يبدو أن التعليم بات مثل عجينة الصلصال.. يستطيع أي أحد أن يشكلها كما يحب..وأصبح الطالب بحق مثل الفأر في حقل التجارب.. نقيس عليه نجاح أي تجربة أو فشلها..ولا يهم في النهاية مخرجات هذه العملية التعليمية.. القرارات المفاجئة لوزير التربية والتعليم د.طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني أحدث زلزالا عنيفا في أوساط الأسر المصرية، لأن القرارات كانت جريئة وتغير من شكل ومضمون العملية التعليمية في مصر.. »أخبار اليوم» فتحت حوارا مجتمعيا مصغرا، استطلعت فيه آراء كل مهتم بالعملية التعليمية من مسئولين وخبراء تربية ومعلمين وطلبة وأولياء أمور.. إلا أن وزير التربية والتعليم لم يتجاوب معنا أو يرد علي اتصالاتنا المتكررة حتي يوضح وجهة نظره ويرد علي اعتراضات الخبراء وأولياء الأمور والطلاب.. لا شك أن قرارات د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم الأخيرة، قد أثارت ردود فعل كثيرة، إلا أن الجدل كان حول إلغاء الصف السادس الابتدائي ونظم الامتحانات والشكل الجديد للثانوية العامة أو ما بات يعرف باسم »ثانوية مصر»..وهذا ما سوف نلمسه في السطور القادمة عندما استعرضنا رأي عدد من الخبراء المهتمين بالمنظومة التعليمية. خبراء التربية والمناهج: إلغاء الشهادة الابتدائية يفرز المزيد من الأمية ونظام التقييم الشامل افتقد جوهره كل مرحلة تعليمية تنتهي باختبار يعبر فيها الناجح فقط إلي المرحلة التالية في البداية يقول د. حسن شحاتة، أستاذ المناهج في كلية التربية بجامعة عين شمس إن البنية التحتية الموجودة في المدارس المصرية لاتسمح بتوفير جهاز كمبيوتر لكل طالب لإجراء الامتحانات، وكذلك تدريب المعلمين، وبالتالي يصعب تطبيق نظام التصحيح الإلكتروني في الثانوية العامة. وشدد علي ضرورة أن يراعي النظام الجديد العدالة الاجتماعية، محذرًا من أن التقييم الكلي علي مدار 3 سنوات سيزيد من الدروس الخصوصية، ويفتح الباب للعلاقات الشخصية. وقال إن رؤية الوزير للتطوير والعلم جيدة ولكن البيئة الحالية لاتسمح بتطبيقها في الوقت الراهن لعدم وجود الإمكانيات، وعدم الجاهزية، وعدم ضمان فرص متساوية حيث إن تغيير الامتحانات من مدرسة لأخري سيكون غير منصف، ويمكن التدخل فيه بأشكال عديدة خاصة أن العدالة في هذا الأمر تتطلب فرصًا متساوية بما يستوجب أن تكون الاختبارات معيارية أو قومية. و اعتبر شحاتة قرار وزير التربية والتعليم بإلغاء الشهادة الابتدائية، بأنه لا يوجد هدف تربوي من ورائه، وإنما يهدف فقط إلي توفير تكاليف الامتحانات والمراقبين، ويمثل خداعا لأولياء الأمور ويؤدي إلي مزيد من الأمية، مستشهدا بأنه في عهد وزير التربية والتعليم الأسبق د.محمود أبو النصر تم البدء في مشروع القرائية، والذي كان يهدف لتعليم طلبة المرحلة الابتدائية القراءة والكتابة، بعدما اكتشف الوزير في إحدي جولاته أن الطلبة لا يجيدون القراءة والكتابة. وأضاف أستاذ أصول المناهج بتربية عين شمس أن كل مرحلة تعليمية لا بد أن تنتهي باختبار، حتي يعبر الطالب الناجح إلي المرحلة التالية، والراسب لن يستكمل، وهذا القرار يولد حالة من اللامبالاة لدي الطالب وأولياء الأمور، ونحن في غني عنها، وبالتالي لن تفرز هذه القرارات إلا مزيدا من الأمية. في حين يتساءل د.محمد عبدالظاهر عميد كلية التربية بجامعة طنطا السابق عن فلسفة قرارات الوزير الأخيرة والتي جاءت بصورة مفاجئة في موضوع وقضية مجتمعية هامة تهم كل بيت مصري وهي التعليم، مبديا موافقته المبدئية علي إلغاء الامتحانات في الصفوف الثلاثة الأولي للمرحلة الابتدائية، ولكن ما هو نظام التقويم البديل الذي نقيم عليه مستوي تحصيل واستيعاب كل طالب لما تحصل عليه من علوم، معتبرا أن قرار وزير التربية والتعليم ألغي عنصرا تربويا وعلميا أساسيا وهو أسلوب التقويم والتقييم الذي لا غني عنه أبدا في أي عملية تعليمية بكل مراحلها.. وفيما يخص نظام التقييم التراكمي، قال أستاذ المناهج، إن النظام الذي أعلن عنه الوزير ليست هذه فلسفته، لأن نظام التقييم التراكمي كان قد تم طرحه في عهد وزير التربية والتعليم الراحل د.حسين كامل بهاء الدين، وتم الاستقرار علي أن هذا النظام سيبدأمع الطالب بدءا من الصف الأول الابتدائي حتي الصف الثالث الثانوي، بحيث يكون له ملف يشمل مهاراته ومستواه التحصيلي ودرجاته في الاختبارات وحالته الصحية علي مدار 12 عاما هي مدة سنوات عمره الدراسية وليس كما سيعمل به مستقبلا في 3 سنوات فقط في المرحلة الثانوية، وبالتالي فنظام التقييم الشامل الذي أعلن عنه الوزير يفتقد إلي الكثير من المعايير العلمية. من جانبها قالت د. ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، إن وزير التربية والتعليم طرح فكرة تطبيق النظام التراكمي كنوع من التطوير الجزئي، لكن هذا النظام لا يمكن تطبيقه قبل التغلب علي المشكلات الحالية.. وتابعت أنه لا يمكن تطبيق نظام تراكمي وتحول الثانوية العامة إلي ثلاث سنوات، إلا بحل مشاكل الدروس الخصوصية والحضور والغياب بالمدارس وتحسين رواتب وكفاءة وخبرات المعلمين لأنه لا يتم تدريبهم وتأهيلهم جيدا، فالفكرة جيدة ولابد من التغلب علي هذه المشكلات أولا، فقبل ذلك كان النظام سنتين وفشل، وبالتالي سيكون التحول من سنة واحدة إلي 3 سنوات دروس خصوصية، فالنظام التراكمي يعتمد علي أنشطة ومناهج مختلفة ولا يعتمد علي الحفظ.