من الصعيد جاء أحمد عسقلاني ليقدم رؤيته النحتية الخاصة ،والتي تحمل بساطة وتلقائية المكان الذي نشأ فيه، حيث قرر أن يختزل كل صراعات الحياة في »شخوص» يعرضها حالياً وحتي 5 مارس المقبل بجاليري مصر، في الزمالك. تبعاً لنظرية التطور للعالم الفرنسي »لامارك»، فإن العضو المستخدم ينمو ويكبر، بينما يضمر العضو غير المستخدم، ومن المحتمل أن يختفي فيما بعد،ربما هي نفس الفكرة التي قرر بسببها النحات أحمد عسقلاني اختزال رءوس شخوصه لتبدو ضئيلة الحجم، فاستخدام العقل في هذه الأيام أصبح نادراً ،بينما استخدام الجسد والقوة بات من سمات هذا العالم، لذلك لم يكن عجيبا أن تظهر أقدام شخوصه أكبر من روؤسها،وتحتل بطونها صدارة المشهد ،فاهتمام الإنسان بالمتع المادية فاق بكثير اهتمامه بالمتع الحسية،وفي نهاية الأمر تبدو الشخصيات سواء مفردة أو في تكوينات جماعية تائهة ،هائمة علي وجوهها، بعد أن أنهكتها الصراعات، ولاتحمل لبعضها البعض أي مشاعر بقدر ماتحمل للمتلقي مضموناً ساخراً ذا بعد فلسفي فربما تذكره هذه »الشخوص» بنفسه، أو بمن يشاهدهم حوله. أول مايلفت انتباهك وانت تطالع مجسمات عسقلاني هو قيامه بتعريتها، لتعري بدورها زيف المجتمع، تكويناته التعبيرية الفطرية المختزلة ذات الكتل المتثاقلة هي رسالة استغاثة للإنسان حتي يوقف صراعاته المادية ،قبل أن يفقد عقله ويتحول إلي واحد من »الشخوص».