الساعة الثانية ظهرا داخل موقف إمبابة تكدس وازدحام وعشرات المواطنين ينتظرون وسيلة تقلهم إلي أماكن إقامتهم بثمن يستطيعون توفيره يوميًا، الركاب جميعهم من الغلابة والفقراء يجلسون في الموقف والشوارع الجانبية ينتظرون أتوبيس النقل العام كثيرا، ليتجنبون استغلال وغلاء وسائل المواصلات الأخري، ومع ذلك ارتفعت أجرته وأصبح سعر التذكرة 2٬5 جنيه. عشرات الركاب يتصارعون علي ركوب الأتوبيس أثناء دخوله إلي الموقف، ضمانا لحجز مقعد خال في الأتوبيس المزدحم، ينتظرونه قبل مدخل الموقف بعشرات الأمتار لحجز المقاعد، فإذا انتظرته في الموقف فاركب بسرعة حتي تجد مكاناً متميزاً في الطرقة، أو ربما تكون أسعد حظاً فتجلس علي ذلك البروز الذي يقبع أسفله الموتور، أما إذا أردت أن تستمتع بالهواء فقف علي السلالم ممسكاً بالباب واترك جسدك في الشارع. داخل الأتوبيس صورة مصغرة من الشارع المصري بسلبياته وتناقضاته والتي رصدتها »أخبار اليوم» في رحلة استقلت فيها أتوبيس نقل عام من موقف إمبابة، الذي يعتبر من أكثر المواقف ازدحاماً، متجهاً إلي جامعة القاهرة وميدان الجيزة. دقت ساعة الصفر عندما وصل الأتوبيس إلي الموقف لتشتعل معركة المواطن اليومية داخل أتوبيسات هيئة النقل العام، بدأ الركاب في التزاحم للركوب والجلوس علي المقاعد، دقائق قليلة وامتلأت كافة المقاعد ولجأ باقي الركاب للوقوف جنبًا إلي جنب داخل ممر الأتوبيس الذي يتوسط الكراسي، وأنطلقت الرحلة.. بوجوه شاحبة الجميع يجلسون في مقاعدهم داخل الاتوبيس وكل شخص يفكر في هموم الحياة ومشاكلها. يتحرك الأتوبيس وكأنه جمل يسير في الصحراء بسبب الازدحام والتكدس المروري أمتار قليلة ثم ينتظر أوقات كبيرة حتي تفتح الإشارات أو تتحرك السيارات الأخري من أمامه. وبمجرد قطع الاتوبيس ربع المسافة بالوصول إلي شارع مصر والسودان لا يكون بداخله موطئ لقدم، هذا ما قاله احد الركاب ويدعي اشرف اسماعيل الحوفي، موضحا ان الزحام يصل إلي الباب الخلفي الذي يتشبث به الركاب مضطرين إلي ذلك، حتي لا يتأخرون عن عملهم، مضيفا انه لا توجد وسيلة مواصلات اخري بنفس سعر التذكرة تذهب إلي مناطق المهندسين والدقي وأرض اللواء وجامعة القاهرة وميدان الجيزة، بعكس الاجرة المضاعفة التي سيدفعها في الميكروباص. ويقول شريف خليل مدرس انه اعتاد علي ركوب الاتوبيس يوميا لانه الاقل تكلفة ويرحمه من ركوب اكثر من مواصلة ولكنه يعاني اثناء الرحلة من الوقوف لفترات طويلة قد تتجاوز الساعة في المواقف العمومية والمحطات انتظارا للاتوبيس وهذا يؤدي إلي تكدس وازدحام المواطنين داخله، كما ان الأتوبيس في أوقات كثيرة يقوم بتعطيل الطريق بالوقوف المتكرر وسط الشارع. ويختلف حسام عبد اللطيف مدرس مع الاراء السابقة، مؤكدا ان اتوبيسات النقل العام تحسنت كثيرا، خاصة بعد زيادة عددها في شوارع القاهرة، مشيرا إلي انها أصبحت نظيفة اكثر وآدمية. كما يتفق احمد نبيل عبد الحي مع الرأي السابق، ويضيف قائلا انا في الماضي كنت انتظر بالساعات حتي أستطيع ان استقل الأتوبيس بسبب الزحام الشديد، ولكن حاليا يوجد زحام ولكن ليس كما كان في السابق، وذلك نتيجة لزيادة عدد الأتوبيسات في الشارع. مر الوقت اثناء استقلال الأتوبيس وبعد ساعة ونصف وصل إلي ميدان الجيزة.