أثار التعديل الوزاري الأخير - الذي جاء خاليا من منصب وزير الاعلام - اهتماما كبيرا لدي الرأي العام والمثقفين والإعلاميين بصفة خاصة. وبدأ الحديث عن وضع الاعلام المصري بعد الغاء وزارة الاعلام، وتمحورت الأفكار التي طرحت علي الساحة الصحفية والإعلامية خلال الأيام الماضية، بل وفي أحاديث وتصريحات الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء، حول انشاء هيئة إعلامية مستقلة علي غرار هيئة الاذاعة البريطانية. وربما لايعرف الكثيرون ان الBBC أنشئت منذ عام 7291 وانشيء القسم العربي بها في اول يناير 8391، في ظل نظام ديمقراطي يؤمن بتداول السلطة وعدم احتكار السلطة التنفيذية »الحكومة« التي تلغي فيها وزارة الاعلام، ففي عام 1891 قرر الرئيس أنور السادات الغاء منصب وزير الاعلام، وكأن السيد منصور حسن آخر وزير للإعلام في عهد السادات، حيث تم تكليفه بمنصب وزير شئون رئاسة الجمهورية، وكعادتنا في مصر وفي جميع الدول العربية بلا استثناء، لايعرف الرأي العام لماذا الغيت وزارة؟ ولماذا استحدثت وزارة جديدة؟ ولماذا تم تعيين هذا الوزير في منصبه؟ ولماذا أقيل؟.. في عام 1891 لم نعرف لماذا الغيت وزارة الاعلام؟ وفي شهر يناير 2891 لم نعرف لماذا عادت وزارة الاعلام مرة أخري؟ ولم يتغير هذا الحال، حتي بعد قيام ثورة 52 يناير!!.. فلم نعرف ايضا لماذا الغيت وزارة الاعلام في اخر تعديل وزاري؟.. ان الرأي العام من حقه أن يسأل ومن حق القائمين علي حكم البلاد أن يجيبوا عن تساؤلات الناس، إذا كنا جادين بالفعل في الانتقال إلي عصر جديد من الديمقراطية. ان مصلحة الوطن والفترة الانتقالية الصعبة التي تمر بها مصر في الوقت الراهن تقتضي ان يكون هناك وزير للاعلام يشارك في اجتماعات مجلس الوزراء ويشرح السياسة الاعلامية ويسعي للحصول علي الميزانية اللازمة لاداء وتسيير العمل المهني داخل القطاعات المختلفة. فلمن ستثبع الهيئة العامة للاستعلامات والشركة المصرية للاقمار الصناعية ومدينة الانتاج الاعلامي ووكالة أنباء الشرق الاوسط وغيرها من المؤسسات والهيئات الضخمة اذا لم يكن هناك وزير اعلام قادر علي النهوض بالاعلام المصري في هذه المرحلة الانتقالية ومحاسبة المقصرين في هذه الهيئات والمؤسسات؟ وهل الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء - كان الله في عونه - بوسعه الاشراف علي البرلمان بمجلسيه وجميع المؤسسات الصحفية والاعلامية اضافة الي الاعباء الثقيلة الملقاة علي كامله بوصفه الرجل الثاني في الحكومة؟ اننا نقترح الابقاء علي وزارة الإعلام في هذه المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد للبلاد واعداد دستور جديد واجراء تعديلات جذرية في التشريعات المنظمة للعمل الإعلامي، كما نقترح تحويل المجلس الأعلي للصحافة إلي مجلس أعلي للإعلام يتولي وضع استراتيجية الإعلام المصري في هذه المرحلة الانتقالية التي قد تمتد الي عام كامل، وحجتنا في ذلك ان المجالس العليا للاعلام كائنة بالفعل في العديد من الدول الديمقراطية ويضمها الاتحاد العالمي للمجالس الصحفية والاعلامية »WAPC« الذي أنشيء في عام 5891، وقد يقول قائل ان التشريعات القائمة لاتسمح بإنشاء مجلس أعلي للاعلام، لكن الرد عليه هو ان الشرعية الثورية تقتضي اتخاذ خطوات استثنائية لفترة انتقالية يولد خلالها الاعلام المصري من جديد.