خرجت كثير من المسودات لمشروع قانون التأمين الصحي المنتظر، علي مدار الشهور الماضية لكن جميعها كان يعود من حيث أتي دون اتخاذ خطوة جادة للانتهاء منه، ولعل هذه المرة -بعد موافقة مجلس الوزراء علي القانون وإحالته لمجلس النواب- يلقي مصيرا أفضل مما سبق، فرغم تأييد الكثيرين للقانون الجديد إلا أنه فجر حالة من الجدل والخلافات في الأوساط الطبية، قبل إقراره من البرلمان. ورغم أن د. أحمد عماد وزير الصحة استعرض الملامح الرئيسية لمشروع القانون أمام مجلس النواب- وقال إن المادة الأولي فيه تختص بتعريف مصطلحات القانون، والثانية تتضمن أهم ملامحه وفلسفته القائمة علي أنه نظام إلزامي-تكافلي- يغطي جميع المواطنين وتتحمل فيه الدولة أعباء غير القادرين، وعلي أساس فصل الخدمة عن التمويل، فيما تختص المادة الثالثة بتغطية جميع الأمراض سواء كانت من الناحية العلاجية التأهيلية والفحوصات الطبية أو المعملية- إلا أن هناك نقاطا خلافية حول مشروع القانون نستعرضها في السطور التالية: الدكتور سامي المشد، عضو لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، أكد أن القانون سيخرج هذه المرة إلي النور، وربما يتم تطبيقه مع بداية الموازنة للعام المالي الجديد، إذ لا توجد أي معوقات، ولأن هناك إجماعاً واتفاقاً من كافة أعضاء البرلمان والحكومة علي أهمية القانون وضرورة إنهائه، ولن يستغرق أكثر من شهرين داخل المجلس، مشيرا إلي أن الخلافات الموجودة تستهدف الخروج بأطروحات جديدة مفيدة. وأوضح المشد، أن القانون يخضع حاليا للمناقشة داخل البرلمان حتي يخرج بأفضل ما يمكن، مبينا أنه كانت هناك لجنة استماع داخل البرلمان قدم فيها نقيب الأطباء وجهة نظر النقابة وبعض النقاط المهمة وسيتم دراستها، لافتا إلي أن القانون قدمته الحكومة لكن هذا لا يعني أنه لن يتم التعديل عليه. من جهته، قال الدكتور طارق كامل، عضو لجنة إعداد القانون إنه يتفق مع نقابة الأطباء في بعض النقاط المعترض عليها، ومنها أن الاشتراكات التي وضعها القانون للأشخاص ذوي النشاطات الخاصة، زهيدة جدا، لأن القانون قال إن كل مواطن يدفع 5% من دخله -فإذا كان يعمل لدي جهة يدفع 1% وصاحب العمل 5%-وهذا جيد، والخلاف علي أصحاب النشاطات الخاصة إذ يجب أن يدفعوا 5% من صافي دخلهم وليس الراتب الافتراضي -كما غيرت وزارة المالية في القانون- لأن هناك أشخاصا يكسبون ملايين الجنيهات. وأضاف كامل: أتوافق مع النقابة علي أن المريض لا يجب أن يدفع جزءا من فاتورة المستشفي -7% حددها القانون-لأن المفترض أنه يؤخذ اشتراك ثابت طوال العام من الجميع، لذا فيجب عند التردد علي المستشفي، ألا يؤخذ من المريض شيء، وتابع: النقابة تعترض علي المساهمات عند دخول المستشفي بشكل عام، لكني اتفق علي المساهمة بجزء بسيط في العيادات الخارجية وقيمة الدواء -من أجل الجدية في استخدام الدواء من الطبيب والمريض-والتحاليل والآشعة.. وأشار، إلي أن هناك ثلاث هيئات في القانون الجديد، وهي: هيئة التمويل المكلفة بجمع الاشتراكات من الأفراد والضرائب المباشرة وتأخذ من الدولة اشتراك غير القادرين، ومن ثم تتعاقد مع الهيئة الثانية المتمثلة في مقدمي الخدمة التابعين لوزارة الصحة والقطاع الخاص، والهيئة الثالثة مختصة بالرقابة والجودة والتي تقرر أن المنشأة الصحية تصلح لتقديم الخدمة أم لا، لافتا إلي أن النقابة تعترض علي تعاقد الهيئة مع منشآت وزارة الصحة -خوفا من الخصخصة- وأنه يؤيد التعاقد مع منشآت وزارة الصحة والقطاع الخاص حتي تكون هناك منافسة، مضيفا: »الحكومة جادة هذه المرة والكرة في ملعب مجلس النواب». وفي السياق ذاته، قال الدكتور محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إن هناك رضا علي القانون بنسبة كبيرة لأنه سيعالج مشاكل كثيرة موجودة بالمنظومة الصحية في مصر، كما أنه يعد انتصارا لأصحاب الأمراض المزمنة والأورام بإعفائهم من الرسوم الشهرية للأدوية، لأنهم الطبقة الأكثر احتياجا، وسيحول العلاج مرةأخري إلي خدمة تقدمها الدولة. وتابع فؤاد: لكن هناك بعض التحفظات علي القانون، مثل: زيادة نسب مساهمة المريض في الاشتراك الشهري سواء علي الدخل الثابت أو الشامل، وأيضا زيادة نسبة مساهمات المنتفع عند زيارة العيادات الداخلية والذي يقوم بدفع 10% من الدواء و10% من الأشعة و10% من التحاليل، وهي تكلفة كبيرة علي الفئات الأكثر احتياجا، كما أن النسبة لاشتراك الأطفال فهي محددة ب1% علي الطفلين الأول والثاني و1.5% علي الثالث وهنا لابد أن تكون نسب اشتراك الأطفال مجانية أو يتم توحيدها مثلما هو معمول به في باقي دول العالم... مشيرا إلي أن هناك تحفظا كبيرا علي المادة 57 والتي تقر بأن أموال واستثمارات هيئة التأمين الصحي لا يتم خضوعها للأجهزة الرقابية أو لجهات المراقبة المالية، متسائلا: هل سيتم الاستثمار بأموال التأمين الصحي؟ مطالبا بضرورة توضيح هذه المادة ووجود رقابة مالية.