تحدثنا في المقالة السابقة عن الأزمات التي تمر بحياة كل منا، وأن رؤية كل شخص إزاءها هي ما تميزه عن الآخرين. أيضًا ذكرنا أن المبادئ تؤدي دورًا كبيرًا في تخطي صُعوبات الحياة، وإن أبطأ تأثيرها! فهي الخير الذي ينتصر في النهاية. وبدأنا قصة الحاكم الذي تعرضت بلدته لمجاعة، فطلب من شعبها أن يضع كلٌّ كوبًا من اللَّبن في قِدر كبيرة وُضع وسَط المدينة، شريطة ألا يراه أحد! تعجب أهل القرية من طلب الحاكم، لكنهم أسرعوا بتنفيذ طلبه، وقام كل منهم أثناء الليل بحمل الكوب بين يديه، يتوشح برداء الظلام، ليسكب ما يحمله في تلك القِدر. وما إن ألقت الشمس بشعاعها علي المدينة لتُعلن بَدء يوم جديد، حتي كان حاكم المدينة يقف إلي جوار القِدر مستقبلًا أهل المدينة ليفتح القِدر. فإذا هو يري القِدر وقد امتلأت بالماء بدلًا من اللبن!! انزعج الحاكم، وسأل أهل المدينة عن اللبن ولِمَ لَم يكونوا أمناء في عملهم هذا. فلم يجد جوابًا سوي أن كل شخص قرر وضع كوب ماء بدلًا من اللبن، ظانًا أنه الوحيد الذي يضع الماء بدلًا من اللبن، ومعتقدًا أن كوبه لن يؤثر فيما يقدمه الآخرون من أكواب اللبن!! لقد قرر كل منهم أن يجعل الآخر يقوم بالعمل المطلوب، في الوقت الذي لم يلتزم هو بما طُلب منه!! ثم بدأ كل فرد منهم في اتهام الآخر بعدم الأمانة، ناسيًا أو متناسيًا أن يوجه كلُّ الاتهام إلي نفسه أولًا!! عندئذ تساءل الحاكم: ماذا يحدث لمدينة أهلها لم يكونوا صادقين، مخلصين، أمناء؟! وجاءت الأيام سريعةً بالإجابة علي تساؤله: فقد ازدادت الأمور سوءًا، وعم الجوع المدينة، ليَلقَي كثيرون حتفهم؛ فهم لم يجدوا ما يعينهم وقت الأزمات. وهذا ما يحدث بالفعل لمن يترك المبادئ جانبًا عند تصديه لأزمات الحياة. قصة أخري ترويها لنا »الأم تريزا» حدثت وقت أن كانت هي طفلة صغيرة، تقول: قام أحد الأصدقاء بزيارة أسرة؛ وفي أثناء حديثه إلي أفرادها، روي لها ما تعانيه إحدي الأسر الهندوسية الفقيرة بها ثمانية أطفال لم يتذوقوا الطعام أيامًا!! فما كان من »الأم تريزا» إلا أن أسرعت بأخذ طبق من الطعام وذهبت إلي تلك الأسرة، التي ما إن شاهدت أطفالها حتي رأت الجوع يكاد يقفز من عيونهم!! أخذت ربة الأسرة الطبق، وهي تردد كلمات الشكر »للأم تريزا»، مقدِّمةً نصفه فقط لأطفالها، واضعةً نصفه الآخر في صحن وتاركةً المنزل لتعود به بعد قليل خاليًا!! وللحديث بقية