تسابيح النسيان معزوفة من الكلمات المكثفة بالحزن والحنين والحب التي تجرنا بسنوات العمر الي مكان مجهول، يتلو فيها الروائي الشاعر في الأصل محمد ناجي ترانيم من الوهج الإنساني الذي يصعب علي النقاد والقراء تصنيفه!! ماذا يقول ناجي؟ يقول: ثمة حزن ينسيك كل الأحزان، وثمة فرح ينسيك الدنيا كلها، لكنه لا يدوم. لا أنا راغب في هذا الحزن، ولا أظنك كنت راغبة في مثل ذلك الفرح. أي كلمات تلك التي يلخص فيها ناجي أوجاع عمر في حروف مرصوصة ترسم ببساطة في عمق شدة الألم الذي يعاني منه المحب المحروم من الحب. لأول مرة منذ زمن ليس بعيدا سقطت دموعي وأنا أقرأ ترانيم محمد ناجي في كتابه »تسابيح النسيان« واتساءل من أين أتي بكل هذا الحزن والشجن حتي في لحظات الحب، كيف طرز كلماته بالوجع هكذا!؟ وعندما يقول: تستطيع الأجساد أن تتشارك في المتعة، ولا تستطيع أن تتقاسم الوجع. توجعني الكلمات ولا أملك إلا تكملة السطور: هل حدثت المعجزة حيث استعادك جسدي، الألم نفسه.. المذلة نفسها. أي وجع ومذلة في كلمات هذا العاشق المحب للحياة، التي تقطر كلماته حبا نادرا مفقودا في نهاية قصة محكوم علينا فيها بالرحيل ذات يوم نجهله جميعا!! ولا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالي. أي روعة خط بها ناجي سطور كتابه تسابيح النسيان وهو يبوح لأمرأة مجهولة لدينا بهواجسه التي تشبه حياة الكثيرين ولا يملك أحد مقدرة التعبير عنها، واعتذارات العاشق الذي أوجع قلوبنا، وترك في أعماقنا وحشة لحدث لم يحدث بعد، من أين أتي ناجي بكل أحاسيس الافتقاد ليجسدها هكذا بالأبعاد الثلاثة في وجداننا دون ملل بل حولنا في لحظة الي عشاق للحياة مثله تماما، قادرين علي الحب ولكن الحب يعصي!! ولا أعرف لماذا كتب وصيته للحفيد رغم أن الحفيد لم يعش حزن جده! كيف يتثني للحفيد أن يحفظ وصية الجد بنفس القدر. إن الذي لم يعش ألم الحب، لا يعرف طعم العذاب وناجي عذبنا بكلماته رغم إننا لم نعرف قدر آلامه الحقيقية!