بوجوه شاحبة، تعبر عن حالهم ومعاناتهم في الحياة، الجميع يجلس في مقعده داخل الأتوبيس رقم 96 التابع لهيئة النقل العام، والمتجه من بولاق الدكرور إلي أثر النبي، كل يفكر في ما يعيشه في الظروف الحياتية الصعبة التي يتعرض لها بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع نسبة التضخم وغلاء الأسعار، هموم الحياة ومشاكلهم تمكنت من رسم لوحة فنية يملؤها البؤس تعبر عن حال المطحونين داخل الأتوبيس. الساعة الثانية عشرة ظهرًا، داخل موقف بولاق الدكرور، تكدس وازدحام ومواطنون يرتدون ملابس تشبعت بالعرق من شدة الحرارة، وطول انتظار وسيلة تقلهم إلى أماكن أقامتهم بثمن يستطيعون توفيره يوميًا، هو الأتوبيس 96 الذي دخل الخدمة منذ أكثر من عشرة سنوات، يستقل الأتوبيس مئات المواطنين يوميًا، خصيصًا ليوفرون بذلك جزءًا من رزقهم حتى يتمكنوا من مرور اليوم بسلام، ركابه جميعهم من الغلابة والفقراء، تقرأ على وجوههم الهم والعجز بمجرد التطلع إليهم، ويجلسون في المواقف والشوارع ينتظرونه كثيرًا، ليتجنبون استغلال وغلاء وسائل المواصلات الأخرى، ومع ذلك ارتفعت أجرته مع هوجة الغلاء التي أصابت قلوب الفقراء. قام محررو بوابة الوفد برحلة كاملة في أتوبيس هيئة النقل العام، راصدين حكايات الركاب وما يواجهونه من صعوبات، وكذلك السائق، ومحصل التذاكر وما يحتاجونه حتى يعملون في مناخ ملائم بعيدًا عن المشاكل وأعطال الأتوبيسات. دقت ساعة الصفر عندما وصل الأتوبيس إلى الموقف لتشتعل معركة المواطن اليومية داخل وسائل هيئة النقل العام، بدأ الركاب في التزاحم للركوب والجلوس على المقاعد واتخذ الطلاب المقاعد الأخيرة من الأتوبيس مكانًا لهم لتخفيف معاناة الرحلة التي تعودوا عليها كل يوم، دقائق قليلة وامتلأت كافة المقاعد ولجأ باقي الركاب للوقوف جنبًا إلي جنب داخل ممر الأتوبيس الذي يتوسط الكراسي، وانطلقت الرحلة بعد 20 دقيقة من وصوله إلي الموقف، ليقطع رحلة تتخطى ال12 كليو مترًا حتى يصل إلى منطقة أثر النبي بمصر القديمة. يسير الأتوبيس المتهالكة جوانبه، حاملًا روايات وهموم ومشاكل المصريين، يتحرك وكأنه جمل يسير في الصحراء بسبب الازدحام والتكدس المروري، أمتار قليلة ثم ينتظر أوقات كبيرة حتى تُفتح الإشارات أو تتحرك السيارات الأخرى من أمامه، نصف كليو متر واحد يفصل بين منطقة البحوث "الخشب" وموقف بولاق الدكرور الذي انطلق منه الأتوبيس 96 ، قطعها في أكثر من 25 دقيقة وسط شرود الذهن الذي يسيطر على الركاب، كل يفكر في المستقبل كيف يتغلب على الحياة في الفترة المقبل؟ وكيف يستطيع تعليم وتربية أولاده والعبور من الأيام المرة التي تعيشها البلاد. حكايات وروايات يشيب لها الجنين في بطن أمه، بمجرد مرورك بجوار المطحونين داخل الأتوبيس تشعر ببركان من الغضب يسيطر علىهم مما آلت إليه أحوالهم، بدء الركاب في استرسال ما يعيشونه وما يمرون به من حاله اقتصادية مريرة فى الفترة الراهنة بعد قرارات الإصلاح الاقتصادي التى اتخذتها الحكومة المصرية فى الفترة الماضية. عندما يبطئ الأتوبيس حركته فى الشارع يسرع المواطنين للحاق به واستقلاله، ثم ينطلق مرة أخرى مسرعًا، وكانت ضمن أحد الركاب، سيدة تبلغ من العمر 40 عامًا حدثتنا عن حالتها المعيشية السيئة بعد وفاة شقيقها قائلة:" كل حاجة بقت غالية، حتى الأتوبيس بتاع الغلابة غلي نص جنيه، مش عارفة أعمل إيه؟، وأخويا الي كان بيصرف علينا مات، من ساعة وفاته وأنا متبهدله فى الدنيا، ربنا يتولنا برحمته". يتحرك الاتوبيس وهو يجذب إليه ركابه من الطبقات المطحونة، تضيق الحياة على باقي الركاب بسبب الازدحام والتكدس ويزداد الغضب شيئًا فشيئًا حتى يبلغ ذروته إلى أن يتخذ الركاب الحياة والظروف المعيشية مجالًا لحديثهم المعبر عن حالة الاستياء مما وصلوا إليه من ضيق ذات اليد وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة ، حتى وصل الأتوبيس إلى مقصده في منطقة أثر النبي بمصر القديمة، لتبدأ رحلة جديدة وحكايات أخرى للمواطن المصري. شاهد الفيديو كاملا