تعد الاستجوابات من المفارقات الغريبة في البرلمان، فغالبية الأعضاء يطالبون باستمرار بتغيير الحكومة وسحب الثقة منها في الوقت الذي لايدرج أي استجواب واحد علي جدول أعمال المجلس بما يشير إلي عدم وجود رغبة حقيقية في مساءلة الحكومة وأن ما يطالب به الأعضاء مجرد »كلام» موسمي لإرضاء الشارع.. وعلي الجانب الآخر من المعادلة أو المفارقة فالمجلس يتعامل مع الاستجوابات علي أنها أحد الأسرار الحربية حتي أنه استعان بفكر د. فتحي سرور رئيس مجلس الشعب الأسبق في لائحته الداخلية لإجهاض الاستجوابات، ووضعت لمن يرغب في تقديم استجواب قائمة طويلة عليه استيفاؤها من المستندات والأدلة والاسانيد، ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد فحتي الاعضاء لا يعرفون عدد الاستجوابات.. كما أن أمانة المجلس »تتكتم» عليها باعتبارها من الأسرار، والمرة الوحيدة التي أعلن فيها عن عدد الاستجوابات »11 استجوابا» كان في تقرير انجازات دور الانعقاد الأول والذي لم يناقش فيه أي استجواب، ومؤخرا سأل أحد الاعضاء عن استجوابه فكان الرد أنه غير مستوفي الشروط.. رغم أن العرف البرلماني في كل دول العالم يعطي النواب الحق في إدراج الاستجوابات فقط دون الإفصاح عما لديهم من مستندات حتي يفاجئوا بها الحكومة أو الوزراء، وفي دول أخري يخطر الوزير بمثوله أمام البرلمان دون أن يكون لديه علم بما سيطرح عليه أو سيتم سؤاله عنه.. وفي محاولة لتبرئة البرلمان برئاسة د. علي عبدالعال من تهمة إجهاض الاستجوابات أكد أحد أعضاء هيئة مكتب المجلس أن أغلب ما قدم لايتضمن أدلة دامغة للاتهامات حتي يرقي لمستوي استجوابات، لكن هناك عدد محدود من الاستجوابات التي قدمت قد استوفي جزءاً كبيراً من الشروط إلا أن هيئة مكتب المجلس طلبت استيفاءها بالكامل، مشيرا إلي أن المجلس ليس في حاجة لاستجوابات حيث يناقش في جلساته العديد من طلبات الإحاطة والأسئلة بما يؤكد أن المجلس يؤدي دورة الرقابي.. ورداً علي ما قاله عضو هيئة مكتب المجلس أبدي عدد من مقدمي الاستجوابات استياءهم من عدم إدراج استجواباتهم بحجج غير مقنعة مما اضطرهم في النهاية لتحويل الاستجوابات إلي طلبات إحاطة حتي يتسني لهم مواجهة الحكومة بها، ومن بين النماذج استجواب لوزيري البيئة والبترول تم تحويله لطلب إحاطة بشأن إنشاء مصنع للبتروكيماويات بمنطقة مسطرد وسط الكتلة السكانية بما يشكل خطورة علي صحة المواطنين، وكان الاستجواب متضمنا تقارير من كلية العلوم بجامعة القاهرة تثبت أن المصنع ضار بالبيئة ولايجوز انشاؤه بتلك المنطقة، كما تضمن تقارير دولية تفيد بأن نسبة الانبعاثات الملوثة للبيئة والناتجة من المصنع تفوق الحدود المسموح بها دولياً، ومن بين النماذج أيضا ما قدمه أحد الاعضاء عن بيع إحدي شركات وزارة التموين لزيت طعام بالسعر المدعم لاحدي شركات الحديد لاستخدامه في تبريد »الخام» بالمخالفة للقانون لكن المجلس أجل الاستجواب والذي يجري نظره أمام القضاء.