لا تقلقوا علي مصر ولا تخافوا علي اقتصادها.. لا تصدقوا لهجة الانهيار أو الفوضي.. تلك حدثت بفعل فاعل اقترب يوم حسابه بالقانون الذي كان غائباً.. كانت حجة ومحاولة يائسة لبث اليأس في النفوس. لا أملك دليلاً علي ما أقول سوي ما شاهدته مساء الجمعة قبل الماضي عندما هرعت مسرعاً إلي الشارع ومنه إلي ميدان التحرير باحثاً عن الفوضي المزعومة لأعثر عليها في الملايين يقبلون بعضهم البعض وسط أغاني »يا حبيبتي يا مصر.. ويا بيوت السويس يا بيوت مدينتي أستشهد تحتك وتعيشي إنتي« ومع هذه وتلك »صورة« و»مصر التي في خاطري وفي دمي«. الدموع تجففها الأعلام المحمولة في الأيادي والفرحة لا حدود لها وكلاكسات السيارات تعزف أحلي سيمفونية تختلط بالزغاريد والصياح والصواريخ الضوئية التي تملأ السماء، وابني مصطفي يتذكر اثنين من شهداء الثورة محمد وحسين وثالث مصاب اسمه هشام كان يعرفهم من خلال الفيس بوك لكني احتضنته مخففاً عنه الحزن والإرهاق الذي أصابه طوال 81 يوماً وسط ميدان التحرير مع ثوار مصر من شباب »زي الفل« وأحلي من الياسمين واللوتس. لا تقلقوا علي اقتصاد مصر فالمستثمر العربي أو الأجنبي وقبلهما المصري لا يطمئن علي أمواله في دولة يسودها الفساد والمحسوبية والعمولات والإتاوات، إنه يبحث عن دولة تحترم قانونا ينفذ علي الرئيس قبل المرءوس.. ومنذ عدة سنوات وصل إلي مصر مستثمر أجنبي لإقامة مشروع لكنه قرر تركها في نفس اليوم عندما شاهد من شرفة الفندق الذي يقيم فيه حالة المرور والزحام في الشوارع، فما بالك لو كان تعرف علي مشاهد الفساد والذمم الخربة! صدقوني الاستثمارات الأجنبية سوف تتضاعف عندما يشاهد أي مستثمر صورة جندي الصاعقة بميدان التحرير وهو يحمل طفلاً صغيراً فوق دبابته.. وسوف تتضاعف عندما يشاهد فوهات دبابات الحرس الجمهوري وهي تغير اتجاهها إلي الخلف بعيداً عن المتظاهرين أمام القصر الجمهوري وقبلها جنود الجيش المصري وهم يرشقون الشباب بالشيكولاتة وعبوات المياه وحلاوة المولد النبوي. كل هذه المشاهد رأيتها وتجعلني واثقاً من الغد وما بعد الغد. لا تقلقوا علي مصر بشبابها وقضائها وقواتها المسلحة..لاتقلقوا علي مصر »أم طرحة وجلابية«.