بناء يجلس وبيده المصحف يتلو آيات من القرآن الكريم قبل انطلاق المدفع وحدثنا قائلا: فخر لنا أن نعمل في هذا المشروع القومي، وعندما نعود إلي محافظتنا في الاجازات، نروي لأقاربنا عن حجم الانجاز الذي نقوم به في العاصمة الجديدة، مضيفا أن أعمال البناء لم تتأثر في رمضان بالعكس النشاط أصبح كبيراً بين العمال خاصة في ساعات الصباح، ونحصل علي الراحة من بعد الظهر للاستعداد للإفطار. وأضاف شعبان عبود مشرف عمال أن المشروع اختلف تماماً في شهر رمضان عن مثله في العام الماضي، فمعدلات الانجاز لم تكن ظاهرة كالتي وصلنا إليها الآن، والاقتراب من تشطيب الوحدات السكنية والمسجد والكنيسة فملامح المشروع تبدلت بالكامل كأنه مر 10 سنوات وليس سنة واحدة، مؤكدا ان العاملين بالمشروع يغيرون خريطة مصر ببناء مدينة جديدة بحياة مواكبة للتطور العالمي خاصة أن مساحتها كبيرة وسوف يتم توفير جميع الخدمات التي يمكن أن يتخيلها أي إنسان بها، وذلك لنستكمل المشروعات العديدة التي تشهدها مصر حاليا. والتقط كريم شعبان عامل المشروع أطراف الحديث قائلا: العمل بالمشروع مقسم الي ورديتين الاولي تبدأ بعد اذان الفجر وحتي الساعة الثانية ظهرا والفترة الثانية من بعد صلاة التراويح وحتي الساعة الثانية بعد منتصف الليل لنقوم بالاستعداد إلي تناول وجبة السحور، مضيفاً: نجتمع سوياً ونقوم بتجهيز وجبة الافطارحتي لا نفقد روح الافطار مع الاسرة، فنحن هنا اصبحنا اسرة واحد تجمعنا روح العمل والهمة. وأضاف هاني فكري عامل بالمشروع أن نسبة العمال والمهندسين من محافظات الصعيد بلغت 70% من نسبة العمالة في المشروع، مضيفاً أن عمالة الصعيد اصبحت المحرك الاساسي والعمود الفقري لعدد كبير من المشروع، مشيرا إلي انه مسئول عن 30 عاملا يعملون في الورديات الصباحية في رفع مخلفات البناء، ثم يرتاحون في وردية الظهر ليبدأوا العمل من جديد في وردية المساء. قال محمد احمد حداد مسلح إن العمل ينقسم الي ورديتين وهناك عمال بالمشروع يعملون في اوقات الراحة بين الورديتين خاصة في اعمال الصبة الخرسانية وذلك حرصا منهم علي انهاء العمل في الوقت المحدد، موضحا ان حركة العمل لن تتأثر في شهر رمضان خاصة بعد تنظيم الورديات بين جميع العمال.. ويشعر سيد فتحي كهربائي بالاعتزاز بالمشروع، موضحا أن المشروعات فتحت مجال العمل أمام الجميع، وجلبت عددا كبيرا من العاطلين للعمل وهذا الأمر جعلهم يشعرون بوجودهم في الحياة بدلا من جلوسهم علي المقاهي، وكل من ساعد علي ذلك هو خلق مشاريع تحتاجها مصر حتي يجب أن تكون دولة متطورة، مضيفا ان درجة الحرارة ليست عائقا كبيرا نعم هي تقلل من المجهود والطاقة خلال وقت الصيام ولكن لا وقت للراحة.. وأشار علاء عطية عامل إلي انه رغم درجات الحرارة المرتفعة وعدم وجود مياه نظرا للصيام لم توقفنا درجات الحرارة عن استكمال مسيرة البناء، هذا المشروع لا يقل أهمية عن قناة السويس الجديدة او غيرها من المشاريع التي تغير تاريخ مصر وخريطتها، وطالب بتوفير تنكات المياه لهم في أماكن العمل لأن حصولهم علي المياه من سيارات الشرب يكون صعبا في ظل الصيام وارتفاع درجات الحرارة.. ومن جانبه أكد المهندس خالد صالح بجهاز العاصمة الادارية، أن العمل في المشروع يسير وفق الجدول الزمني المحدد وبأعلي معدلات ممكنة، مضيفا ان هناك أجواء رمضانية يشعر بها العمال ساهمت في ارتفاع نسب التنفيذ خاصة في الوردية المسائية.. وأضاف صالح انه تم الانتهاء من اعمال البناء في الحي السكني ويتم حاليا اعمال التشطيب في العديد من المجاورات الثمانية والتي يقترب الانتهاء منها خلال الفترة القادمة لطرحها للبيع.