قبل حوال عشر سنوات علق الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة علي طول مدة الإعلانات في فواصل المسلسلات رغم أنه كانت وقتها لا تتجاوز الأربع دقائق فقط قائلا »لقد أصبحنا نشاهد إعلانات »متعاصة» دراما؛ لذلك كان الكاتب الراحل يشترط ألا تعرض الاعلانات داخل أعماله الا في حدود فاصلين فقط مدة كل فاصل لا يتجاوز أربع دقائق فقط ؛ ولوكان الكاتب الكبير يعيش بيننا الآن وهويشاهد مدة الاعلانات في الفواصل والتي تتجاوز الثلث ساعة ؛ وأن الحلقة الواحدة في المسلسل تذاع فيما يقرب من الساعتين لكان عميد الدراما العربية أعتزل كتابة المسلسلات إعتراضا علي ما يحدث . وللأسف الشديد بعض منتجي الدراما ومديري القنوات الفضائية يعتبرون أن كثرة الشرائح الأعلانية وطول مدة الفواصل في الأعمال الدرامية دليل علي نجاح العمل المعروض وهم بذلك واهمون ويحاولون أن يصدقوا هذا الوهم رغم أنهم بداخلهم يؤمنون بأن استمرار هذه الظاهرة بهذا الشكل ستكون نتائجة كارثية بالنسبة لهم لانها ستدفع المشاهدين للانصراف عن متابعة العمل الدرامي المعروض ؛فلا يمكن لمشاهد طبيعي أن يتابع حلقة من مسلسل علي مدار ساعتين منه ثمانون دقيقة اعلانات إلا إذا كان هذا المشاهد »لامؤاخذة عاطل» ؛ كما أن طول فترة الاعلانات تفقد حالة التواصل بين المشاهد والحالة الدرامية والتركيز في أحداث المسلسل فينسي المشاهد الحدث الدرامي وتأثيره في الأحداث السابقة واللاحقة ؛ واذا كان من حق المعلن أن يروج لسلعته في القناة التي يختارها وفي الوقت الذي يختاره ولكن أين هوحق المشاهد في هذه المنظومة ؟ أليس من حقه ان يشاهد عملا دراميا أو فيلما سينمائيا دون ان تتشتت افكاره أوينسي العمل الذي يتابعه السادة ملاك ورؤساء القنوات:لا تفرحوا بما تحققه قنواتكم من عائدات إعلانية علي المستوي القريب وتنظروا تحت أقدامكم فالتمادي في هذه النظرية ستدفع المشاهد للانصراف عن قنواتكم الي وسيلة أخري لمشاهدة الدراما مثل »اليوتيوب»؛ وعندما ينصرف عنكم المشاهد سينصرف المعلنون لانهم لن يعلنوا عن منتجاتهم علي قنوات بدون جمهور؛ هنا ستكون الخسائر كبيرة وربما تؤدي لاغلاق قنواتكم ! فالمشاهد عندما يجد نفسه محاصرا بالإعلانات سوف يهرب من الفضائيات لمتابعة الاعمال علي اليوتيوب الذي سيجذب في مرحلة لاحقة المعلنين أيضا فتفقد الفضائيات مصدر تمويلها الوحيد.