أصدرعمرو الجارحي وزير المالية الماضي كتابا دورياً تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء والذي يلزم كل وحدات الجهاز الإداري للدولة والجهات الحكومية بصرف مستحقات العاملين بها من خلال نظام الدفع الإلكتروني ببطاقات ال»ATM« .. ويحظر القرار التعامل مع نظام الصرف النقدي أو الورقي نهائياً سواء الشيكات وأذونات الصرف. خبراء الاقتصاد اكدوا أن هذا النظام يطلق في الكثير من الدول المتقدمة منذ فترات طويلة .. وأن تطبيقه في مصر سيساهم بشكل كبير في تسهيل عملية التعامل المالي وإحكام الرقابة عليه والحد من عملية تداول الكاش الذي تسعي الحكومة إلي تطبيقه من خلال برنامج ميكنة الموازنة. د. إيهاب الدسوقي رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الادارية يقول إن معظم الجهات الحكومية قامت بتحويل نظام الصرف النقدي إلي النظام الإلكتروني في حصول العاملين علي مستحقاتهم المالية .. وتعميم هذا النظام علي باقي الجهاز الإداري للدولة يعتبر من أهم الخطوات الصحيحة للحد من التعاملات بالكاش والذي تسعي الحكومة إلي تطبيقه في اطار برنامج ميكنة الموازنة التي أعلنت عنه من خلال العام المالي الجديد خاصة ان مصر تعتبر تقريبا الدولة الوحيدة التي مازال يوجد بها عملية تداول النقود الورقية .. ويشير إلي أن التحويل إلي النظام الإلكتروني يساهم في عملية زيادة الاستثمارات والانتاج خاصة مع بقاء النقود داخل الجهاز المصرفي للدولة فترة من الوقت سواء قبل ميعاد صرف المرتبات أو حتي قيام بعض الموظفين بسحب جزء من مستحقاتهم والابقاء علي الجزء الآخر داخل الحساب البنكي لهم وهو مايعني استثمار هذا الاموال حتي ولو جزء قليل من الوقت وهو ما يساهم في زيادة عملية الانتاج والخدمات وزيادة معدلات النمو الاقتصادي التي نستهدفها في المرحلة القادمة.. مؤكداً ان هذا النظام يساهم أيضاً في الحد عن الفساد أو السرقات نتيجة التعامل المباشر لموظفي الخزينة مع النقود الورقية .. بالإضافة إلي إحكام الرقابة علي الأموال داخل البنوك وهو ما يعني مكافحة ظاهرة »غسل الاموال» التي انتشرت مؤخراً . ويضيف الدسوقي انه يجب ألا يقتصر تطبيق النظام الإلكتروني فيما يتعلق بمستحقات العاملين في الجهاز الإداري للدولة فقط .. بل يجب تطبيقه أيضاً علي التعاملات اليومية التي تتم بين المواطن وأي جهة حكومية سواء الجوازات أو دفع أي رسوم مادية عن طريق إنشاء فروع صغيرة للبنوك بجوار أو داخل أي جهة حكومية وهو ما يساهم في القضاء علي ظاهرة الرشوة التي تتم في هذه الجهات .. بالإضافة إلي القضاء علي ظاهرة »الطوابير» التي نشاهدها يومياً. ويري د. صلاح الدين فهمي رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الأزهر أن قرار رئيس الوزراء بإعطاء مهلة 3 شهور للتحويل من المعاملات الورقية للمرتبات العاملين إلي الصورة الإلكترونية عن طريق التعاملات البنكية وماكينات السحب الإلكتروني يعتبر خطوة جديدة لتحقيق الشمول المالي والقضاء علي التعاملات النقدية التقليدية، وأضاف أن التعامل بشكل إلكتروني سيؤدي إلي زيادة نسبة الإدخار، خاصة وأن المواطن سيقوم بسحب مايحتاج إليه من أموال فقط، ويترك الباقي كإستثمار في البنوك، بجانب ان تطبيق المنظومة الإلكترونية للمرتبات سيؤدي الي عدم حدوث أخطاء أو وجود أموال مختفية او عجز. ونوه صلاح الدين إلي ضرورة الأخذ في الاعتبار، عدم وجود ماكينات سحب إلكتروني في عدد من المحافظات، وهذا سيؤدي إلي صعوبة تطبيق المنظومة في المحافظات وخاصة في المحافظات البعيدة، إضافة غلي عدم توافر صرافات آلية في عدد من المناطق وعدم تغطية فروع البنوك التي تتعامل معها الحكومة لأنحاء كبيرة من الجمهورية. و يؤكد د. فرج عبد الفتاح أستاذ الاقتصاد بمعهد البحوث والدراسات الإفريقية ان الفكرة التي تبدأ وزارة المالية في تطبيقها بإستبدال نظام الكاش في الحصول علي مستحقات العاملين بالجهاز الإداري بالدولة بنظام الدفع الإلكتروني »ATM« خلال الثلاثة شهور القادمة سيعود بالكثير من الفوائد علي المجتمع وعلي رأسها تسهيل عملية التداول وعمليات الصرف وضمان عدم حدوث الأخطاء الشائعة .. بالإضافة إلي انه يقضي علي أي محاولات للتلاعب أو الفساد الذي كان يحدث في المعاملات المالية في بعض المصالح والهيئات الحكومية. ويشير إلي أن هذا الإجراء سيساهم بقوة في تسهيل الإجراءات التي تتخذها الحكومة منذ فترة في الحد من عملية تداول الكاش ومايصاحبها من التهرب الضريبي وعمليات »غسل» الأموال .. مشيراً إلي ان فكرة تعميم نظام الصرف الإلكتروني لمستحقات العاملين بالجهاز الإداري في الفترة التي حددتها وزارة المالية قد تواجه بعض الصعوبة في البداية خاصة ان الكثير من المواطنين ليس لديهم ثقافة التعامل ب »ATM » ولكن أصبح هذا النظام هو السائد حالياً في معظم دول العالم ويحتاج إلي استيعاب من المجتمع المصري.