جاء ترشيح قطر لعبد الرحمن العطية لشغل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية خلفا لعمرو موسي ليفتح الباب أمام الكثير من التساؤلات حول الدور الذي تريد أن تلعبه قطر في المنطقة. فقطر تحاول منذ سنوات أن يكون لها دور بين الدول العربية الكبري بنفوذها المادي والاعلامي, والآن تحاول أن تتزعم الدول العربية بترشيح احد مسئوليها لأكبر منصب يضم الدول العربية. والحقيقة أن ترشيح قطر للعطية سيفتح الباب علي مصراعيه لخلافات عربية حول من سيتولي هذا المنصب الكبير, خاصة بعد أنباء عن ترشيح العراق لاياد علاوي وعزم مصر عدم التخلي عن المنصب ! ولم يكن هذا هو الموقف الأول والأخير لدولة قطر التي تبلغ مساحتها 12 ألف كيلومتر مربع ويبلغ تعداد سكانها مليون ونصف نسمة وتحاول من خلاله اقتناص ولعب دور الزعامة. حيث تقول صحيفة الهيرالد تريبيون أن قطر من خلال تاريخها القديم كانت تحاول الالتصاق بالعديد من القوي الغربية الكبري لتصبح دولة قوية بدءا من البرتغال ومرورا بالعثمانيين ونهاية بالبريطانيين . فقد سعي القطريون لايجاد طرق للابحار والتعمق الدبلوماسي من أجل حماية نفسها من أي تجاوزات أو تدخلات يمكن أن تحيق بها. ويقول فريد وايري , الباحث في شئون الخليج بمنظمة "راند" للأبحاث الأمريكية " إن هدف قطر كان الانخراط مع القوي الكبري من خارج المنطقة , حيث يمكن أن تثبت قوتها وسيادتها من خلال سياستها الخارجية". ويري الخبراء أن مفتاح قوة قطر واستراتيجيتها السياسية يكمن في وفرة الغاز الطبيعي بها. فهي تمتلك 14٪ من احتياطات الغاز الطبيعي العالمي. امتد الطموح القطري للتدخل في الصراع الدائر في ليبيا. فقد قامت بإرسال طائرات ال"ميراج" الفرنسية الصنع لشن هجمات هجومية علي قوات العقيد معمر القذافي وتقديم المساعدات للثوار الليبيين , في محاولة للعب دور يظهرها كدولة قوية , لكن هذا الدور محفوف بالكثير من المخاطر. إن قطر، الدولة الصديقة لإيران، والتي تستضيف إحدي القواعد العسكرية الأمريكية الكبري، كانت جزءا من التحالف الخليجي الذي أيد التحرك السعودي داخل البحرين لكبح جماح المظاهرات الديمقراطية هناك، الأمر الذي يعد غير لائق بالنظر إلي دعمها للثورة في ليبيا.وكانت أول الدول العربية التي تمنح اعترافا سياسيا للثوار الليبيين. ويشير الخبراء المتابعون للشأن القطري إلي أن سياسة الدوحة تتسم بوجود هدفين أساسيين, أولهما إبراز دور الدوحة كلاعب أساسي علي الساحة الدولية، برغم صغر حجمها، والثاني هو الظهور أمام جيرانها الأكثر قوة وبخاصة المملكة العربية السعودية وإيران، كدولة قوية لها سيادة في المنطقة، ولديها القدرة علي حماية ثروتها من الغاز الطبيعي. ويري توبي جونز، مؤرخ الشرق الأوسط الحديث بجامعة روتجرز الأمريكية "إنهم يسعون إلي أن يكونوا الصوت العربي المدافع عن القومية العربية، بغض النظر عن موقع بلدهم وحجمها، كما أنهم يريدون الخروج من ظل الدول الأقوي الموجودة حولهم بالمنطقة كالسعودية وإيران". وما يثير الدهشة والاستغراب, أنه بالرغم من مطالبة قطر بالديمقراطية خارج حدودها وفي الدول المحيطة بها, فالديمقراطية في قطر مشروطة . فبينما هناك انتخابات محلية , قد يصوت فيها النساء, إلا أنه لا يوجد برلمان بالرغم من وجود مبني برلماني, أو أي مؤسسات سياسية أخري , الأمر الذي يمثل تحديا للأسرة الحاكمة التي يرأسها الشيخ حمد بن خليفة آل ثان , الذي ينتمي الي أسرة حكمت البلاد منذ القرن الثامن عشر , وجاء للسلطة من خلال انقلاب عسكري ضد والده في عام 1995. محمد رياض