الأعمال والمهام الدعوية من وعظ وخطابة وإفتاء، كلها مكون رئيسي مهم في الخطاب الديني، لأنها الصورة الواقعية لأساسياته من علوم ثقافية ذات صلة. والخطاب الدعوي بمكوناته سالفة البيان في العقود الزمنية الأخيرة والحاضرة أصابة عوار جسيم يتمثل في انحرافه عن مساره الصحيح. وعليه فتداعياته السلبية في المجتمع لا تخفي علي ذي بصر وبصيرة فاما عن انحرافه عن مساره الصحيح، فإن تشتتا له بين دعاة اتجاهات مذهبية وطائفية ودخلاء وغير مؤهلين ولكل توجهاته وحساباته ومصالحه، وبين موظفي دعوة في مؤسسات حكومية ذات علاقة. وأما عن تداعياته السلبية فهي سوء فهم الدين وسوء عرضه ومن ثم يمكن القول بأنها دعوة باطل وهي محرمة مجرمة بلسان الشرع ومنه: قول الله عز وجل: »ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم» - الآية 25 من سورة النحل. وجه الدلالة: إن الدعاة عليهم إثم ضلالهم في أنفسهم، وإثم آخر، بسبب ما اضلوا من غير أن ينقص من أوزار أولئك شيء - تفسير ابن كثير 2/189-. قول سيدنا النبي محمد - صلي الله عليه وسلم: »من دعا إلي ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص من آثامهم شيء: - صحيح مسلم 4/2060. قوله - صلي الله عليه وسلم: »دعاة علي أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها.. هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا.. »فتح الباري 13/35، صحيح مسلم 3/1475. وتظهر تداعيات فوضي الدعوة في أمور تتزايد علي أرض الواقع: أ- تغول مبادئ فرق منسوبة إلي الدين مثل: جماعة الإخوان، فرق السلفية بفصائلها المسماة »علمية»، وحركية، وجهادية، وطرق متصوفة - لا صوفية -، ومذاهب شيعية، علي معالم الدعوة الحقة الراشدة الرئيسة الرئيسية وعلي مؤسسات دعوية رسمية صارت مستسلمة أو تائهة أو شاردة في هذا الطوفان. ب - تجنيد أغرار بالأموال وبتأويلات مغلوطة وأفكار خاطئة لحسابات ومصالح قوي مخابراتية عالمية، لشق الاصطفاف الوطني، ولإيجاد قلاقل مجتمعية لاستنفاد طاقاته، وتبديد ثرواته، وذلك لتنفيذ عنف فكري »التكفير» ونتيجته عنف مسلح »إراقه دماء، وإتلاف أموال، وانتهاك اعراض»!. ج - الانفلات عن الدين بالشك والظن المسيء فيه، ومن ثم جريمة الردة والإلحاد، لقياس أناس الدين علي أخلاقيات دعاة باطل - وهم كثر في واقعنا المعيش!! د - شيوع حيرة وبلبلة للمتلقي في خطب وعظات مسجدية، وفتاوي إعلامية، دون منهجية علمية سليمة، فإما غلو وتشدد وتنطلع وإضفاء »قداسة» لمعتقدات ومرجعيات هذه المعتقدات، وتتصدر السلفية بفصائلها والشيعة المعاصرة، وفصائل العنف المسلح هذا المنحي، وإما استهانة وانفلات بثوابت الدين ويتصدر زاعمو الحداثة من مجدفين ضد الدين، ومعظمهم برعاية إعلام وموجهي هذا الإعلام!، وضاعت الوسطية الاصيلة للدعوة بين هؤلاء و هؤلاء. ه - تقوقع مؤسسات الدعوة الرسمية وانكفاؤها علي أعمال إدارية وسياسية »تستيف أوراق» كمهام وظيفية لحسابات الثواب والعقاب. و - غلبة مصالح وحسابات ورؤي أمنية تخصصية، ومواءمات سياسية إقليمية تعود سلبا علي جودة الأداء الدعوي. تأسيسا علي ما ذكر: فالحاجة ماسة إلي انشاء مجلس أعلي للدعوة الإسلامية لمهام معتبرة منها: 1- تحرير الخطاب الدعوي من المذهبية والطائفية المجتمعية. 2- غلّ أيدي غير المؤهلين للأعمال الدعوية. 3- عمل آليات علمية للمهام الدعوية. 4- نقد ونقض شبه الغلو والعنفين »الفكري والمسلح» بواسطة ذوي خبرة ودراية. 5- التواصل مع مؤسسات دعوية ذات طابع مذهبي »السلفية والشيعة و الصوفية» لوضع منهجية موحدة لما يقال وما لا يقال. 6- فحص إصدارات ذات صلة بأعمال دعوية، والتنبيه علي أغاليط وأخطاء بفريق علمي تخصصي. 7- تدريب كوادر للدعوة الإسلامية متجردة لله - عز وجل - وحده. 8- ولاية الأزهر الشريف ومرجعيته الكبري والرئيسة للأعمال الدعوية. 9- حظر ممارسات ومشاركات مؤسسات مدنية تمارس مهام ثقافية ذات طابع طائفي ديني »جمعيات ثقافية بالتضامن الاجتماعي». وللمجلس الأعلي للدعوة الإسلامية عمل تدابير وقائية وأخري زجرية لصد وكف عوادي فوضي دعوية عارمة!