لم يكن افتضاح امر شحنة الاسلحة الايرانية التي اعترضتها السلطات في نيجيريا مؤخرا وكانت في طريقها لجامبيا، سوي قمة جبل الجليد التي تخفي تحتها أكثر بكثير مما تبديه. لقد اصبح التغلغل الإيراني داخل القارة السمراء حقيقة لا يمكن انكارها وباتت العديد من دول افريقيا إما مسرحا لكي تمارس الجمهورية الاسلامية نفوذها وسطوتها أو ساحة للصراع والمساومة بينها وبين امريكا وإسرائيل. ولعل أزمة الحكم في ساحل العاج أحدث نموذج لهذا الصراع الخفي وتلك الحرب الناعمة بين قوي عظمي كالولايات المتحدةالأمريكية وبين إيران التي تسعي جاهدة لكي تكون قوي اقليمية لها وزنها وكلمتها في المنطقة حتي ولو جاء ذلك من خلال شحنات السلاح وصفقات المخدرات! فالولايات المتحدة تؤيد اختيار الحسن واتارا رئيسا للبلاد، باعتباره فاز بالانتخابات بشكل شرعي، وايران عبر جالية لبنانية شيعية، تتبع مرجعية حزب الله، ولها نفوذ اقتصادي هائل بسبب تجارة الماس ويبلغ تعدادها نحو 001 الف شخص تؤيد الرئيس الحالي جباجبو وجيشه القوي. وتعتمد إيران في تنفيذ اهدافها علي نفوذ وتأثير الشيعة اللبنانيين في ساحل العاج وعلاقتهم القوية بالنظام حيث اشترطت علي الرئيس جباجبو دعمه للبقاء في السلطة مقابل ان يسمح لهم الرئيس بارساء المذهب الشيعي. بل وتشير معلومات مخابراتية غربية إلي أنها قامت بارسال قائد »فيلق افريقيا« في وحدة القدس التابعة للحرس الثوري الايراني علي اكبر طبطبائي الي ساحل العاج بصحبة ميليشيات عسكرية لتنفيذ مخططاتها. وتشير التركيبة السكانية لساحل العاج الي أن نسبة المسلمين تبلغ نحو 06٪ معظمهم من أهل السنة مقابل03٪ للمسيحيين والبقية يهود ووثنيون وديانات افريقية محلية. ويقول مسئول ملف التشيع في ساحل العاج الذي سبق وان طردته السلطات العاجية من البلاد علي خلفية تهم امريكية تخص تمويل حزب الله المشروع يسير بشكل منتظم والمذاهب الشيعي سيكون الأوحد في ساحل العاج خلال 01 سنوات. والمشهد في ساحل العاج لا يمكن عزله عن المشهد في نيجيريا، كبري الدول الاسلامية في افريقيا، حيث تنفذ إيران بقوة هناك وشهدت آخر مناسبة اقامتها الجمهورية الاسلامية هناك لإحياء ذكري عاشوراء حضور نحو 6 ملايين شخص. كما تنشط إيران بقوة في السودان، وهي تهدف إلي تحويل هذا البلد إلي قاعدة للعمل العسكري والمخابراتي، حتي لو كان الثمن استمرار عدم الاستقرار وجر البلاد إلي حرب أهلية. وتواجه إيران منافسة محمومة في افريقيا من اسرائيل، حيث تحاول كل منهما مد نفوذه داخل القارة السمراء.. وبحسب صحيفة »يديعوت احرونوت«، فإن ساحة المعركة الرئيسية هي الاممالمتحدة حيث يمكن لاصوات افريقيا وعددها 35 صوتا احداث فرق عند التصويت علي أي مشروع قرار سواء يخص ايران وبرنامجها النووي أو إسرائيل ونشاطها الاستيطاني وعملياتها العسكرية الاجرامية في الاراضي الفلسطينية. وتعتمد إيران لتحقيق اهدافها في القارة السمراء علي ما يسمي ب»فيلق افريقيا« في قوة القدس التابعة للحرس الثوري الذي يواجه انتقادات حادة علي خلفية اخفاقاته المتتالية في الساحة الافريقية، بدءا من اكتشاف حاويات ايرانية مليئة بالسلاح في نيجيريا، مرورا باضطرار اثنين من كوادر الفيلق المتورطين في هذه العملية للجوء إلي السفارة الايرانية في أبوجا، وانتهاء باكتشاف السلطات النيجيرية محاولة تهريب 031 كيلو جراما من الهيروين كانت مخبأة في حاوية ايرانية وصلت الي موانيء نيجيريا علي انها تنقل قطع غيار للسيارات.. وقد طلبت قيادة الحرس الثوري من قائد فيلق افريقيا علي طبطبائي العمل علي وجه السرعة، لتنفيذ خطة لاحتواء الضرر الذي لحق بالنشاط الايراني السري في القارة السمراء. ويري مراقبون ان تصريحات قيادة الحرس الثوري في ايران تعكس الخشية من ان الكشف غير المسبوق لنشاطات الحرس في مجال تهريب الاسلحة والمخدرات سيؤثر سلبا علي مجمل النشاط السري للحرس في ارجاء العالم، في مجال تصدير الثورة الاسلامية ونشر التشيع وتقويض الانظمة غير الصديقة. ورجحت المصادر ان يواجه الحرس الثوري صعوبات في اقرار الميزانية السنوية المخصصة لنشاطه خارج ايران والتي تقدر بخمسة مليارات دولار، فيما اذا لم يستطع قادة الحرس إقناع المرشد الاعلي علي خامنئي بقدرتهم علي تجاوز الاخفاقات المتتالية، واعادة هيكلة الحرس بما في ذلك اقامة عدد كبير من كبار كوادره. أحمد عزت