أصدقائي المعتقلين في عربة الترحيلات .. تم القبض عليهم في بداية الثورة .. كان مطلبهم الوحيد هو فتح شباك العربة ليتنفسوا. نقلتهم السيارة من وسط البلد في طريقهم الي معسكر الامن في الجبل الاحمر .. استطاع صديقي شريف عارف المعتقل رقم 3 في السيارة ان يقنع امين الشرطة بابقاء الموبايل مقابل 20 جنيه وسرعان ما استطاع صديقي المعتقل رقم 2 كارم محمود بأن يقيم غرفة عمليات من داخل السيارة .. المناضل الصحفي الشريف محمد عبد القدوس كان يجلس وعليه سكينة غير عادية وكأنه ليس في تلك العربة الكريهة الرائحة السيئة التهوية .. الامر الذي جعل صديقي شريف عارف يصرخ باعلي صوته طالبا فتح شباك السيارة ليجد ولو اقل القليل من الهواء.. حين وصلت السيارة الي المعسكر كانت اتصالات الزملاء قد اخبرت قيادات الامن ان هناك صحفيين قيد الاعتقال، بمجرد وصولهم لمعسكر الجبل الاحمر تم دعوتهم للخروج ولكن اصدقائي المعتقلين رفضوا الخروج الا بعد خروج كل المجموعة التي كانت معهم من المواطنين .. بدأت الثورة وعاد صديقي الي ميدان التحرير . وازدادت الحشود البشرية واصبح الامر يحتاج الي جريدة تعبر عن حالة ميدان التحرير.. تمت الاتصالات بالاصدقاء كانت الصعوبة البالغة في ايجاد المطابع التي ستقوم بطبع المنشور من دون علم وزارة الداخلية ورقابتها وقبضتها المفزعة. اخيراً ارتضي صديق لنا بالامر وكان الاكتشاف انه ثوري حتي النخاع وطلب حين القدوم لإستلام الجريدة من المطبعه احضار "فاكهة وخضار وعيش" .. استغرب صديقي الذي قام بشراء البرتقال واليوسفي والطماطم والخيار واكثر من 30 رغيف حين ذهب الي المطبعة اكتشف الامر. صاحب المطبعة طلب منه ان يضع الجريدة تحت "الاستبن" تم تغطيتها وقام بوضع الخضار والخبز فوقها ليقوم بأجمل عملية تمويه تلافيا لنقاط تفتيش وزارة الداخلية.. وبرغم الرقابة المحكمة دخل العدد الاول الي ميدان التحرير كاد محمد مصطفي شردي رئيس مجلس الادارة ان يطير من الفرح، زميلي شريف عارف رئيس التحرير لم يكن يصدق نفسه، اما معتز ابو سمرة المشرف العام كان في حالة من التحليق في الهواء والسعادة.. العمل الجاد الذي اختاروا ان يكون ثمنه هو الحرية .. اول جريدة "تابلويد" تخرج للثورة اسمها ميدان التحرير.. صحيفة يومية يصدرها شعب مصر .. الثمن : الحرية.. صدر من الجريدة 7 اعداد تم تسجيل الاسم في الشهر العقاري كأول جريدة تصدر للثورة من ميدان التحرير باسم " ميدان التحرير". ادت دورها وخرجت في عددها السابع بمانشيت يقول " انتصرنا .. وماذا بعد؟" وانهت مصر احلام الطغاة في توريث السلطة، وفرضت ثورة 25 يناير ارادة التغيير عندما استجاب القدر ونجح الثوار في جعل ميدان التحرير قبلة للغضب.. عاش شباب الثورة والمجد للشهداء ولتبقي كل رقعة في مصر حرة ابية تذكرنا دائما بمجد الثورة وما فعله شبابها، تذكرنا بنسمات ثورة الياسمين التي هبت علينا من تونس الخضراء وشاعرها العربي الجميل المطبوع حباً ووطنيةً ابي القاسم الشابي اذا الشعب يوماً اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر ولابد لليل ان ينجلي ولابد للقيد ان ينكسر