بقلم : دكتور محمد عهدي فضلي الأحداث التي توالت علي موقع إسلام أون لاين من وقف للموقع وغموض موقف أكثر من ثلاثمائة من العاملين فيه والذين عملوا أكثر من عشر سنوات تدعونا إلي وقفة للتأمل في المظلة التي يفترض ان تكون شرعية تعمل تحتها مواقع شبكة الانترنت.. هل يوجد قانون لتنظيم إصدار هذه المواقع مثل قانون البنوك وقانون المعاملات التجارية وقانون التوقيع الالكتروني الذي صدر عام 2004؟ وهل هذا القانون من شأنه حماية الحريات العامة وكفالة توفير مناخ العمل المناسب للحريات الخاصة؟ وهل هذا القانون يحمي ويراعي حقوق العاملين في مثل هذه المواقع؟ هل المطلوب ان نترك الفضاء الفسيح تسبح فيه ملايين الاوراق الطائرة تنتهك الاعراض وتدنس المقدسات دون أن نحذر منها وننبه اليها؟ فإذا ما تم إقرار قانون يحدد وينظم ويحافظ علي المجتمع أصبح من يقول ان ذلك القانون يحد الحريات الشخصية.. أية حرية تلك لشخص يعتدي علي حريات الآخرين من افراد المجتمع؟ المفترض ان يكون مجتمعاً آمنا يعيش افراده في أمان علي أعراضهم ومتعلقاتهم وممتلكاتهم.. وكما ان لثورة المعلومات مزايا فإن عيبها القاتل هو حرية الحصول علي بعض المعلومات عن خصوصية الأفراد.. يمكن لأي من كان ان يدخل الي الحسابات الخاصة للأفراد أو الشركات أو البنوك ليغير فيها ويحول الي حسابه الشخصي ما يريد من أموال هي ليست من حقه كأي لص يقتحم بنكاً.. يمكن لأي جماعة ان تلج إلي مؤسسة كبيرة تعمل في مجال الآمن القومي وتغير قواعد البيانات فيها الي ما تحب ان تتجه أنشطة تلك المؤسسة بما يخدم مصالحها.. مجالات العمل الاعلامي ليست ببعيدة عن تلك الاقتحامات.. أصبح من السهولة نشر المقالات التي تشيع أفكارا وتنشر آراء تهدف الي هدم المجتمع وإفساد أصحابه.. المعلومات والخصوصيات أصبحت مكشوفةعلي الملأ. أصبحت ميسرة الاستخدام لكل من شاء وأراد ان يغير الوجهة الآمنة لحسابه.. لم تعد هناك أظرف مغلقة »بالشمع الأحمر« لا يفتحها الا أصحابها.. رسائل البريد الالكتروني من الممكن ان تقتحم حياة أي أسرة آمنة وتهددها وتبتزها للحصول علي ما يريده أصحاب تلك الرسائل من أموال وتحويلات نقدية.. كم من أسر وأشخاص تهددت سمعتهم واهتزت بين الأسر وأفراد المجتمع بسبب خطاب بريد إلكتروني طائش أرسله شخص في نفسه مرض.. كم من شركات ذات شهرة وسمعة مرموقة في أسواق المال اهتز مكانها بسبب مقال في صحيفة الكترونية تظهر أنها بدون صاحب ولم تحتج الي ترخيص لتنشر سموم أفكارها بين آلاف وملايين المتصفحين عبر الشبكة العنكبوتية.. ان قانون تنظيم الصحافة الالكترونية هو جزء من قانون تنظيم الصحافة الورقية الذي مازال قائما تعمل تحت مظلة بنوده الصحف الورقية المحترمة ذات السمعة التي لاتشوبها شائبة.. علينا تنظيم وضع ذلك القانون وأن يكون هدفه الأول هو تقنين هذه الاصدارات الالكترونية وليس تقييد حرياتها وأيضا حمايتها وحماية حريات أفراد المجتمع حتي لو كان علي حساب حجب تلك الحرية عن بعض الاشخاص أصحاب النفوس المريضة.. ان حرية المجتمع هي الاولي بالحماية من حرية أولئك الافراد المبتعدين عن المجتمع.. لنقم بواجبنا نحو حماية الحريات في الفضاء الفسيح.. ولن يتم ذلك الأمر إلا بقانون عادل منصف يحمي الحريات والممتلكات من »قرصنة« سارقي الانترنت.