لم أكن أتخيل يوما من الأيام المتبقية لي في حياتي التي لا يعلمها إلا الله أنني سأشهد بدءا من يوم 52 يناير الماضي أعظم ثورة شبابية في التاريخ الحديث يقودها شباب مصري ليغيروا واقعا ظل لأكثر من 03 عاما وعجزت كل القوي المعارضة أن تغير سطرا واحدا فيه.. وسوف تكون هذه الثورة نموذجا يحكي في كل مكان، لم أتخيل أن تختفي وجوه من قيادات الحزب الحاكم بهذه الصورة بعد أن اعتقدت ومعي الكثيرون أن أعمارهم تختلف عن أعمارنا وأنهم سيبقون في الحكم حتي وفاة أحفادنا.. لم أتخيل يوما أن يذهب أحد منهم إلي النائب العام كما حدث الأسبوع الماضي للتحقيق معه بعد أن تقرر منعه من السفر والتحفظ علي أمواله كإجراء احترازي لحين انتهاء التحقيق معه ومعرفة مصدر ثروته التي تجاوزت عند بعضهم 06 مليار جنيه، لم أتوقع يوما من الأيام أن يتم حرق المقر الرئيسي للحزب الحاكم منذ نشأته بهذه الصورة التي شاهدها العالم كله في رسالة واضحة تعبر عن المكانة الحقيقية لهذا الحزب بين الجماهير مع أنه كان قد استولي علي 89٪ من مقاعد مجلس الشعب بانتخابات مزورة بخطة هندسها من هو مطلوب أمام النائب العام الآن متهما بالتربح واستغلال النفوذ والاحتكار. ولم أشهد علي مستوي العالم كله حزبا يكشف عن نفسه وعن قوته وعن قدراته في اسقاط حكومات وتغيير نظم قبل ان يتكون هذا الحزب مثلما فعل حزب الشباب المصري، اعتقد أن الأيام القادمة ستشهد تطورات سريعة ومتلاحقة خاصة بتعديل الدستور وضوابط للانتخابات البرلمانية والرئاسية- واصلاحات سياسية واقتصادية كثيرة- وستظهر قضايا فساد وانحراف لم نكن نتخيلها- وستسقط شخصيات كثيرة كانت بمثابة »تابوهات« مؤلهة في هذا المجتمع- سيتغير شكل البرلمان وشكل أعضائه خاصة بعد تنفيذ تقارير محكمة النقض في الدوائر المطعون عليها- وقد يتم بعدها حل مجلسي الشعب والشوري بسبب كثرة هذه الطعون، سوف نتساءل بعد عدة أيام عن مستقبل الحزب الوطني في مصر بعد أن أصبح من المستحيل في ظل ما حدث أن يظل حزب الأغلبية بل أصبح مهددا بالاختفاء من الحياة السياسية تماما- وأتوقع أن يظهر حزب جديد أقوي بكثير من الحزب الوطني ليكون هو حزب الأغلبية من الجولة الأولي بتوافق معظم قوي الشعب عليه وهو حزب الشباب الذي اتمني ان يتم اتخاذ اجراءات سريعة من الآن لتكوين هذا الحزب من هؤلاء الشباب الناضج الذي قاد هذه الثورة لأنه بعد شهر سبتمبر القادم ووجود رئيس جديد للدولة الذي لن يكون بالطبع رئيسا لأي حزب حاكم- بعد أن يتم الفصل بين رئاسة الدولة ورئاسة الحزب- ستكون هناك حياة ديمقراطية وبرلمانية تختلف تماما عما عشناه علي مدي ثلاثين عاما مضت- شكرا لك يا إلهي الذي مددت في عمري حتي أعيش هذه اللحظة، وشكرا لأبنائي الشباب الذين أعادوا لنا بسمة الأمل قبل أن نفارق هذه الحياة.